إنفجار بيروت بين إجرام الصهاينة وإهمال الحكومة وتهرب نصرالله

- ‎فيعربي ودولي

تنهمر التحليلات حول سبب الكارثة المروعة التي حلت بلبنان يوم 4 أغسطس 2020م، وتدور أحاديث حول تحقيق محلي أو دولي، لكن المؤكد أن انفجارا بهذا الحجم، لن يترك خلفه دليلا يدينه أو خيطا يربطه بالجريمة التي أسفرت عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف وخسائر تصل إلى 5 مليارات دولار بحسب تقديرات أولية. يدور الكلام الرسمي وشبه الرسمي بشأن الكارثة حول وجود 2750 طنا من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، كانت مخزنة منذ سبع سنوات هي التي تسببت في التجفير الضخم.

"رويترز" نقلت عن المدير العام للجمارك بدري ضاهر، قوله إن الجمارك أرسلت ست وثائق إلى القضاء تحذّر ‏من أن المواد المشار إليها تشكل خطرا، مضيفا: "طلبنا إعادة تصديرها لكن ذلك لم يحدث…

نترك للخبراء ‏والمعنيين تحديد السبب".‏ ونقلت عن مصدر آخر مقرّب من موظف في الميناء أن الفريق الذي تفحّص نترات الأمونيوم قبل ستة أشهر ‏حذّر من أنه إذا لم يتم نقلها فسوف "تفجر بيروت كلها".‏ وبحسب وثيقتين اطلعت عليهما الوكالة، فقد طالبت الجمارك اللبنانية السلطة القضائية عام 2016 ‏و2017 بمطالبة "الهيئة البحرية المعنية" بإعادة تصدير أو الموافقة على بيع نترات الأمونيوم التي ‏أنزلت من سفينة الشحن "روسوس"، وأودعت في المستودع 12، لضمان سلامة المرفأ.‏ وأشارت وثيقة أخرى إلى طلبات مماثلة في العامين 2014 و2015.‏ وكان موقع "‏Shiparrested.com‏"؛ وهو شبكة صناعية تتعامل مع القضايا القانونية أورد في تقرير ‏عام 2015 أن سفينة "روسوس"، التي تبحر تحت علم مولدافيا، رست في بيروت في أيلول 2013 عندما واجهت مشاكل فنية أثناء الإبحار من جورجيا إلى موزمبيق مع 2750 طنا من نترات الأمونيوم. ويتساءل الكاتب ياسر الزعاترة في مقاله «عن زلزال بيروت.. من ولماذا وكيف؟»: هل تبدو حكاية السفينة ومشاكلها الفنية، وبالتالي تخزين هذه الكمية في المرفأ، ومن ثم بقاؤها 7 سنوات؛ مقنعة حقا، أم أن حزب الله قد احتفظ بالكمية لغاياته الخاصة المتعلقة بصناعة المتفجرات؟

ويرى أن الاحتمال الثاني هو الأكثر منطقية، وهو أمر لن يكون من العسير تبريره باعتبار أن ذلك جزء من أدوات المقاومة. ويعلم الجميع أيضا أن الحزب هو المتحكم العملي بالدولة منذ اغتيال الحريري عام 2015، بل إنه المتحكم عمليا بالمطار والميناء، وهذا أمر يعلمه الصغير قبل الكبير في لبنان.

ويشدد الكاتب على أن ذلك لا ينفي مسؤولية بقية الطبقة السياسية عن هذه القضية، لا سيما وهي تعلم خطورة هذا الأمر، لكن واقع الحال أن أحدا منهم، بما في ذلك قادة حزب الله لم يتخيّل أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث، كما أن من العبث مساواة الجميع في المسؤولية، مع ما نعلمه من هيمنة الحزب على الدولة. ويجب التنويه إلى أن حسن نصر الله زعيم حزب الله، هدد قبل سنوات، الاحتلال الإسرائيلي بتفجير مخازن الأمونيا على شواطئ حيفا المحتلة وتحدث يومها عن تفجير شبه نووي سيؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف. ومرت الأيام والسنون

ويبدو أن الصهاينة بادروا بالتفجير الذي هدد به نصر الله، وأصابوا الدولة اللبنانية الهشة في مقتل يصعب النهوض منه سريعا. وبحسب الكاتب الأردني ماهر أبو طير، في مقاله بعنوان « فتشوا عن إسرائيل في مرفأ بيروت»، فإنه على الأرجح أن ما جرى في مرفأ بيروت عمل تخريبي، عبر عميل زرع عبوة ناسفة تم توقيتها، داخل العنبر، فانفجرت دون موعد، ليس ردا على تهديد حسن نصر الله القديم، بل لغايات أخرى، وعملية زرع العبوة الموقوتة ليست صعبة، في بلد يوجد لإسرائيل فيه عملاء كثيرون. التفجير إذا كان بفعل فاعل، وإذا كان الغضب الشعبي ينصب على مؤسسات الدولة اللبنانية بسبب الإهمال، وترك مدينة بحرية عائمة على شبه قنبلة نووية طوال هذه السنوات، بحيث وجد من أراد بلبنان شرا قنبلة جاهزة للتفجير دون ان يتحمل أي مسؤولية علنية، فإن هذا لا ينفي ان الحادث يصب في إطار آخر، هو المعركة بين حزب الله وإسرائيل، والحاجة لخلخلة لبنان كليا فوق أزماته.

من جانبه، نفى حزب الله وجود مخازن أسلحة له بالمرفأ، والغريب أنه يدفع بكل قوته من أجل نفي رواية الحادث التخريبي من جانب الصهاينة حتى لا يتحمل المسئولية أمام اللبنانيين وقد اصبحوا بلا ميناء، ولا وقود ولا أدوية ولا قمح يكفي، ولا غذاء بسبب تدمير الميناء، فحزب الله هنا، ليس من مصلحته أن يتحمل الكلفة أمام اللبنانيين، وأنه جلب إليهم اللعنات عبر الإسرائيليين، الذين يريدون تدمير لبنان كونه بات تحت حكم حزب الله. ومن الطيبعي أيضا أن ينفي الإسرائيليون علاقتهم بالحادثة حتى لا يتحملوا الكلفة أمام العالم، كلفة الضرر الواقع على الأبرياء، وتدمير مدينة بأكملها، وتجنبا لرد فعل حزب الله، الذي أيضا للمفارقة لن يرد على الحادثة حتى لو تأكد أنها مجرد عمل تخريبي، كون لبنان اليوم في أضعف حالاته، ولا يحتمل الدخول في حرب، ولا جر البلد إلى مواجهة بهذا الشكل.