انقلاب روسي على بشار الأسد.. فمتى يسقط سفاح سوريا؟

- ‎فيتقارير

بدأت وسائل إعلام روسية مقربة من الحكومة والرئيس فلاديمير بوتين في توجيه انتقادات لاذعة للسفاح السوري بشار الأسد، في مؤشر على أن نظام الأسد بات يشكل عبئا ثقيلا على موسكو، التي بدأت تتخلى عن نظام كانت تعتبره حليفا استراتيجيا في المنطقة.

وبات الإعلام الروسي يصف الحليف السوري للكرملين بالعبء الثقيل على موسكو، وذلك بعد أربع سنوات من دعم روسي متكامل لنظام الطاغية السوري، مكنه من استعادة السيطرة على أغلب المناطق السورية التي حررتها المعارضة حتى 2015م.

أولًا: نشرت وسائل إعلام مرتبطة بـ"يفيجيني بريجوزين"، رجل الأعمال الروسي المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمعروف باسم "طباخ بوتين"- كونه متعهد تقديم طلبات الطعام والضيافة للكرملين- مقالاً هاجم فيه الأسد ووصفه بالفاسد والعاجز والذي لم ينتخب بطريقة شرعية.

وفي منتصف أبريل الماضي، نشر "طباخ بوتين" مقالا على موقع وكالة الأنباء الاتحادية هاجم فيه الأسد، مشيرا إلى استطلاع يظهر حصول الأسد على تأييد بنسبة لا تزيد على 32 بالمئة، وأدرج عددا من البدائل المحتملة له من داخل النظام السوري ومن المعارضة، لكن سرعان ما اختفى المقال لاحقًا.

ثانيا: كتب السفير الروسي السابق في دمشق، ألكسندر أكسينيونوك، مقالا تناول من خلاله حجم الإحباط الروسي المتزايد من الرئيس السوري بشار الأسد. ويعد أكسينيونوك عضوا بارزا في مجلس خبراء وأنه مؤثر يخدم الكرملين. وانتقد السفير الروسي السابق بقوة "حجم الفساد وأخطاء النظام السوري وانفصاله عن الواقع السياسي والعسكري".

ثالثا: نشر "المجلس الروسي للشئون الخارجية"، المقرب من الكرملين، والذي يديره وزير الخارجية الأسبق إيغور إيفانوف، ويحظى بحضور مرموق وسط الأوساط البحثية والسياسية الروسية، في تقرير تناقلته وسائل إعلام دولية، سلط الضوء على ما وصفه بمسعى روسي أكثر جدية لإحداث تغييرات في سوريا.

وأشار التقرير إلى وجود "شكوك متزايدة لدى موسكو بأن الأسد لم يعد قادرا على قيادة البلاد وأنه يعمل لجر موسكو نحو السيناريو الأفغاني، وهو احتمال محبط للغاية بالنسبة لروسيا".

وذكر أنه منذ بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا، حرصت موسكو على تجنب الظهور كمدافع عن الأسد، وشددت على ضرورة أن يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه، لكنه رأى أن روسيا "أصبحت أكثر جدية بشأن إجراء تغييرات في سوريا، على الأقل لأن حماية الأسد أصبحت عبئا".

وانتقد التقرير عدم مرونة الديكتاتور السوري، فقد أحبط جميع مبادرات الدبلوماسية الروسية لبدء حوار سياسي مع المعارضة، كما أن جهوده الدائبة للسيطرة على محافظة إدلب وانتزاعها من الثوار المدعومين من تركيا كانت أسوأ من ذلك، حيث أدت إلى اشتباكات مباشرة بين الأتراك والروس في أواخر فبراير الماضي.

أسباب الانقلاب الروسي

ووفقًا لتقرير نشره موقع "ذا ديلي بيست" الأمريكي بعنوان: “بعد خمس سنوات من إراقة الدماء معاً في سوريا، روسيا تنقلب أخيرا ضد إيران والأسد”، ألقى الضوء على الأسباب وراء الانقلاب الروسي وموقف الأسد وإيران مما يجري.

