السيسي صانع سلام أم جاسوس إسرائيلي؟!

- ‎فيأخبار

محمد مصباح
من مواجهة الإرهاب إلى المتاجرة بقضية المهاجرين غير الشرعيين، جاءت التجارة الجديدة لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي داخل الأمم المتحدة، خلال أعمال الجمعية العمومية الحالية.

فخلال مشاركات السيسي السابقة بأعمال الأمم المتحدة، صدّرت المخابرات الحربية والعامة صورة دولية للسيسي كمحارب للإرهاب في كل مكان في العالم، وشهدت مشاركات السيسي الخارجية خلال جميع زياراته الخارجية الحديث عن الإرهاب وخطورته الإقليمية والمحلية والدولية، وهي اللغة التي يحبها الغرب في تلك المرحلة، وتتعرض دول أوروبية عديدة لهجمات عنيفة، تتنوع أسبابها بين الاختناقات وتصفية الحسابات السياسية تارة، والظلم الاجتماعي وصراعات قوى اليمين المتطرف مع تيارات اليسار الأوروبي تارة أخرى.

وقد رسمت المخابرات صورة السيسي الذي يدافع عن أمن أوروبا بمنع الهجرة غير الرسمية، وأن مصر باتت تتحمل نحو 5 ملايين مهاجر غير شرعي، وهو الأمر الذي نفته الأرقام الرسمية، حيث حاول السيسي تكبير الأزمة؛ ليظهر للغرب على أنه صمام أمان لهم من مناطق البحر المتوسط، وطالب السيسي بدعمه عالميا لكونه يضطلع بمواجهة أزمات عالمية من إرهاب وغيره.

التطور الطبيعي للسيسي في هذه الجمعية بأنه صانع سلام، حيث أكد السيسي في كلمة مصر بالأمم المتحدة، تعهده بحفظ أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي، واصفا السلام مع إسرائيل بـ"التجربة الرائعة"، متوجها إلى الفلسطينيين بدعوتهم إلى التعايش "جنبا إلى جنب" مع الإسرائيليين.

واعتبر أنّه آن الأوان لـ"كسر جدار الكراهية، والعمل على معالجة شاملة ونهائية للقضية الفلسطينية، وإغلاق هذا الملف من خلال تسوية عادلة، كونها المحك الأساسي لاستعادة مصداقية الأمم المتحدة في تحقيق السلام، والتي تنزع عن الإرهاب إحدى وسائله، حتى تنعم المنطقة العربية بالسلام والأمان".

ودعا السيسي إلى التمسك بحل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، قائلا: إن "يد العرب ما زالت ممدودة للسلام، وهو هدف واقعي يجب السعي بقوة نحو تحقيقه".

وارتجل السيسي بعيدا عن النص المكتوب، قائلا: "اسمحوا لي أن أوجه كلمة ونداءً إلى الشعب الفلسطيني، بضرورة الاتحاد خلف الهدف من أجل تحقيق السلم، وعدم الاختلاف، أو إضاعة الفرصة، والقبول بالتعايش مع الآخر من الإسرائيليين في أمان وسلام؛ حتى يعيش المواطن الفلسطيني جنبا إلى جنب مع المواطن الإسرائيلي".

وخاطب الإسرائيليين بقوله: "لدينا في مصر تجربة رائعة للسلام معكم على مدار 40 عاما، وأكرر.. إنها رائعة.. وندائي للرأي العام في إسرائيل بأن تقفوا خلف قيادتكم السياسية، فنحن معكم جميعا لإنجاح هذه الخطوة، التي قد لا تتكرر مرة أخرى"، وسط تصفيق على استحياء من الوفد المصري المصاحب له.

ولم ينس السيسي دوره في إثارة الحروب والنزاعات بين الفصائل الليبية، ودور السلاح المصري في قتل السوريين، ودعم القاتل بشار الأسد.

كما لم يتحدث السيسي عن دوره في صناعة السلام الدموي في مصر، في قتل نحو 4 الآف مصري في شوارع مصر، وتفاخره بالحديث في أكثر من مرة، عن دوره في مجازر 14 أغسطس، وغيرها من الأحداث الدموية التي شهدتها مصر.

جاسوس

ولعلّ ما يفعله السيسي من الترويج لنفسه كصانع سلام، يخفي الكثير وراء شخصيته كجاسوس يعمل لحساب الصهاينة والأمريكان.

وليس أدل على ذلك، من دوره المنحاز للصهاينة ضد قطاع غزة، وتفريغ سيناء وجعلها مناطق بلا سكان من أجل الصهاينة.

وكما يقول الباحث محمد طلبة رضوان: "هناك إرهاصات كثيرة سبقت اتهامه الواضح بالجاسوسية، اتهامه بأنه الناجي الوحيد من طائرة البطوطي 99، التي انفجرت على السواحل الأمريكية بصاروخ أمريكي، وراح ضحيتها العديد من الرتب العسكرية المصرية، بالإضافة إلى 3 من علماء الذرة، فيما رفض السيسي– وفقا للرواية – الصعود إلى الطائرة وقرر البقاء في الولايات المتحدة (لأسباب شخصية)، الاتهام الذي لم يستطع إعلام السيسي رده وتفنيده كما فعل من قبل مع اتهامات أقل بكثير".

كما أن زملاءه– من رجال مبارك – أبدوا استغرابهم غير مرة لصعوده وتخطيه قيادات عسكرية أكثر كفاءة منه، ليصبح أصغر عضو في المجلس العسكري، ثم تخطيه للجميع ليصبح وزيرا للدفاع.

فالسيسي لم يخجل من الإعلان عن دعمه الكامل للكيان الصهيوني، وأنه لن يسمح أن تكون سيناء حديقة خلفية للنيل من أمن وسلامة الكيان الصهيوني، قالها غير مرة في الأمم المتحدة، ومؤخرا جاءت فلتة لسانه– وفلتات اللسان دخائل النفس– لتفصح عن وجدان السيسي الذي لا يحمل سوى أمن المواطن الإسرائيلي دون غيره، ليس ذلك فحسب، بل إن السيسي حين خرج عن النص وتحدث على طبيعته، وجه حديثه إلى "المجتمع الإسرائيلي"، مطالبا إياهم بدعم حكومته!.

كما لم تدعم إسرائيل منذ نشأتها رئيسا عربيا مثلما دعّمت عبد الفتاح السيسي، ولم تتحدث بحفاوة ودفء عن مسئول عربي مثلما فعلت معه، حتى السادات الذي وقّع كامب ديفيد وأخرج مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وقدّم خدمة تاريخية جليلة للكيان الصهيوني مكنته من "الاستفراد" بخصومه في المنطقة، لم ينل ما ناله السيسي من تقدير لدى الصهاينة في مدة قليلة.

"مبارك" الكنز الاستراتيجي لم يحصل بدوره على كل هذا الإطراء والمديح والدعم لدى الولايات المتحدة، والحرص الشديد من جانب الصهاينة على بقائه واستمراره.