احتجاجًا على انتهاكات حقوق الإنسان.. دول العالم: نظام العسكر بمصر إجرامي دموي

- ‎فيتقارير

دول العالم بدأت تضيق بممارسات نظام العسكر وانتهاكاته لحقوق الإنسان والاعتقالات التعسقية والتصفيات الجسدية التي لم تتوقف منذ وقوع الانقلاب الدموي في 3 يوليو 2013 وأعلنت بعض الدول عن إدانتها واستنكارها لتلك الممارسات الإجرامية.

ووصفت نظام الانقلاب بأنه إجرامي دموي مطالبة المجتمع الدولي بمحاسبة نظام العسكر وعدم السماح له بالإفلات من تلك الجرائم غير المسبوقة.

كان 66 نائبا فرنسيا من مختلف الأحزاب السياسية قد دعوا للإفراج عن الناشط المصري الفلسطيني رامي شعث أحد وجوه ثورة يناير والمنسق في مصر لحركة مقاطعة إسرائيل والذي ألقت ميليشيات العسكر القبض عليه 5 يوليو الماضي، كما طالبوا بالإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين تعسفيًّا في سجون العسكر وندَّدوا بالقمع غير المسبوق الذى تمارسه ميليشيات الانقلاب.

وقال النواب – وأغلبهم ينتمي إلى حزبي “الجمهورية إلى الأمام” الرئاسي و”الجمهوريين” (يمين) في مقال نشره موقع صحيفة “لوموند” إنه “في 25 يناير 2011 نزل المصريون إلى الشارع؛ للمطالبة بلقمة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبعد تسع سنوات، النتيجة واضحة: التغيير الذي طالبوا به لم يحصل.

وأضافوا: إننا نشهد تشددًا غير مسبوق للقمع الذي يمارس اليوم بحق المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين والمحامين والصحفيين.

 

أوضاع مأساوية

وأدان النواب الفرنسيون تجديد الاعتقال المؤقت لرامي شعث بدون أساس قانوني، لافتين إلى أنه تم مرارًا تأجيل جلسات محاكمته فجأةً؛ ما حال دون حضور مراقبين دوليين.

وأكدوا أن شعت مسجون في ظروف غير إنسانية، ومحروم من تلقي العلاج كسائر السجناء، وأن صحته تدهورت.

وتابعوا: قبل أيام توفي مصطفى قاسم المواطن الأمريكي في السجن جرَّاء الإضراب عن الطعام والإهمال صحي، وتوفي سجينان آخران بسبب البرد.

وأعرب النواب عن قلقهم الشديد لهذه الأوضاع المأساوية التي تعد انتهاكًا للتعهدات الدولية التي وقَّعت عليها دولة العسكر، مطالبين السلطات الفرنسية بالتحرك للإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين ظلمًا في سجون السيسي.

وأكدوا أن عبد الفتاح السيسي منذ انقلابه الدموي عام 2013 يقود حملة قمع ضد أي شكل من أشكال المعارضة، سواء صدرت من إسلاميين أو ليبراليين.

 

المساعدات العسكرية

كانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد طالبت المشرعين الأمريكيين بإصدار قانون يربط تقديم المساعدات العسكرية لدولة الانقلاب بسجلها الحقوقي.

وقالت المنظمة في بيان لها: “تحدث أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الكونجرس عن وفاة مصطفى قاسم، وكان غضبهم واضحًا، لكن عليهم توجيه غضبهم نحو إعداد قانون يربط المساعدات العسكرية الأمريكية لنظام الانقلاب بسجله الحقوقي ويجرد إدارة دونالد ترامب من القدرة على التنازل عن هذه الشروط” التي سيفرضها القانون.

وأشارت المنظمة إلى وجود مواطنين أمريكيين آخرين في سجون العسكر، بينهم ريم الدسوقي، معلمة الفنون في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، التي اعُتقلت في أغسطس 2019 بسبب منشوراتها على “فيسبوك”.

