الأمن الوطني يدير مسرحية “انتخابات الشيوخ” .. واجهة لاستعادة “الحزب الوطني”

- ‎فيتقارير

كشف تقرير نشره موقع "مدى مصر" تضمن خريطة ما يسمى "انتخابات الشيوخ" المقبلة أن الأمن الوطني ووزير الداخلية الأسبق أحمد جمال الدين مستشار المنقلب عبدالفتاح السيسي هو من يدير المشهد السياسي في مصر.
وقال التقرير إن ترتيبات تتم لعودة "الحزب الوطني" ممثلا في عائلات بعينها كتنت تدعمه تدير قوائم بواجهات أبرزها حزب "مستقبل وطن" و"الشعب الجمهوري" بشكل أقل حدة، مضيفا على لسان أحدهم أن "الوعد أن الأمن لن يتدخل لصالح مرشحي "مستقبل وطن" أو غيره من الأحزاب ضد مرشحي أحزابنا، مع الأخذ في الاعتبار أن مرشحي أحزابنا ليس لديهم الدعم المالي الذي يتمتع به مرشحو هذه الأحزاب؛ بالنظر إلى ما تحصل عليه من دعم من رجال الأعمال".
وأضاف التقرير أن "الأمن الوطني هو فعليًا من لديه خريطة العائلات والتحالفات والنازعات، ورجال الأمن الوطني في المحافظات هم من يعرفون كيف يمكن تشجيع العائلات وكبارها، بالترغيب أو الترهيب".

الخلطة المحسومة
وتحت عنوان "مجلس الشيوخ.. الخلطة الأمنية للعملية الانتخابية" قال "مدى مصر": كشفت أن سر اختيار الرمز الانتخابي "كليوباترا" هو أن "أحد كبار ممولي العملية الانتخابية هذا العام هو رجل أعمال يمتلك سلسلة مصانع، يحمل أحدها اسم "كليوباترا"، وأن الرجل، الذي طالما وصف الاسم بأنه "فأل خير"، كان هو من اقترح شعار "القائمة الوطنية"؛ ابتعادًا عن الرموز التقليدية مثل الجمل والهلال والشمس والنجمة".

وعن الحسم المسبق قال التقرير نقلا عن مصادر وصفها بـ"الحزبية على صلة بالعملية الانتخابية"، إن مصير المرشحين المائة على "القائمة الوطنية" أو قائمة "من أجل مصر" كما يسميها البعض، ليس محل شك، فهؤلاء سيجدون طريقهم مع مائة ثانية يعينهم السيسي، ومائة ثالثة تتنافس على المقاعد الفردية لمجلس الشيوخ المكون من 300 عضو.

الصياغة النهائية للقائمة شمل الكثير من النقاشات، شارك فيها بحسب "مدى مصر" عدد من رجال الأعمال الأقرب للدولة، بينهم محمد أبو العينين وجمال الجارحي وأحمد السويدي وأحمد أبو هشيمة وهشام طلعت مصطفى.

وقال الموقع: سيكون هناك نحو 150 إلى 180 عضوًا من مستقبل وطن ونحو 20 إلى 30 عضوًا من الشعب الجمهوري إلى جانب عدد من المقاعد لأعضاء ما يسمى بـ"تنسيقية الشباب" التي تأسست في يونيو 2018، تنفيذًا لتوصيات المؤتمر الوطني الخامس للشباب، وتضم ممثلين لـ 25 حزبًا من الموالاة والمعارضة، ليشغل هؤلاء جميعًا فيما بينهم 200 مقعد، التي يتم التنافس عليها بين القائمة والفردي.
ويختار السيسي مائة مقعد المخصصة للتعيين من ترشيحات؛ رأس الكنيسة وقيادات دينية إسلامية، وترشيحات من الجهات الأمنية التي تشرف على اختيار الشخصيات الرئيسية في الجامعات وغيرها من المواقع، إلى جانب عدد من الشخصيات التي يرى السيسي أنها أبلت بلاءً حسنًا ويمكن منحها فرصة الجلوس على مقاعد الشيوخ، مثل وزراء ومستشارين سيتم استبعادهم تمهيدًا لقدوم جدد.

