كتب – هيثم العابد:
مخطئ من يظن أن مصر في عهد عبد الفتاح السيسي خرجت بصفر كبير في كافة التصنيفات العالمية، فالجنرال القادم إلى السلطة على ظهر دبابته الروسية العتيقة تمكن باقتدار عبر سياسته القمعية وإدارته الفاشية للبلاد على مدار عامين من الإرتقاء بـ«أم الدنيا» في سلم ترتيب عدد مستخدمي أحد أكبر المواقع الإباحية في العالم.
ولأنه في دولة السيسي لا يمكن أن تكون الأولوية لملفات الصحة والتعليم والسياحة والاقتصاد أو سائر القطاعات التي تمثل تماسّا مباشرا مع المواطن البسيط، كان يستلزم بالضرورة أن يكون ارتقاء مصر عالميا في تلك القطاعات التي يرغب العسكر أن يمر الشباب من خلالها إلى الشارع ليس من الباب الثوري بطبيعة الحال، وإنما عبر ممرات ضيقة تسمح لدولة الجنرالات بإحكام قبضتها على مفاصل الدولة.
لذلك لم يكن بمستغرب أن تجد مصر تتقدم الصفوف في معدلات الفساد والتحرش وغيرها من التصنيفات السلبية، إلا أن الأمر ربما تخطى مرحلة الانهيار في البنية التحتية والخدمية ليكشف عن التردي الأخلاقي والقيمي الذى ترعاه دولة السيسي، حيث زاحمت «أم الدنيا» على المقاعد الأولى لأكثر دول العالم استخداما للمواقع الإباحية على شبكة الإنترنت.
مجلة "إيكونوميست" البريطانية، كشفت في تقرير عن صناعة الأفلام الإباحية، أن مصر احتلت المركز الـ18 عالمياً في ترتيب عدد مستخدمي أحد أكبر المواقع الإباحية في العالم، متصدرة الدول العربية والإسلامية جميعاً، حيث استحوذت على 2% من الزيارات لأحد أكبر المواقع الجنسية.
ولأن مصر في عهد السيسي تقف ندّا للولايات المتحدة الأمريكية –بحسب مزاعم الأذرع الإعلامية- لذلك حرصت دولة الجنرال على مزاحمة واشنطن في حصتها من مشاهدة المواقع الإباحية وأكدت لداعم الإرهاب باراك أوباما أنها قادمة بقوة في مضمار التنمية في بلاد القمع، فجاءت على بُعد خطوات قليلة في التصنيف خلف أمريكا التى استحوذت المركز الأول 38%، قبل بريطانيا الثانية بـ 14 %.
وأوضح التقرير أن مصر استفادت بشدة من كسر الحلقة القوية التي كانت المواقع الإباحية تفرضها على محتواها لتتمكن من فرض رسوم على الراغبين في الحصول على مواد إباحية، مشيرة إلى أن المواد الجنسية المجانية مكنت الكثيرين في الدول النامية –وعلى رأسها مصر- من مشاهدة ما يرغبون فيه دون دفع أموال قد لا يستطيعون تحملها.
ولأن هذا الاتجاه لا يمثل قلقا لدولة السيسي، لخّصت المجلة الوضع المزري في البلد الذى يقبع في قلب العالم الإسلامي وحللت سبب تنامي وتفشي تلك الظاهرة، مؤكدا أن غالبية الدول التي تفرض رقابة على الإنترنت لا تهتم بفرض رقابة على المواد الإباحية بقدر اهتمامها بالرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً لإمكانية استخدام الأخيرة في الأغراض السياسية.
وحذرت المجلة –بشكل عام- من أن استمرار الاتجاه إلى مجانية المواد الإباحية يهدد بفوضى حقيقية في هذا المجال، لأن المنتجين والفاعلين المؤثرين في تلك الصناعة يتحولون تدريجياً من فكرة بيع المحتوى إلى فكرة تسويق الإعلانات إلى جواره، مما يهدد بالمزيد من التوسع في مستخدمي هذه المنتجات وإن قلت أرباح منتجيها.. غير أن دولة السيسي ربما لن تأخذ تلك التحذيرات بمحمل الجد لأن التوسع لن يضر المنظومة الفاشية بقدر ما يسحب الشباب من طاولة التواصل الاجتماعي إلى ضيق الجنس والتغييب.