 

محمود حسين

وقال النائب الأمريكي جيم ماكجوفرن: إنه سيعمل على طرح قضية محمود حسين صحفي “الجزيرة” المعتقل في سجون العسكر على الإدارة الأمريكية ومتابعة الأمر معها.

وأضاف ماكجوفرن، في تصريحات صحفية: الصحفيون في جميع أنحاء العالم وليس في دولة العسكر فقط يعانون من الاحتجاز والاعتقال وعدم اتباع الإجراءات القانونية اللازمة، وهو أمر يثير قلقنا الشديد ونأمل ونصلي من أجل إطلاق سراح الصحفي محمود حسين.

وتواصل سلطات العسكر اعتقال محمود حسين منذ أكثر من ثلاث سنوات دون تقديمه للمحاكمة، رغم تجاوزه مدة الـ24 شهرًا التي يحددها القانون كحد أقصى للحبس الاحتياطي.

واعتقل محمود حسين أثناء زيارة اعتيادية لعائلته في مصر، في 20 ديسمبر 2016، ولم يكن حينها مكلفًا بمهمة عمل أو تغطية صحفية، ومنذ اعتقاله جدّدت النيابة حبسه احتياطيًّا أكثر من 20 مرة دون محاكمة.

وكانت المحكمة في 23 مايو الماضي قد قررت إخلاء سبيل حسين، لكن سلطات العسكر أدرجته في قضية جديدة وقررت حبسه على ذمتها، وتعرض حسين على مدى فترة اعتقاله لانتهاكات جسيمة، وظل في محبسه الانفرادي عدة أشهر محرومًا من الزيارات والمتابعة الطبية.

 

اتهامات باطلة

وقالت سيلين لوبران زوجة الناشط الفلسطيني رامي شعث المعتقل ان العشرات من قوات أمن الانقلاب اقتحموا شقتنا بدون سابق إنذار، وكانوا مدججين بالأسلحة، بعضهم كانوا ملثمين، وبدءوا بتفتيش المنزل، كما صادروا أجهزة الحاسوب وأجهزة الهاتف الخاصة بنا.

وأضافت: عندما استفسر رامي منهم بشأن عملية المداهمة رفضوا الإجابة عن أسئلته، وتم اعتقاله على الفور واقتيد إلى جهة غير معلومة.

وتابعت لوبران: كانت لحظات مؤلمة جدًّا عندما اقتيد في سيارة شرطة وأنا في سيارة أخرى، دون أن أعرف إلى أين ذهبوا به، وبعد 36 ساعة من اعتقاله ظهر رامي أمام نيابة أمن الدولة للتحقيق معه، دون سماح له بالتواصل مع عائلته أو توكيل محامٍ للدفاع عنه.

وأشارت إلى أنها عندما اعترضت على الأمر هدَّدوها بترحيلها فورًا إلى فرنسا ومنحوها عشر دقائق لجمع أغراضها، كما طلبت منهم التواصل مع القنصلية الفرنسية كونها مواطنة فرنسية؛ الأمر الذي تم رفضه، و”صباح اليوم التالي تم ترحيلي بشكل قسري إلى باريس، دون تقديم أي مبرر لي أو للسلطات الفرنسية”.

وأوضحت لوبران أن رامي اعتقل مثله مثل كل المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين السياسيين والمحامين في دولة العسكر بتهمة باطلة، وهي مساعدة مجموعة إرهابية، مؤكدة أن سلطات العسكر تستغل قوانين محاربة الإرهاب كأداة لقمع كل الأصوات المعارضة لها ولمصادرة الحريات.

وقالت إن هذا النوع من الاتهامات يسمح لسلطات العسكر باعتقال الناشطين دون تقديمهم للمحاكمة أمام القضاء، كما أنها تكون غير مجبرة على تقديم أدلة على الاتهامات التي تلفقها لهم.