وكشف الموقع أن الرقابة الإدارية، تعكف على رفع تقارير وافية لمؤسسة الرئاسة عن كل المرشحين للتعيينات لضمان نصاعة ملفاتهم المالية والأمنية.

أحمد جمال يدير الانتخابات
وقال التقرير إنه في أحد المكاتب التابعة لرئاسة الجمهورية في بدايات خريف 2019، التقى أحمد جمال الدين، مستشار (قائد الانقلاب) للشئون الأمنية، بناءً على تكليف مباشر من السيسي، بعدد من القيادات الأمنية من مختلف الأجهزة بمشاركة محدودة من جهاز الرقابة الإدارية. أحمد جمال الدين، بحسب مصدر قيادي في أحد الأحزاب المشاركة في انتخابات "الشيوخ"، الذي حضر الاجتماعات، هو فعليًا المنسق بين الأجهزة الأمنية، وهو أيضًا حامل تعليمات السيسي.

وأن الاجتماع تضمن؛ اللاعبين الذين سيتم استدعاؤهم لصياغة مشهد انتخابات الشيوخ وكيف تتم صياغة الغرفة الثانية نفسها؟، ونقاش رئيسي حول حزب "مستقبل وطن"، الممول من رجال أعمال الانقلاب وإمكانية دعم "الشعب الجمهوري" باعتباره "الحزب الوصيف"، يشاركهما 11 من أحزاب الموالاة وبعض أحزاب الحركة المدنية لتشكيل تحالف انتخابي برئاسته لشغل مقاعد القائمة المائة في مجلس الشيوخ، ليضم التحالف أحزاب: الشعب الجمهوري، حماة وطن، مصر الحديثة، الوفد، التجمع، المصري الديمقراطي الاجتماعي، الإصلاح والتنمية، الحركة الوطنية، المؤتمر، الحرية، المصري، بحسب الموقع.

الأمن الوطني

ونقلا عن رئيس أحد الأحزاب المشاركة في الحوار مع "مستقبل وطن" أوضح "مدى مصر" أن قيادات الأمن الوطني طالبت خلال عملية الإعداد للتعديلات الدستورية، التي قُدمت للبرلمان في فبراير 2019، بعودة مجلس الشيوخ لخلق مساحة أوسع للولاءات جنبًا إلى جنب مع تلك التي يتم خلقها من خلال اختيارات المرشحين المدعومين من الدولة والمعينين من السلطة التنفيذية في مجلس النواب، الذين يتم ترشيحهم بناء على قيمة التبرعات التي يقدمونها للسلطة، بحسب مصدر من أحد الأحزاب الثلاثة المشاركة.

وأضاف أن "الأمن الوطني هو فعليًا من يدير المشهد السياسي الداخلي بكل تفاصيله خلال العامين الماضيين من بعد مسرحية الانتخاب الثاني لعبدالفتاح السيسي في 2018 لأن الإقبال على الانتخابات كان ضعيفًا في البداية، وتم فورًا الاستعانة بالأمن الوطني من قبل الجهاز  السيادي الذي كان يشرف على الانتخابات، وتحركت فعلًا بسرعة قيادات الأمن الوطني في القرى واستدعت شبكة الاتصالات والعائلات وتم تحسين الحشد سريعًا"، تقول قيادة محلية بأحد العائلات الصعيدية النشطة في العملية الانتخابية.

