بعد إعدام 8 أبرياء.. حقوقيون: نظام العسكر ينتقم من المصريين بأحكام مسيسة

- ‎فيتقارير

رغم الضغوط الدولية يواصل نظام العسكر تنفيذ أحكام الإعدام في الأبرياء والمعارضين للانقلاب العسكري الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي بتهم ملفقة وأحكام ظالمة يصدرها قضاؤه الشامخ، وهو ما اعتبره حقوقيون أحكامًا مسيسة وانتقامًا جماعيًا بهدف تصفية المعارضين لانقلاب السيسي.

كانت سلطات الانقلاب قد نفذت، فجر أمس الإثنين، حكم الإعدام بحق 8 معتقلين محكوم عليهم في القضية رقم 165 لسنة 2017 جنايات عسكري كلي محافظة الإسكندرية، والمعروفة إعلاميًّا بقضية "تفجير الكنائس"، وتلقى محامو وأسر المحكوم عليهم اتصالات من مشرحة كوم الدكة بالإسكندرية تطالبهم بالتوجه لاستلام جثامين ذويهم.

المعتقلون الثمانية الذين قامت مصلحة السجون بإعدامهم هم: وليد أبو المجد عبد الله، ومحمد مبارك عبد السلام، وسلامة أحمد سلامة، وعلي شحات حسين، وعلي محمود محمد حسن، وعبد الرحمن كمال الدين علي، ورفاعي علي أحمد محمد، ورامي محمد عبدالحميد.

كما تردد أن سلطات العسكر نفذت حكم الإعدام بحق الضابط السابق في الجيش هشام عشماوي، إلا أن مصادر أمنية نفت صحة الأنباء المتداولة في عدد من وسائل الإعلام القريبة من نظام الانقلاب حول تنفيذ حكم الإعدام بحق عشماوي.

رأي عام دولي

من جانبها، دعت حملة "أوقفوا تنفيذ الإعدام في مصر" إلى تكوين رأي عام دولي ضاغط على نظام العسكر، لوقف تنفيذ المزيد من أحكام الإعدام.

وطالبت الحملة، خلال مؤتمر صحفي عُقد بمدينة إسطنبول التركية، تحت شعار "الحياة حق"، الشعب المصري، وكل شعوب العالم بالمشاركة في أنشطة الحملة، لوقف تنفيذ أحكام الإعدامات الجائرة، والصادرة من محاكمات لا تتوافر فيها أدنى معايير التقاضي العادل.

وانتقدت استمرار إصدار أحكام إعدام جماعية تفتقد ضمانات المحاكمات العادلة وإصرار سلطات الانقلاب على تنفيذ أحكام الإعدام، رغم الكمِّ الكبير من الإدانات والانتقادات الدولية والحقوقية الرافضة لهذه الأحكام السياسية والانتقامية.

وشددت الحملة على ضرورة خلق رأي عام دولي ضاغط على نظام العسكر لوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وكشف العوار القضائي وغياب معايير وضمانات المحاكمات العادلة في القضايا المنظورة أو التي حُكم فيها.

لجنة تقصي حقائق

كما طالبت عريضة وقَّع عليها آلاف الأشخاص مؤسسات أممية بالتدخل السريع لدى سلطات العسكر لوقف تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت على عدد من معارضي عبد الفتاح السيسي.

ودعت العريضة التي نشر القائمون عليها نصها على الإنترنت في صفحة حملت عنوان "ضد الإعدام" المسئولين الأمميين إلى التدخل لدى نظام الانقلاب من أجل إعادة محاكمة جميع من حُكم عليه في قضايا مسيسة، وإلزام السلطات المعنية بأن تكون المحاكمة أمام القاضي الطبيعي، وفق إجراءاتٍ تحترم وتلتزم بمعايير المحاكمات العادلة.

كما طالبت بمخاطبة الجهات المعنية لعرض طلب تشكيل لجنة أممية لتقصي الحقائق عن أحكام الإعدامات الجائرة، وبحث أوضاع السجون والمعتقلين السياسيين داعية إلى تقديم المسؤولين عن جرائم قتل وإعدام وتعذيب المعارضين للجهات القضائية الجنائية الدولية.

قضاء غير مختص

وقال محمود جابر، مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان: إن كافة من تم إعدامهم تعرضوا للتعذيب بالضرب والصعق الكهربائي أو الإكراه البدني والمعنوي لحملهم على الاعتراف تحت وطأة التعذيب، فضلاً عن المحاكمة أمام قضاء غير مختص ولائيا بمحاكمتهم.

