المنقلب يُفرط بـ40 مليار متر من النيل ويدشن سنوات الجفاف “العجاف”

- ‎فيتقارير

تنازلٌ جديدٌ قدّمه السيسي في ملف سد النهضة، فَقَدَ به هذه المرة الحد الأدنى الذي يمنع جفاف أراضي مصر وانخفاض إنتاج الكهرباء من السد العالي جراء بناء سد النهضة، المعلومة هذه المرة ساقها وزير الري الإثيوبي من أن "مصر تنازلت عن شرط تدفق 40 مليار متر مكعب من المياه سنويًا من سد النهضة"، معتبرا أنه "نجاح كبير بمسار التفاوض".

وتزامن تصريح الوزير الإثيوبي مع تصريحات أخرى أطلقها وزير الري المصري، أثناء اجتماعات الخرطوم، أكد فيها تفهم حكومته للمخاوف الإثيوبية المتعلقة بإجراءات الملء والتشغيل، مشيرا إلى أن مصر مستعدة لحلحلة الأمور، بدعم بيع فائض إنتاج كهرباء سد النهضة، من خلال شبكة الكهرباء المصرية، التي تبيع فائض إنتاجها لأوروبا وعدد من الدول العربية.

الدكتور محمد محسوب، وزير الشئون القانونية السابق بحكومة د.هشام قنديل، قال: "لم يدهشني تنازل الوفد المفاوض حول (ملء خزان سد النهضة) عن شرطه المتدني: ألّا تقل المياه المتدفقة لمصر عن 40 مليار م٣- رغم أن حصة مصر 55- فمن تنازل مرة تنازل ألفًا".

وأضاف "ما يؤرقني هو كيف ستواجه مصر النتائج الكارثية لنقص المياه بسياسات لا تدري فرقًا بين ما يجوز وما لا يجوز التفاوض فيه!".

وقال الصحفي مصطفى عاشور تعليقًا على الخبر: "قلت منذ يومين إن وزير الري المصري ذهب للسودان ممثلا للسيسي، متنازلا عن كل شيء في ملف سد النهضة.. عليه العوض".

أما خبير السدود محمد حافظ فكتب "النيل بــــح… لا 40 مليار متر مكعب ولا 35 مليار متر مكعب ولا 31 مليار متر مكعب .. بل (الجودة) بــالـ(موجودة)".

وأبدى استغرابه من خبر "السيسي يشتري كهرباء سد النهضة"، موضحًا أن ذلك يأتي على الرغم من وجود 50% فائضًا في القدرات الكهربائية المصرية.

اقتربنا من الحل!

رئيس تحرير صحيفة الشروق، عماد الدين حسين، كتب متفائلًا عن التدخل الأمريكي "سد النهضة.. هل اقتربنا من الحل؟"، قبل أيام على صفحات جريدته الانقلابية، معتبرًا أن قرار 40 مليار متر مكعب من المياه يحتاج إلى الحسم أو الاتفاق ولكنه لا يحتاج للتنازل!.

يقول حسين "ما حدث فى واشنطن هو ما كانت ترفضه إثيوبيا، لكن هناك الكثير الذى ينبغى أن يتم حسمه والاتفاق عليه.. على سبيل المثال نحتاج إلى تركيز من المفاوضين المصريين فى الأيام المقبلة؛ لأن هذا الاتفاق سيؤثر على الأجيال المقبلة ربما لمئات السنين. المؤكد أن إثيوبيا ستلجأ لكل الحيل للتهرب من الاستحقاقات. صار معروفا أن مصر طلبت تمرير ٤٠ مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق خلال سنوات الملء الأولى، وإثيوبيا تعرض ٣١ مليار متر فقط".

قبل 3 أشهر

الـ40 مليار متر مكعب من مياه النيل كانت الأمل الذي عنه كشف الدكتور محمد نصر علام، وزير الري والموارد المائية المصري الأسبق، بأن "هذا هو الحد الأدنى من التخزين، وهو الحد الذي يحمي مصر مائيا خلال أي فترة من فترات الجفاف، ولكي تتجنب القاهرة تخفيضات كبيرة في كهرباء السد العالي".

المضحك المبكي في آن واحد، هو أن تصريحات "علام" لموقع "العربية نت" كانت تتحدث عن أن تلك الكمية هي فقط من مياه النيل الأزرق، حيث كشف "علام" عن أن الطلب المصري من إثيوبيا 40 مليار متر مكعب ربما يكون قد سبب التباسًا عند البعض، فالطلب المصري يقصد 40 مليار متر من مياه النيل الأزرق فقط غير مياه النيل الأبيض ونهر عطبرة، خاصة أن النيل الأزرق إيراده السنوي حوالي 50 مليار متر مكعب.

وأضاف أن مصر طلبت من إثيوبيا ألا يزيد الحجز السنوي وراء سد النهضة عن 10 مليارات متر مكعب في السنة في المتوسط، مضيفا أن هذا العجز سيقسم مناصفة بين مصر والسودان تبعا لاتفاقية 1959، ليتحمل كل منهما 5 مليارات متر مكعب عجزا سنويا أثناء سنوات الملء الأول لسد النهضة.

وقال وزير الري والموارد المائية الأسبق: إن مخزون المياه أمام السد العالي سيغطي معظم هذا العجز الأولي، ولذلك طالبت مصر أيضا بألا يقل منسوب بحيرة ناصر عن 165 مترا فوق سطح البحر لكي نتجنب تخفيضات كبيرة في كهرباء السد العالي، مشيرا إلى أن سد النهضة ستكون له تداعيات مائية صعبة ولكن المفاوض المصري يحاول ألا تتجاوز هذه التداعيات قدرة الدولة على احتوائها.

فارق 5 مليارات

المحزن أن تنازل السيسي كان فيه التفاوض يدور فقط حول النزول من 40 إلى 35 مليار متر مكعب مياه، وهذا ما كشفه خبير المياه نادر نور الدين من أن "مصر تطالب أن تضمن حدا أدنى من تدفقات المياه من خلف سد النهضة، حيث كانت حصتها تتراوح بين 50 مليار متر مكعب من إجمالي 84 مليار متر مكعب الخاصة بنهر النيل، لذلك طالبت أن لا تقل حصتها عن 40 مليار متر مكعب كل عام في سنوات الجفاف أو في سنوات الفيضان. لكن الجانب الإثيوبي يرى أن تصل حصة مصر إلى 31 مليار متر مكعب".

وأوضح أن السودان اقترحت تقريبا لوجهات النظر بحيث يكون الحد الأدنى 35 مليار متر مكعب، بينما ترى مصر أن 40 مليار متر مكعب كحد أدنى كافية حتى لا تتأثر توربينات السد العالي".

وعن خطورة نقص حصة مصر لأي سبب، قال "في حالة نقص منسوب المياه في بحيرة السد العالي، تقف توربينات السد على المدى الطويل. ويمثل منسوب المياه في بحيرة السد العالي 182 متر مكعب، وفي حال انخفاضها 30 مترا، سيصبح المنسوب بين 150 إلى 148، مما يوقف توربينات السد عن توليد الكهرباء".