إثيوبيا تتحدى المنقلب وتنشر أسلحة متطورة لحماية “سد النهضة”

- ‎فيتقارير

واصلت الحكومة الإثيوبية تحديها لسلطات الانقلاب في مصر بشأن أزمة "سد النهضة"، ونقلت صحيفة "السوداني"- عن مصادر مطلعة على شئون الدفاع والأمن­- قيام الجيش الإثيوبي بنشر منظومة دفاع جوي جديدة روسية الصنع بالقرب من موقع سد النهضة.

أسلحة متطورة

وقالت المصادر، إن أديس أبابا سعت لدى الجانب الروسي منذ وقت مبكر للحصول على منظومة دفاع جوي مناسبة قادرة على حماية مشروع سد النهضة من أي تهديدات، وتعمل كردع استباقي تجاه أي مخططات تستهدف المساس بجسم السد، متوقعة أن تكون إثيوبيا قد أكملت نشر منظومة من طراز "بانتسير إس-1" (Pantsir-S1)  قبل حوالي شهر من الآن.

جاء ذلك بالتزامن مع إعلان رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، عن أن قرار تعبئة سد النهضة لا رجعة فيه، وأن بلاده تقيم السد من أجل نمو إثيوبيا، وسط استمرار عجز سلطات الانقلاب في مصر في التعامل مع تطورات الأزمة، والاكتفاء بإصدار البيانات التي تستنكر وتستجدي استئناف الحوار مع الجانب الإثيوبي.

وعقب تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، وجهت وزارة الري السودانية دعوة إلى وزيري الري والموارد المائية الإثيوبي ونظيره في حكومة الانقلاب في مصر، لاجتماع افتراضي اليوم الثلاثاء، الأمر الذي سارعت إلى قبوله رئاسة الانقلاب في مصر، مؤكدة "قبول دعوة السودان بالمشاركة في استئناف مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، رغم تحفظها على احتمال تحويل المفاوضات إلى أداة للتنصل والمماطلة".

وقال بيان رئاسة الانقلاب، إن "مشاركة القاهرة في هذا الاجتماع تأتي من أجل استكشاف مدى توفر الإرادة السياسية للتوصل إلى اتفاق، وتأكيدا على حسن النوايا"، مضيفا: "جاء ذلك منعا لأن تصبح المفاوضات أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث عام 2015"، مشيرا إلى أن "دعوة السودان صدرت في اليوم الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية التأكيد على اعتزامها السير قدما في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق".

فشل السيسي

وكانت سلطات الانقلاب قد أبلغت، الأربعاء الماضي، روسيا وألمانيا وإيطاليا بقبولها استئناف مفاوضات "سد النهضة" الإثيوبي، وتقدمت سلطات الانقلاب في 6 من مايو الماضي، بخطاب إلى مجلس الأمن لبحث "تطورات" سد النهضة الإثيوبي، المتوقفة مفاوضاته منذ أشهر، وقال وزير خارجية الانقلاب سامح شكري، في بيان، إن الخطاب تطرق إلى أهمية تسوية هذا الملف بشكل عادل ومتوازن للأطراف المعنية الثلاثة (القاهرة والخرطوم وأديس أبابا).

وكان وزير الري الأسبق، محمد نصر الدين علام، قد اتهم الكيان الصهيوني بالتلاعب بشكل خفي في أزمة سد النهضة بمساندتها لإثيوبيا، مشيرا إلى استخدام "إسرائيل" جميع أدوات سياسة العصا والجزرة في أزمة سد النهضة، حيث قالت بريطانيا منذ زمن بعيد، إن نهر النيل أهم شيء للمصريين، وإذا أردت أن تضيق عليهم الخناق "اقفل الحنفية"، وهم يريدون حاليا استخدام هذا السلاح".

وأضاف علام: "نتمنى من الحكومة السودانية أن تراعى مصالح الشعب السوداني جيدا.. ونحن نريد من السودان أن ينظر إلى مخاطر سد النهضة لأرض السودان، لأنها مخاطر هائلة حيث إن فيضانا واحدا فقط من سد النهضة يمكن أن يزيل ولاية النيل الأزرق تماما، لأن هذا السد أخطر من جميع السدود الموجودة فى إثيوبيا".

