المصالح تهزم الإنسانية.. المجتمع الدولي يتجاهل جرائم الأنظمة ضد شعوب المنطقة

- ‎فيتقارير

الإبادة الجماعية والمذابح التي يتعرض لها الشعوب أخيرا من سوريا في إدلب وحلب وخان شيخون، وفي مصر في رابعة والنهضة وفي ليبيا في بني غازي ودرنة وطرابلس حتى مذابح الكيان الصهيوني خلصت ورقة إلى أن المجتمع الدولي منافق يبحث فقط عن مصالحه ومن ثم يفكر في الدماء التي تهراق هنا أو هناك أولا يفكر بالمطلق.
 

ونشر الشارع السياسي ورقة بحثية بعنوان "المذابح الجماعية والمجتمع الدولي.. المصالح تهزم الإنسانية".

من حيث المبدأ
 

وتتدرجت الورقة ابتداء إلى أن الإبادة الجماعية هي سياسة القتل المنظمة، التي عادةً ما تقوم بها حكومات ضد مختلف الجماعات، وتم تصنيفها كـجريمة دولية في اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948م، ووضعت موضع التنفيذ 1951م وصادقت 133 دولة على الاتفاقية من بينها روسيا والولايات المتحدة، ومن الدول العربية صادقت مصر والسعودية والعراق و الأردن و الكويت وليبيا والمغرب و سوريا و تونس.

جرائم السيسي

 

وقالت الورقة إن جرائم عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر، وبشار الأسد في سورية، وخليفة حفتر في ليبيا، ومحمد بن زايد في اليمن، والكيان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كلها تقع تحت هذا التوصيف؛ فقد ارتكب السيسي جرائم غير مسبوقة في تاريخ مصر، وقتل الآلاف في مجازر رابعة والنهضة ورمسيس؛ وقتل 40 شخصا معظمهم من مشجعي نادي الزمالك في صدام مع الشرطة، خارج ملعب الدفاع الجوي، الذي كان يستضيف مباراة بين فريقي الزمالك وإنبي في 8 فبراير 2015.

 

أشارت الورقة إلى امتداد جرائم السيسي إلى اعتقال أكثر من 60 ألفا والإخفاء القسري للمواطنين، والتعذيب في السجون، والتصفية الجسدية التي دأبت وزارة الداخلية على إعلانها بين فترة وأخرى، مع ضياع الحريات تماما، والسيطرة الكاملة على وسائل الإعلام، وتسخيرها لتعمل أبواقا للنظام العسكري، وتجري الإدانات الحقوقية لكل هذه الجرائم.

الموقف الدولي
 

وعن نفاق الموقف الدولي قالت الورقة إن الاتحاد الإفريقي رفض الانقلاب العسكري، وطرد مصر من عضويته، لكنه لم يلبث قليلا حتى أعاد إليها العضوية بعد تنازلات السيسي عن مياه نهر النيل لإثيوبيا، وضياع حصة مصر من المياه؛ ما يهدد حياتها ومستقبلها؛ ليتضح أن إدانة الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي على الرئيس الشرعي محمد مرسي ليست إلا إجراء شكليا.
 

 ورأت أن موافقة الاتحاد الإفريقي على الانقلاب على إرادة الشعب المصري الحرة، محاباة للسلطة الحاكمة فاقدة الشرعية.

ورأته أيضا نفس موقف الأمم المتحدة، وكل الدول التي حصلت على صفقات مربحة لها مع قائد الانقلاب مثل روسيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة؛ فالمصالح تتقدم على الإنسانية، التي أصبحت في العرف الدولي مجرد شعارات.

وأفادت أن المنظمات الدولية تعاني خللا خطيرا يمس شرعيتها هي إذ كيف تقبل التعامل مع وزير دفاع انقلب على رئيسه المنتخب برغم أنها أدانت الانقلاب وقت حدوثه.!

جرائم بشار
 

وأشارت الورقة إلى تدخل الغرب للقضاء على تنظيم “داعش” بسبب جرائمه الوحشية، بينما تجاهلت دولة “داعش الأسد” في سورية التي ترتكب الجرائم نفسها ضد مواطنيها الذين طالبوا ـ سلميا ـ بالتغيير في 2011؛ فكان الرد عليهم بحملة عنيفة لقمع المتظاهرين المدنيين، اندلعت على أثرها الحرب في سورية، وواصل الأسد ذبح السوريين، بالكيماوي والبراميل وقتل مئات الآلاف، وجرى تعذيب عشرات الآلاف وإعدامهم، وتحول خمسة ملايين مواطن سوري إلى لاجئين في تركيا (3.4 ملايين) ولبنان (مليون) والأردن (660 ألفا) والعراق (250 ألف لاجئ)، ويمكن أن تزيد الأرقام عن ذلك لأنها ليست الأحدث، وهذه الدول الأربع تستضيف حوالي 41% من اللاجئين السوريين.

