أفضى إلى ما قدّم.. بين يدي “عادل”

- ‎فيمقالات

مات مبارك بعد أن حكم 30 سنةً وقامت ضده ثورة يناير، مات بعد أن ترك في كل بيتٍ مريضًا بالسرطان والفشل الكبدي والفشل الكلوي، ولكن لا نتحدّث عن جنة أو نار، هذه أمور بيد المولى- سبحانه وتعالى- فلسنا من يملك صكوك الغفران، أو يقطع لأحد بجنةٍ أو نارٍ.

لكن لفت نظري نعي “سعد الحريري” لمبارك، قائلا: “تنطوي برحيل الرئيس حسني مبارك حقبة من تاريخ مصر والأمة العربية، حفلت بالإنجازات والإخفاقات على حدٍ سواء، وتركت بصمات من التطور والحداثة في مختلف المجالات. الرئيس مبارك كان صديقًا وفيًّا للبنان وعلامة مضيئة من علامات التضامن العربي، نذكره بالخير ونسأل له الرحمة والرضوان”.

ولا أدرى ما الإنجازات التي يقصدها الحريرى، إن كانت له إنجازات، سوى رعاية الفساد والمفسدين، وجلب الأمراض والأوبئة، والفقر والتخلف.

أما “نتنياهو” فقد عبّر عن حزنه على كنز الصهاينة الاستراتيجي قائلاً: “أعبر عن حزني البالغ لرحيل حسني مبارك.. كان صديقًا التقيته عدة مرات وكان داعمًا للسلام مع إسرائيل”.

عندما خاطب الشعب، في أول خطاب له أمام مجلس الشعب، قال قولته المشهورة: “الكفن ملوش جيوب وسنعلي من شأن الأيادي الطاهرة”; معلنا أنه سيحكم لفترة واحدة فقط، لكن اتضح أن للكفن بنوكًا في سويسرا بدلا من الجيوب تتسع لكل الفاسدين ورجال الأعمال من مصاصي دماء الشعب، بعدما تم التزاوج بين السلطة ورجال الأعمال، حتى أصبح 2% تقريبًا من الشعب يتحكمون بـ40% من الدخل القومي.

ومن أقواله المأثورة أيضا: “لن أرحم أحدًا يمد يده إلى المال العام حتى لو كان أقرب الأقرباء، إنني لا أحب المناصب ولا أقبل الشللية، وأكره الظلم ولا أقبل أن يُظلم أحد، وأكره استغلال علاقات النسب”.

وقال لصحيفة نيويورك تايمز، في 20 أكتوبر 1981: “الكل سواء عندي أمام القانون ونحن لا نريد قانون الطوارئ”، كما قال لمجلة أكتوبر في 26 أكتوبر عام 1981: “لن أقبل الوساطة وسأعاقب لصوص المال العام”، وقال لمجلة المصور في 30 أكتوبر عام 1981: “مصر ليست ضيعة لحكامها”.

وقال: “لن أقطع على نفسي وعدًا لا أستطيع تنفيذه، ولن أخفي على الشعب حقيقة، ولن أتهاون مع الفساد الفوضوي”.

وكما قال “جمال زهران”، أحد نواب جماعة الإخوان المسلمين، تحت قبة البرلمان: “إن مجموعة أفراد اغتصبوا أراضي الدولة، وهم أحمد عز ومجدي راسخ (والد هادي زوجة جمال مبارك)، وهشام طلعت مصطفى ومحمد فريد خميس ومحمد أبو العينين”.

وفى عهده الميمون، احتلّت مصر الصدارة في نسب الإصابة بالأمراض والأوبئة، إذ بلغت الأولى في العالم في نسبة التلوث، وكذلك الأولى من حيث عدد المصابين بالسرطان والفشل الكلوي وفيروس سي الذي نهش كبد 13 مليون مواطن، وأصبح هناك أكثر من 20 مليون مواطن يعانون الاكتئاب.

وعاش أكثر من 41% تحت خط الفقر، و45% من الشعب لاذوا بالعشوائيات لتكن مأوى لهم، وتزاحمت القاهرة بـ35 منطقة عشوائية، وارتفاع معدلات البطالة إلى 29%، وأصبح 5 ملايين شاب بلا عمل، وبات الطريق أمامهم مقسومًا ما بين الانتحار حتى وصل إلـى 3 آلاف محاولة سنويًا، وبين الغرق وسط البحار دون العيش بلا عمل، وفر آخرون بطريقة شرعية.

وبلغ عدد المهاجرين 4 ملايين مواطن، منهم 820 ألفًا من الكفاءات، و2500 عالم في تخصصات مختلفة، و6 ملايين آخرين طلبوا الهجرة لأمريكا عام 2005، وذلك وفقًا لتقرير التنمية البشرية.

كما تم تهريب 134 مليار دولار خرجت من البلاد على مدى الـ30 عامًا، إبان حكم مبارك، بحسب تقرير لقناة “سي بي سي”، أعده خبراء من البنك الدولي، وكذلك بلغت ديون مصر 614 مليار جنيه.

ومن أسوأ ما شهده عصر مبارك حوادث الطرق والعبارات، ومنها: استشهاد 1400 شخص إثر غرق عبارة السلام 98، ومقتل 75 راكبًا وإصابة المئات في تصادم قطار عام 1995، وراح 50 شخصًا آخرون ضحية قطار الإسكندرية عام 1997، وسقط أكثر من 350 قتيلًا في حادث قطار العياط عام 2002، و80 قتيلا ضحية اصطدام قطار المنصورة- القاهرة في عام 2006. وفي العام التالي سقط 58 قتيلًا في قطار الصعيد وغيرها الكثير، حتى بات يسقط 6 آلاف قتيل و23 ألف مصاب سنويًا.

ناهيك عن خصخصة القطاع العام، الذى رافق قانون الأعمال 203 لسنة 1991، الذي أفضى لبيع شركات القطاع العام، بثمن بخس لحفنة من المستثمرين، وتشريد عشرات الآلاف من العمال، والفصل التعسفي لآلاف آخرين.

وبعد كل هذه الكوارث التي تسبب فيها، تقام له جنازة عسكرية، ويعلن الحداد لثلاثة أيام، وتنكس له الأعلام!.

أما الرئيس المنتخب فيموت في قفص زجاجي مظلومًا، ويحرم من الدفن في قريته وينكل بأنصاره.

ولله در خالد أحمد توفيق، عندما رأى بعض المصريين يعترضون على خلع مبارك، فكتب يقول: “ربما راودتك فكرة الشيخ المريض أو عزيز القوم الذى ذل.. لكنك تتذكر الغاز الطبيعي الذى أعطوه لإسرائيل.. تتذكر مصمصة مصر لتحويلها إلى هيكل عظمى صالح لإلقائه إلى الكلاب.. تتذكر من ماتوا فى المظاهرات.. تتذكر العبّارة والدويقة.. تتذكر السرطان والفشل الكلوي وكل الذين انتحروا لأنهم لم يجدوا عملا، أو لأنهم لم يستطيعوا إطعام أطفالهم”.

تتذكر هؤلاء فتتلاشى أية رواسب للشفقة قد تكون تكونت فى داخلك.