واعتبرت أن اتهام زوجها بمساعدة “خلية إرهابية” محض هراء واتهامات باطلة لافتة إلى أن كل ناشط أو معارض ينتقد سلطات العسكر يتهم بهذه التهم السخيفة؛ لأنها لم تجد غيرها لتلفيقها لرامي للزج به في السجن، بعدما فشلت في مواجهة أفكاره وأنشطته السلمية الداعية إلى مقاطعة إسرائيل باعتبارها دولة احتلال.

 

مسئولية أمريكية

وقال كريم طه، مدير الجبهة المصرية لحقوق الإنسان في أوروبا: إن إدانة الإدارة الأمريكية لوفاة مواطنها في سجون العسكر لا يعفيها من مسئولياتها الأخلاقية، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تتحمل مسئولية كبيرة تجاه مواطنيها المعتقلين في سجون الانقلاب.

وأعرب طه عن أسفه لأن الوضع تغير بعد الانقلاب العسكري؛ بسبب المصالح المشتركة التي أجبرت الإدارة الأمريكية على التراجع خطوات للوراء، وهي تدفع ثمن هذا التراجع.

وحول ما إذا كانت وفاة قاسم قد تحرك المياه الراكدة في ملف حقوق الإنسان في دولة العسكر، أوضح طه أن هذا التحرك مرهون برد فعل المجتمع المدني الأمريكي، وسياسة المعارضين لإدارة ترامب، وربما نرى الإفراج عنهم وقدومهم في طائرة خاصة.

 

إهدار الحقوق

وقال مصطفى عزب، مسئول الملف المصري بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا: إن إهدار حقوق الإنسان هو السمة السائدة لدى دولة العسكر في التعامل مع حقوق أي مواطن، سواء كان مصريا أو أجنبيا أو حاملا جنسية دولة أخرى، ليس هناك تمييز في المعاملة إلا في التناول الإعلامي.

وأضاف عزب في تصريحات صحفية: على هذا الأساس ستكون التحقيقات التي وعدت سلطات الانقلاب بإجرائها هي والعدم سواء، مؤكدًا أن نظام العسكر لن يدين نفسه؛ لأنه متورط في قتل كافة المعتقلين المتوفين بالإهمال الطبي والتعذيب وسوء أوضاع الاحتجاز.

واتهم الإدارة الأمريكية بالتنازل عن حقوق مواطنيها المعتقلين في دولة العسكر، قائلاً: إن السلطات الأمريكية تعلم ومنذ اليوم الأول باعتقال مصطفى قاسم، ومع هذا لم تتخذ أي إجراءات، ولم تفعل ما يجب فعله كي تضمن تعرضه لمحاكمة عادلة أو احتجازه في ظروف ملائمة لمرضه، رغم قيامها بزيارته عدة مرات في مقر اعتقاله وفي المستشفى.

وأوضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصلته رسالة بخط اليد كتبها قاسم من داخل محبسه، وتم تهريبها بصعوبة، طلب منه المساعدة وناشده فيها التدخل لإنقاذ حياته التي كانت أوشكت على الهلاك آنذاك، بسبب دخوله في إضراب بعد الحكم عليه، ولكن دون جدوى.

 

نائب عام الانقلاب

وقال خلف بيومي مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان: إن الولايات المتحدة تتحمل المسئولية مع نظام العسكر في قتل مصطفى قاسم وغيره من المعتقلين؛ لأنها لم تتحرك التحرك الواجب تجاه مواطن يحمل جنسيتها، وتراخت في تعاملها مع قضيته؛ ما أعطى للنظام الضوء الأخضر للتنكيل بمواطنها المتوفى.

وأكد بيومي – في تصريحات صحفية – أن نائب عام الانقلاب هو المسئول الأول عن تنامي وتفاقم الانتهاكات في دولة العسكر؛ لأنه لا يحقق في آلاف البلاغات التي تصله بشأن انتهاكات السجون والإهمال الطبي، ولا يعفيه تحركه الأخير من مسئوليته عن كل قتلى الإهمال الطبي في الفترات السابقة.