“العاصمة الجديدة” ملاكي للجيش.. وغضب مكتوم بين رجال الأعمال

- ‎فيتقارير

كتبه محمد فتحي

لا تقف قرارات عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب، فيما يتعلق بالقوات المسلحة وعناصرها عند حدود زيادة المرتبات وتقديم خدمات متميزة لأفرادها من الجنرالات والضباط وضباط الصف، بل يمتد إلى ما يمكن وصفه بالخطة الممنهجة لتوسيع نفوذ المؤسسة العسكرية على نحو غير مسبوق، خصوصا في المجال الاقتصادي.

العاصمة الإدارية ملك للجيش
وأصدر عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب القرار رقم 57 لسنة 2016، بتخصيص الأراضي الواقعة جنوب طريق القاهرة-السويس، لصالح جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة واللازمة لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني.

نص القرار أيضًا على إنشاء شركة مساهمة مِصْرية تتولى تنمية وإنشاء وتخطيط العاصمة الإدارية الجديدة، وتجمع الشيخ محمد بن زايد العمراني، وتكون قيمة الأراضي التي تبلغ مساحتها 16 ألفا و645 فدانا، من حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في رأسمالها.

وينص القرار أيضًا على «اعتبار هذه اﻷراضي من حصة جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة في الشركة، بعد تقييمها باﻻتفاق مع الهيئتين الأخريين الشريكتين».

ويكلف القرار وزارة الدفاع، بتخطيط المشروع والإشراف على تنفيذه وتنظيمه وإدارة تشغيله، والتأكد من استيفائه معايير الجودة المطلوبة والمواصفات واﻻشتراطات القانونية.

تطوير منطقة الأهرامات
وشهدت منطقة الأهرامات، ظهر الأربعاء 10 فبراير 2016، الاجتماع التنسيقي بين وزارتي الآثار والسياحة والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، للبدء فورًا في أعمال تنفيذ مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة، بناء على توصيات قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في اجتماعه مع مجموعة العمل المنوطة بالمشروع والمكونة من وزارة الآثار ووزارتي السياحة والإسكان ومساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية والإستراتيجية ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة ورئيس هيئة المجتمعات العمرانية.

وصرح الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار، بأنه قد تم إسناد الأعمال المطلوبة لتطوير الموقع إلى شركة كوين إحدى شركات جهاز الخدمة الوطنية التابعة للقوات المسلحة المصرية.

وتأتي هذه القرارات لتؤكد النفوذ القوي وغير المسبوق للمؤسسة العسكرية وهيمنتها على المجال الاقتصادي بقرارات رسمية بعد أن هيمن الجيش على المجال السياسي وصادر حق الجماهير في تشكيل الأحزاب والحركات والتنافس السياسي الشريف والنزيه وذلك بانقلابه على أول تجربة ديمقراطية حقيقية تشهدها مصر عبر تاريخها الطويل في 3 يوليو 2013.

البلد ملك الجيش
من جانبه، هاجم الخبير الاقتصادي ممدوح الولي نقيب الصحفيين الأسبق القرار، مؤكدًا أن الجيش يستمر في التوسع الاقتصادي للقوات المسلحة، معتبرا أن هذا يعتبر محاربة للقطاع الخاص والدولة بإشراك الجيش في جميع المشروعات التي تأتي إلى مصر.

وأكد الولي -في تصريح بحسب شبكة رصد- "أن الجيش يمتلك معظم أراضي الدولة، فالجيش أكبر مالك للأراضي في مصر، وبدلا من أن يتركها للدولة يستغلها في مشاريعه واستثماراته، ويدخل مع الشريك الأجنبي مقابل الأرض".

ويحذر الولي من هذه الممارسات مؤكدا أنها تدمر الاقتصاد الوطني، ويسبب أزمة في الأراضي؛ ما يترتب عليه ارتفاع أسعار الأراضي الذي ينعكس علي ارتفاع أسعار الإسكان والمشروعات.

وقال "الولي": إن هذا القرار طارد للاستثمار، فالجيش يدمر القطاع الخاص والعام في مصر، وهذا يخوف المستثمرين؛ فالجيش لا يدفع الضرائب، ويستخدم المجندين بدون مقابل؛ ما يؤثر في البطالة.

مخاوف رجال الأعمال
وتحت عنوان "جيش أمة" رصد أتلانتيك كاونسل منتصف عام 2015 ، أبرز مخاوف رجال الأعمال المصريين حيال تزايد الدور الذي يلعبه الجيش في القطاع الاقتصادي، وشعورهم بالقلق من أن جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة سرعان ما ستتحول إلى "مقاول من الباطن" لدى الجيش.

وأضاف: على الرغم من أن قادة الأعمال هؤلاء مؤيدون للسيسي، فإنهم مشتتون بين أمرين:
(1) الأمل في أنه سيقود انتعاشا اقتصاديًا. (2) الخوف من أن الولاءات المؤسسية ومخاوف السياسة سوف تؤدي إلى استمرار وتعزيز الاتجاهات الحالية، التي تشهد قيام الجيش بدور اقتصادي أكبر من أي وقت مضى.

ولخص تقرير أتلانتيك كاونسل مخاوفهم في نقطتين رئيسيتين:
أولا:
أبرز مخاوف رجال الأعمال في مصر هو الدور الذي يلعبه الجيش في قطاعهم الاقتصادي.
ثانيا: نظرًا لخسارة قرابة نصف شركات التكنولوجيا الناشئة منذ عام 2010؛ فإنهم يشعرون بالقلق من أن جميع الشركات الصغيرة والمتوسطة سرعان ما ستتحول إلى "مقاول من الباطن" لدى الجيش. وختم المركز تقريره بالقول: على مصر أن تقرر ما إذا كانت بلدا لديه جيش أم جيشًا لديه بلد".

غضب شعبي مكتوم
وأثارت هذه القرارات ومصادرة المجالين السياسي والاقتصادي حتى صارا حكرًّا على المؤسسة العسكرية غضبًا عارمًا بين النشطاء ومكتومًا لدى غالبية الشعب المطحون.

وقال علاء الدين يوسف -المدير السابق في ميناء دمياط الدولي-: إن العسكر يخصصون أرضًا للجيش.. وبعد ذلك يدخلون بها كحصة في مشروع استثماري.

وأضاف -في تصريح صحفي- أن أرض الشعب خصصت مجانا وبعد ذلك تنشأ مشروعات حولها وتصبح قيمة الأرض بالمليارات وتذهب الأموال مكافآت وحوافز وترقية.

ومن جانبها قالت الناشطة السياسية رقية سلطان: "في جمهورية الجيش الشقيقة، يدخل الجيش شريكًا بالأرض التي خصصتها الدولة له لاستخدامها في الأغراض العسكرية الأمنية".

وأضافت "رقية" -في منشور لها على "فيس بوك"-: "المفروض الأرض ترجع للدولة لو انتهى وانتفى الغرض الأمني منها.. ولكن في أم الدنيا الجيش دخل شريكًا بأرض الدولة في شركة مساهمة"، مختتمة منشورها بقولها: "إيه نصيب دولة مصر الفقيرة من استثمارات الجيش..؟؟ غير السلف".