بعد مؤشرات على تعافي قطاع السياحة، خلال العام الماضي 2019م، منذ تدهور الأوضاع في أعقاب تفجير الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء، في أكتوبر 2015م، والتي أسفرت عن مقتل 224 شخصا، يبدو أن قطاع السياحة المصري يعاني من ضربة قاتلة أكثر إيلاما ووحشية؛ في أعقاب تفشي فيروس كورونا عالميا وفي مصر على وجه الخصوص.
وجاء الإعلان عن تفشي الفيروس بين السياح على عدد من البواخر النيلة ليوجه ضربة مؤلمة للسياحة؛ وآخر هذه التداعيات الكارثية هي فرار نحو 30 ألف سائح ألماني من مصر عائدين إلى بلادهم، في أكبر عملية فرار جماعي للسياح من مصر.
وحتى اليوم الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة بحكومة الانقلاب عن ارتفاع عدد الوفيات بسبب فيروس “كوفيد ــ19” المعروف بكورونا إلى 6 حالات، وإصابة “196”حالة؛ وسط تشكيك محلي وعالمي في دقة هذه الأرقام، خصوصا أنهم تم وضع الآلاف في العزل المنزلي والحجر الصحي آخرهم 300 أسرة بقرية واحدة من قرى محافظة الدقهلية.
فرار “30” ألف ألماني
ونشرت صحيفة “هاندلسبلات” الألمانية تقريرًا عن أكبر حملة عودة للسياح الألمان في تاريخ الجمهورية الاتحادية؛ بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا، قائلةً إنّ مصر تضم وحدها 30 ألفا من بين عشرات الآلاف من الألمان العالقين في الدول الأخرى.
وفقًا لتقديرات وزارة الخارجية الفيدرالية، يوجد حاليًا خارج الأراضي الألمانية أكثر من 100 ألف شخص يحملون الجنسية الألمانية، ويتمركز غالبيتهم في وجهات السفر الرئيسية، وسوف تتم إعادتهم عبر رحلات جوية خاصة، كما أشارت الصحيفة.
وأوضح التقرير أن بمصر يتواجد حوالي 30 ألف سائح ألماني، وحوالي 10 آلاف في منطقة البحر الكاريبي ، و6 آلاف في المغرب ، و5 آلاف في مالطا، ونحو ألف سائح في كل من الفلبين والأرجنتين.
وفي مقابلة مع صحيفة “بيلد”، أشاد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بقرار عدم تعليق رحلات الطيران إلى ألمانيا بشكل كامل في جميع البلدان التي تعتبر وجهات سياحية مفضلة للألمان، موضحا أن هذا القرار يسهم في عودة المسافرين إلى أراضيهم.
وكان ماس، قد أعلن في وقتٍ سابق أمس الثلاثاء، عن أنَّ الحكومة الفيدرالية ستقدم 50 مليون يورو للقيام برحلات جوية خاصة لإعادة المسافرين. وقد أغلقت العديد من الولايات الألمانية حدودها وتوقفت رحلات الطيران بسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا، وتعد ألمانيا الآن واحدة من الدول الرئيسية المصنفة ضمن مناطق الخطر، ولذلك يتأثر المسافرون الألمان بشكل خاص بالقيود المتبعة لمكافحة كورونا في البلدان الأخرى.
وأوضح تقرير الصحيفة أن طيران لوفتهانزا سوف يبدأ بإطلاق طائرات خاصة لإعادة السياح الألمان العالقين بالخارج، وستشارك أيضا شركة السياحة الألمانية توي في ذلك الأمر.
السياحة تفقد 80% من الحجوزات
وكان حسام الشاعر، رئيس غرفة شركات السياحة، قد أكد في تصريحات صحفية، أن هناك انخفاضا بنسب بين 70 إلى %80 فى حجم الحجوزات الجديدة للمقصد المصري، خلال هذه الفترة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بسبب فيروس كورونا.
