الجيش على طريق “الخواجة يني” يبيع خضار ولحمة وتلاجات وتكييفات

- ‎فيأخبار

كتب محمد مصباح:

في أربعينيات القرن الماضي تناقل المصريون نوادر الأجانب المقيمين في مصر ومن ضمنهم "الخواجة يني"، الذي مات ابنه وأراد نعيه بالصحف، فنشر إعلانا كتب فيه: "الخواجة يني ينعي ولده ويصلح ساعات"…!! في دلالة على تعدد الاستفادة من أي إمكانات متاحة.. اعتبرها المصريون بخلا.. فيما يراه الخواجات براعة في استغلال المتاح.

وعلى هذا الطريق سار جيش السيسي منذ الانقلاب العسكري.. حيث يبتلع كل شيء في البلد، أراضي، صناعات، تجارة، استيراد وتصدير.. ما حول كل التجار وصناع لمجرد مقاولين من الباطن، يأخذون الفتات من المشروعات منه من الباطن.. وهو ما سبب كوارث اقتصادية لمصر.

ورغم ذلك يطالب السيسي وعساكره المصريين بضبط وترشيد النفقات والتبرع لمصر والتنازل عن بطاقات الدعم التمويني لتحيا مصر.. أي مصر؟ هل مصر العساكر وجمهوريتهم المتوسعة كل ساعة.. حتى تحول الجيش كما كان في عهد محمد علي، الصانع الوحيد والتاجر الوحيد.. ومبتلع الأراضي الوحيد.

اليوم كشفت مصادر اقتصادية عن عزم الجيش إطلاق مشروع جديد لإنشاء أكشاك متخصصة في بيع الأدوات الكهربائية، خصوصًا اللمبات الموفرة للطاقة (ليد) في المناطق الاستراتيجية بجميع المحافظات، وفقًا لما يؤكده مصدر مسئول في غرفة القاهرة التجارية.

ويشير المصدر في تصريحات صحفية، اليوم، إلى أن الجيش سيعرض في هذه الأكشاك الأدوات الكهربائية المنتجة في المصانع التابعة لوزارة الإنتاج الحربي لتسويقها بعيدًا عن الوسطاء والموزعين الذين يحصلون على هامش ربح من عمليات البيع.

إذ لم تترك المؤسسة العسكرية في مصر مجالاً اقتصاديًا لم تحاول الاستحواذ عليه لتحقيق المكاسب، سواء في مشروعات ضخمة من المصانع وإنشاء الطرق والجسور أو حتى التجارة بالسلع الغذائية البسيطة.

الخطوة تصب في إطار الهيمنة على كافة المشروعات الاقتصادية في مصر، معمقًا أكبر أزمة اقتصادية في البلاد يكتوي بنيرانها أصحاب المشروعات والتجار واصحاب المصانع قبل المستهلكين.

ويعمق التمدد العسكري الاقتصادي تزايد عجز الموازنة، التي تعتمد في نسبة كبيرة منها على الإيرادات الضريبية، والتي يتم إعفاء شركات الجيش منها. إلى جانب عدم دفع الرسوم والجمارك لكل الأدوات والخامات المستوردة والمستخدمة في أعمال الشركات التابعة للمؤسسة العسكرية. وهو ما يخلق منافسة غير متكافئة مع المستثمرين المدنيين، ويتسبب بشكل غير مباشر في هروب الاستثمارات من السوق المصرية لانعدام القدرة على المنافسة.

ويثير مشروع أكشاك بيع الأدوات الكهربائية الاستياء والغضب بين تجار الأدوات الكهربائية، مؤكدين أن المشروع يتسبب في تفاقم الركود الذي تعاني منه الأسواق منذ تعويم الجنيه.

ويتمتع الجيش بامتيازات كبيرة في العطاءات والمناقصات، ولا تخضع إيراداته للضرائب مثل باقي الشركات سواء العامة المملوكة للدولة أو الخاصة، ولا تمر موارد المؤسسة العسكرية عبر الخزينة العامة للدولة، ولا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.

هذا الواقع يقابله شكاوى متعددة من التجار الذين لديهم مخزون من الأدوات الكهربائية في ظل حالة الركود غير المسبوقة التي تسيطر على الأسواق حاليًا.

وتعاني أسواق الأدوات الكهربائية من أزمة سيولة حادة نتيجة انخفاض المبيعات بنسبة 60% مقارنة بالفترة التي سبقت قرار تعويم الجنيه، بسبب تراجع حركة البناء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون.

وهو ما أدى لخروج 10% من التجار العاملين في قطاع الأدوات الكهربائية من السوق بسبب حالة الكساد وعدم قدرتهم على مواجهة الأعباء التي تقع على كاهلهم، خصوصًا بعد رفع أسعار الخدمات (الكهرباء والمياه)، إلى جانب الضرائب والتأمينات و" الإتاوات" التي تفرضها المحليات على أصحاب المحال.