وأضاف المصدر أن "..الأمن الوطني، كان من الطبيعي أن يكون فاعلًا في ميكنة هذه الانتخابات، ولكن ليس وحده، لأن الجهاز [السيادي الذي أدار الانتخابات السابقة] أصبح له دورًا مباشرًا في المشهد السياسي الداخلي، ولم يعد من الممكن استبعاده، خاصة وأن وجود الشخصيات الأقرب للسيسي في هذا الجهاز، بما في ذلك عباس كامل، الذي زامل السيسي سنوات طويلة، ومحمود السيسي، الذي عاد للجهاز بعد محاولة بعض الدوائر المعادية له داخل الجهاز إبعاده، يجعل السيسي نفسه مستريحًا لأن يبقى الأمر تحت ناظري هذا الجهاز".

رقابة لاحقة

ومن المهام الموكلة للأمن الوطني بحسب مصادر "مدى مصر" أنه سيراقب أداء كل المشاركين في مجلس الشيوخ، بحيث يتم تقييم أداء الأحزاب الموالية خاصة "مستقبل وطن" و"الشعب الجمهوري"، لتقرير تقسيم مشاركتها في انتخابات مجلس النواب في وقت لاحق من العام الجاري.
وزعمت أن "مؤسسة الرئاسة لا تريد لـ"مستقبل وطن" أن يكون خليفة للحزب الوطني الديمقراطي المنحل، لأنها لا تؤمن بدور لآلية سياسية لها كيان مستقل، بل ترى أن الحزب الوطني عندما تحول من مجرد أداة في يد الأمن، كما كان في بدايته الأولى، إلى حزب له دورة الحياة الخاصة به التي كان يقررها المقربون من النظام آنذاك؛ على رأسهم صفوت الشريف وكمال الشاذلي، ثم تنافس عليها مع جمال مبارك وأحمد عز، تعد أحد أسباب سقوط حكم مبارك".

وعن صكوك عودة الحزب الوطني المالية تحدث التقرير عن أن الرقابة ستشمل الأعضاء المستقلين القادمين من خلفية الحزب الوطني، والذين يأتي ترشحهم اعتمادًا على دوائر مهمة في الحزب المنحل، يرتبط بعضها بمهندس انتخابات مجلس الشعب السابق في 2010، رجل الأعمال أحمد عز، الذي يقول أحد الحزبيين المتنفذين إنه تمكن من "تسديد كل ما طلب منه" بما في ذلك تقديم الدعم المالي لبعض المرشحين، "بل أنه كانت هناك اقتراحات وتوقعات أن يسعى عز للعودة للحياة السياسية من خلال المشاركة في الشيوخ".

الفتات لـ"المدنيين"
وعن جبهة شركاء الانقلاب من الأحزاب الموسومة بـ"المدنية" قال "مدى مصر": هناك من رأى أنه لا ينبغي بأي حال المشاركة في أي انتخابات يجريها النظام، لأن ذلك يمثل «تدليسًا» للواقع السياسي. وأن بعضهم رأى "أن المشاركة يجب أن تكون مشروطة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين لم توجه لهم تهم. فيما رأى فريق ثالث أن النظام لن يقبل شروطًا، ولن يبادر حتى بإيماءة إيجابية، وأن الحل يكمن في القبول بالمشاركة بحثًا عن "إحداث ثقب في جدار الصمت الذي ليس بالضرورة جدارًا مصمتًا بالكلية"، بحسب تعبير مصدر في حزب معارض، أوضح أن الأمر أحدث بالفعل انقسامًا في الآراء.

ورأى "مدى مصر" أن من وافق على المشاركة كان يعلم أنه ذاهب إلى مقامرة، لأن الدولة لم تقدم أي وعود قطعية بالإفراج عن المعتقلين أو تخفيف حدة الملاحقات الأمنية أو فتح باب الحوار السياسي بأي شكل من الأشكال.
وكشفت أن من قرر المشاركة، سيكافئهم الانقلاب ضمن "الخطة" بـ"ما لا يزيد عن 10 إلى 25 عضوًا من أصل 300 عضو، ينتمون إلى الأحزاب المسماة معارضة، بما في ذلك الوفد والتجمع والديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية وغيرها. وذكرت أن أحزاب "الكرامة والدستور والتحالف الشعبي والعيش والحرية" رفضت المشاركة.