وبحسب التقرير، فإن روسيا بعد خمس سنوات من القتال للإبقاء على نظام بشار الأسد في سوريا، يبدو أنها بدأت تجنح الآن إلى التخلص من زبونها سيئ السمعة، فقد تفاقمت وحشية الأسد وفساده المستمر، وعدم قدرته على إقامة دولة تقوم ولو ظاهريا بوظائفها، حتى بات عبئا تفضّل موسكو ألا تتحمله.

ويعزو التقرير هذه التحولات الروسية إلى ما يتمتع به الأسد أيضا وأفراد عائلته وعشائره العلوية بروابط وثيقة، وربما عصية على الانقطاع، مع النظام في طهران والمليشيات المدعومة من إيران في سوريا، وكل ذلك يقوّض مهمة موسكو الأساسية هناك: إعادة تأهيل نظام الأسد ليبدو رمزا لاستقرار قادر على اجتذاب مئات المليارات من دولارات الاستثمارات الأجنبية لإعادة الإعمار، والتي أخذت الشركات الروسية تعد العدة لاستقبالها.

لكن الواقع يؤكد أنه ما دام أقارب الأسد يواصلون العمل كمافيا ويطلقون العنان للقوات الإيرانية التي تستخدم سوريا قاعدةً للعمليات لتهديد إسرائيل والتخطيط لهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق، فإن الدول التي يفترض أن تدفع فاتورة إعادة الإعمار- دول أوروبا والخليج- من المستبعد أن تأتي بالمال في ظل هذه المعطيات.

وكان جيمس جيفري، المبعوث الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد داعش، قد صرح في مؤتمر صحفي لوزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس 7 مايو، يقول: “إن الأسد لم يفعل أي شيء لمساعدة الروس في التسويق لهذا النظام. فحيثما نظرت، ستجد أن الأسد ليس لديه سوى العصابات من حوله، وهؤلاء لا يروجون لصورة جيدة عن النظام سواء في العالم العربي أم في أوروبا. لقد سمعنا مراراً وتكراراً من الروس ما يمكن القول إنه يشي بأنهم يفهمون جيداً مدى سوء الأسد”.

ويضيف أنه مع ذلك، فمن غير المرجح أن تستغل إدارة ترامب هذا الخلاف المتنامي، فبحسب جيفري، فإن “إخراج روسيا من سوريا لم يكن هدفاً لنا أبداً. روسيا موجودة هناك منذ 30 عاماً. ولها علاقة طويلة الأمد مع سوريا. ونحن لا نعتقد أنها كانت علاقة مفيدة للمنطقة، ولا حتى مفيدة لروسيا. لكن هذه ليست سياستنا”.

البديل الروسي

التحولات الروسية ربما تشير على نحو مؤكد على أنها تمكنت من صناعة بديل الأسد الذي يمكن أن يكون حلا للأزمة، وفي ذات الوقت يضمن المصالح الروسية في دمشق. فقد أشارت وسائل إعلام روسية على أن عائلة الأسد ليست العائلة القوية الوحيدة في سوريا، “فهناك أيضاً آل مخلوف”، والحديث هنا عن رامي مخلوف، وهو في الواقع ابن خال بشار الأسد المباشر، وأغنى رجل في سوريا، وكذلك، على ما يبدو، رجل روسيا فيها.

أما المؤكد فهو أن لديه علاقات قوية مع الكرملين، كما أنه كان لسنوات أحد أشد منتقدي الوجود الإيراني في سوريا.

المقالات التي نشرتها وكالة الأنباء الفيدرالية في 17 أبريل تَبعتها موجةٌ أخرى من المقالات والمواد الإعلامية على مدى الأيام الـ12 التالية، والتي ستدفع النظام الروسي إلى مزيد من التأكد أن موسكو تدرس خيارات أخرى غير الأسد لحكم سوريا.