وأكد أحمد يوسف، رئيس هيئة تنشيط السياحة، أن هناك اجتماعات مستمرة لمجلس إدارة الهيئة بمشاركة الاتحاد المصرى للغرف السياحية ورؤساء الغرف، للتباحث بشأن هذا الملف. نوه يوسف إلى أنه خلال اجتماع مجلس الإدارة الأخير، تقرر الاستمرار فى الأنشطة الترويجية التى تقوم بها الهيئة وعدم الانسحاب، نظرا لأن الوضع «مؤقت» بحسب رأيه.
وقدر وكيل وزارة السياحة الأسبق والخبير السياحي، مجدي سليم، حجم تضرر حركة السياحة المصرية بأكثر من 70 بالمئة، قائلا: “تضررت السياحة بجميع أنشطتها، كالفنادق وشركات السياحة وشركات النقل والخدمات والطيران والبازارات”.
وأضاف، في تصريحات صحفية، أن “الوضع ازداد سوءا مع زيادة انتشار الفيروس وإعلان أنه وباء وتعليق الرحلات الجوية الدولية، ما أدى إلى تراجع حركة السياحة بأكثر من 70 بالمئة، وهذا نتيجة أن السياحة قطاع حساس لأي أخبار سيئة؛ لأن سلامة الناس أهم من السياحة”.
وبشأن عدم منع مصر استقبال أي رحلات خارجية، قال: “إن لم تكن مصر ستمنع الرحلات فالدول ستمنعها، فالسياحة الصينية 250 ألف سائح توقفت، والسياحة الإيطالية 500 ألف سائح متوقفة، وكذلك الأوكرانية، كما أن السبب في منعها من الخارج يعود إلى أن انتشار كورونا لديهم أكثر منه في مصر”.
توقعات بركود كبير
وأجمع خبراء سياحة ووكلاء شركات سياحية على أن قطاع السياحة في مصر، مثله مثل باقي دول العالم، مقبل على حالة ركود غير مسبوقة، سوف تتلاشى معها غالبية مكتسبات القطاع، الذي يعد أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد. وبحسب الأرقام الرسمية فقد أسهم قطاع السياحة في “12.5” مليار دولار العام الماضي.
وفي محاولة لتدارك آثار الأزمة، قررت حكومة الانقلاب تعليق الدراسة والتجمعات في السينما والمسارح وحدائق الحيوان وغيرها ووقف جميع الأنشطة الرياضية والتجمعات الخاصة، على الرغم من أنها لم تفرض أي قيود أو حظر على سفر السائحين إلى مصر وزياراتهم داخل الأماكن السياحية والأثرية.
وتلقى منتجعا شرم الشيخ والغردقة ضربة قوية جراء قرار أوكرانيا، أهم الأسواق المصدرة للسياحة، بتعليق رحلاتها إلى مصر؛ خوفا من فيروس كورونا، لتفقد مصر نحو 1.5 مليون سائح.
ومن المتوقع أن يلقي قرار إلغاء نحو خمسة معارض دولية للسياحة، التي تسهم بشكل كبير في تنشيط حركة السياحة على مدار شهري مارس أبريل، بظلاله على قطاع السياحة في مصر ودول العالم، حيث كان من المقرر أن تشارك القاهرة في معظمها.
وارتفع عدد السياح الوافدين على مصر بشكل مطرد من 5.3 مليون سائح في 2016 إلى 8.3 مليون سائح في 2017، و 9.8 مليون سائح في 2018، وصولا إلى 12 مليون سائح في 2019، وكان متوقعا زيادة الرقم بنسبة 30% وفق بيانات رسمية.
ويسهم قطاع السياحة بـنحو 15% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، حيث حقق إيرادات بلغت نحو 12.6 مليار دولار في العام المالي 2018-2019، ويرتبط بالنشاط السياحي نحو ثلاثة ملايين مصري، ويعمل في القطاع بشكل مباشر أكثر من ثلاثمئة ألف شخص، وفق بيانات رسمية.