من جانبه أكد الدكتور أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، في وقت سابق، فشل مفاوضات سد النهضة وعدم جدواها على الإطلاق، مطالبا بوقفها فورا، معتبرا إياها "فاشلة بامتياز" ولن تأتي بأي جديد، لأنها تنحصر فقط في نقاش نقطتين فرضتهما إثيوبيا على السودان ومصر، وهما الملء الأول، والتشغيل السنوي، ولا تناقش إطلاقا أهم نقطتين، وهما أمان السد، والأمن المائي.

مفاوضات بائسة

وقال المفتي، إن "أمر الغرق والعطش والجفاف بالنسبة لمصر والسودان أصبح بكل أسف مسألة وقت ليس إلا، وقد بدأ بالفعل العد التنازلي للغرق والعطش الذي نسير في الطريق إليه، وستكون تداعياته كارثية"، مطالبا بـ"وقف المفاوضات العبثية الحالية، وإعادة التفاوض من جديد خلال شهرين فقط على ضوء الـ15 مبدأً المنصوص عليها في المادة 3 من اتفاقية عنتيبي"، داعيا مصر والسودان إلى سحب توقيعهما على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في عام 2015؛ وذلك لتجريده من "شرعيته المزيفة".

وأشار المفتي إلى أن البيان الختامي لاجتماع القاهرة الذي انعقد بتاريخ 2 و3 ديسمبر الماضي، اكتنفه الغموض وعدم الشفافية، وكأنما مياه النيل أمر يخص وزراء الري وحدهم، وليس من حق الشعوب أن تعرف حقيقة ما يدور، حيث لم يتم الإفصاح من خلال البيان الختامي المشترك عن ماهية المقترحات التي قال إن الوفد السوداني طرحها، لافتا  إلي أنه وإمعانا في الغموض وعدم الشفافية لم يوضح البيان طبيعة ما وصفه بتقارب وجهات النظر بشأن ملء السد خلال السنوات المطيرة، وإذا ما لخصنا البيان المشترك فإننا سوف نكتشف بكل بساطة أنه بعد ثماني سنوات من التفاوض، تضمن كلاما غير مفهوم.

وأكد المفتي أن تلك الاجتماعات لن تصل إلى أي شيء، وإذا ما وصلت إلى أفضل شيء يمكن توقعه، وهو ملء السد خلال 7 سنوات، فأنها ستكون كارثة بكل المقاييس بالنسبة للسودان ولمصر كذلك، ولن يحدث أي شيء جديد؛ لأن إثيوبيا ستتمسك بموقفها أكثر، وأمريكا ستضغط على مصر والسودان لإجبارهما على الموافقة والتوقيع على اتفاق قانوني، في ضوء إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في عام 2015، والاتفاق الجديد سيقنن مواد إعلان المبادئ".

وأكد المفتي ضرورة إيقاف المفاوضات العبثية الحالية، وإعادة التفاوض من جديد على ضوء الـ15 مبدأ المنصوص عليها في المادة 3 من اتفاقية عنتيبي، والتي تم الاتفاق عليها سابقا من جميع دول حوض النيل بعد 15 سنة من التفاوض، وبموافقة ومشاركة وتمويل 13 جهة دولية من بينها الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والبنك الدولي، بشرط أن يتوقف تشييد بناء السد أثناء إعادة التفاوض كدليل جدية من طرف إثيوبيا، وأن تقوم مصر والسودان بسحب توقيعهما على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في العام 2015، وذلك لتجريده من شرعيته المزيفة، لأن إعلان المبادئ هو استسلام بالكامل من قبل السودان ومصر، وتفريط في كل الحقوق المائية لهما، مع الإعلان عن أن إثيوبيا لها الحق الكامل في بناء سد النهضة، ولها الحق في توليد الطاقة الكهربائية، لكن بشرط حفظ الأمن المائي وأمان السد بالنسبة للدول أسفل النهر، وبذلك نكون قد حافظنا على حقوق كل الدول.