براميل أم بغيرها
 

واستغربت الورقة أنه في ظل جيش الأسد يستخدم البراميل المتفجرة؛ مراراً وتكراراً، ولم تلتفت إليه الدول التي تقاتل “داعش” التي لا تبعد كثيرا عن بشار، ولكن الذي استفزها واستنفرها فقط هو استخدامه السلاح الكيماوي ضد المواطنين؛ ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قرار بتوجيه ضربات ضد مخازن السلاح الكيماوي.
 

ووصف هذا الفعل ب"انفصام خطير في التفكير"، يحول الإنسانية إلى سلعة للتجارة؛ فطوال ثماني سنوات من الحرب الوحشية ضد الشعب السوري لم يتحركوا إلا في حالة قصفه بالكيماوي.
 

وفي مثال آخر للنفاق الغربي، استغربت الورقة التآمر من الجميع على منع امتلاك الثوار الصواريخ المضادة للطائرات التي تقصفهم بالبراميل المتفجرة بما في ذلك غياب القانون الدولي، والمتاجرة بالشعارات الإنسانية.

ابني زايد وسلمان

وفي تعريج على مذابح الشعب اليمني على يد التحالف بين السعودية والإمارات، قالت إن محمد بن زايد يواصل مخططاته ضد حريات الشعوب العربية بالانقلابات وإشعال الحروب الأهلية، وأحدث ما قدمه من جرائم على هذا الصعيد الانقلاب الثاني على الشرعية في اليمن، حيث شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن انقلابا على الشرعية في العاشر من أغسطس 2019، وذلك بعد الانقلاب الأول الذي جرى في صنعاء بقيادة عبد الملك الحوثي، وتلقى دعما سعوديا إماراتيا في البداية بهدف التخلص من “التجمع اليمني للإصلاح” ثم دخلت الدولتان بعد ذلك في تحالف لدعم شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وكان التحالف في حقيقته لتخريب اليمن وتفكيكه.
 

ومن التواطؤ الغربي معه منح بن زايد وبن سلمان اللذان ارتكبا جرائم خطيرة في اليمن من قتل واعتقالات وتعذيب؛ الغطاء الأمريكي لحماية مواليهم في المنطقة.

جرائم حفتر

وفي أفضح صور المصالح لفتت الورقة إلى عمالة خليفة حفتر في ليبيا للمخابرات المركزية الأمريكية، التي جندته خلال الفترة الطويلة التي قضاها في الولايات المتحدة فوفرت له الحماية وهو يحارب الحكومة الشرعية في طرابلس والمعترف بها دوليا في الوقت نفسه، بل ويتلقى دعما عسكريا من عدة دول في هذه الحرب، على رأسها فرنسا.
 

ولفتت الورقة إلى أن الولايات المتحدة وفرنسا والإمارات والسعودية وقائد الانقلاب في مصر يقدمون كل الدعم لحفتر.

جرائم الصهيوني

أما المثال الأبرز عربيا، فكانت بحسب الورقة جرائم الاحتلال الصهيوني ومذابحه التي تمت منذ 1947 في 31 ديسمبر من هذا العام في بلدة الشيخ قتلت عصابات الهاجاناة نحو 600 شهيد، وفي مذبحة دير ياسين 10/4/1948، استشهد 360 فلسطينيا معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال، وبالقرب منها مذبحة قرية أبو شوشة 14/5/1948 استشهد خمسون 50 ضربت رؤوس العديد منهم بالبلطات، وأطلق الصهاينة النار على كل شيء يتحرك دون تمييز، وفي مذبحة الطنطورة 22/8/1948 استشهد أكثر من 90 فلسطينيا، ومذابح أخرى في كفر قاسم وخان يونس والمسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي ، ومذبحة مخيم جنين 29\3- 9\4\2002.

وقالت الورقة إن الصهاينة وإلى اليوم جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وحصارهم قطاع غزة، في ظل تواطؤ دولي ورفض حقوقي واسع، وتجاهل واضح من المنظمات الدولية، وغالبية عواصم العالم .

محاكمة الشعوب
 

وخلصت الورقة إلى أن محاكمة هؤلاء المجرمين لن تكون على يد أحد غير الشعوب التي طالتها هذه الجرائم، والتي وعت الدرس، واستوعبت أن السياسة الدولية التي تحركها المصالح فقط، وعلمت أن الطريق الوحيد لنيل حقوقها هو الثورة على الأنظمة المستبدة.
 

واختتمت الورقة التي قدمها الباحث حازم عبدالرحمن إلى أنه ساعتها لا تراجع عن القصاص ممن أهانها وأذلها وسفك دماء أبنائها، وأهدر مقدراتها، والمقدمات واضحة في الجزائر والسودان مهما حاولوا الالتفاف أو التعتيم عليها.