وأضاف جابر، في تصريحات صحفية: ما زال صوت المعتقل محمود الأحمدي يدوي في آذاننا، وهو يصرخ في وجه القاضي حسن فريد: (احنا اطحنا ضرب، واتكهربنا كهربا تكفي مصر عشرين سنة)، فقد أعلن للقاضي أنه عُذب تعذيبا شديدا هو ومن معه، بينما لم يحرك القاضي ساكنا، ولم يُفعل قانونا ولا ضميرا ولا إنسانية، حتى لم يكلف نفسه عناء التحقيق في مزاعم التعذيب والإكراه على الاعتراف.

وأشار إلى أنه ما زال رهن الإعدام المعتقل فضل المولى حسني ضحية الشهادة الزور، وآخرون عددهم 82 إنسانا، ضحايا المحاكمات السياسية الجائرة ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام".

1512 حكمًا

وكشف علاء عبد المنصف مدير منظمة السلام الدولية لحقوق الإنسان عن أنه خلال سبع سنوات صدر 1512 حكما بالإعدام، نُفِذ الإعدام في 55 منهم متوقعا ارتفاع وتيرة إصدار أحكام الإعدام وتنفيذ عدد منها خلال العام الجاري، محذرا من تفاقم "احتقان" أهالي الضحايا وانعكاس هذا الغضب على المشهد في مصر.

وقال عبد المنصف في تصريحات صحفية: إن ارتفاع وتيرة الإعدامات يهدف نظام السيسي من خلاله إلى بعث رسائل قمع وتخويف للشارع المصري، معارضا كان أو مؤيدا، ودفع المجتمعين المحلي والدولي إلى حالة يأس كامل من حدوث أي تغير أو تبديل للواقع بدولة العسكر.

وأكد أن تحرك المنظمات الدولية مقبول وله تأثير ربما لا يلحظه البعض، واستمراره في عام 2020 مطلوب بشكل كبير، وسيكون له دور مؤثر في الحد من تفاقم إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها.

انتقام جماعي

ويرى صالح حسب الله، المحامي والباحث القانوني، أن عقوبة الإعدام في دولة العسكر أصبحت وسيلة انتقام جماعية وإبادة فصيل من الشعب بهدف الانتقام السياسي.

وقال حسب الله في تصريحات صحفية: إن دعوى خلع سيدة لزوجها تستغرق في المحاكم وقتًا أكبر بكثير من القضايا السياسية التي تكون عقوبتها الإعدام، إذ تصدر الأحكام في وقت قصير جدا، وتفتقر لأبسط قواعد المحاكمات العادلة.

وأضاف: أحكام الاعدام تخالف الميثاق العربي لحقوق الإنسان الصادر بقرار من مجلس جامعة الدول العربية بالرقم 5427 والمؤرخ في 15 سبتمبر 1997، إذ تضمن المادة الخامسة من الميثاق الحق في الحياة، وتنص على "لكل فرد الحق في الحياة، وفي الحرية، وفي سلامة شخصه، ويحمي القانون هذه الحقوق"، كما نصت المادة العاشرة منه على "لا تكون عقوبة الإعدام إلا في الجنايات البالغة الخطورة، ولكل محكوم عليه بالإعدام الحق في طلب العفو، أو تخفيض العقوبة"، كما نصت المادة الحادية عشرة على أنه "لا يجوز في جميع الأحوال الحكم بعقوبة الإعدام في جريمة سياسية".

وأشار حسب الله الى أن منظمة العفو الدولية، رصدت تزايدا ملحوظا في استخدام عقوبة الإعدام، منها مئات الحالات من الإعدامات السياسية خلال فترة ما بعد الانقلاب العسكري وحتى الآن، لتحتل دولة العسكر المرتبة الأولى في إصدار أحكام الإعدامات السياسية في العصر الحديث.

أحكام مسيسة

وأكد هاني الصادق رئيس مؤسسة الشرق الأوسط للحقوق والحريات‫، أنه لا فرق بين من ارتكب جريمة قتل عمد، وبين من أصدر حكمًا بالإعدام على مظلومين بغير وجه حق لمجرد الخلاف السياسي، قائلاً "هي جرائم لا تسقط بالتقادم".

وطالب الصادق في تصريحات صحفية بضرورة كشف حقيقة هذه الأحكام المسيسة وتناولها عبر وسائل الإعلام في الداخل والخارج، ومخاطبة المؤسسات المعنية بحقوق الإنسان داخليا وخارجيا لإصدار بيان بحقيقة الواقع عن تلك الإعدامات، وتكثيف التواصل مع المنظمات لإصدار المزيد من البيانات الشارحة والموضحة لحقيقة الأمر.

ودعا الدول المعنية بحقوق الإنسان واحترامها إلى التدخل بشكل ودي لدى نظام العسكر، موضحا أن التصعيد يتم عبر منظمات حقوق الإنسان، التي تكشف حقيقة الوضع عبر رفع تقاريرها إلى الهيئات الحقوقية الدولية المختصة لتقوم بدورها بالتدخل لمحاولة وقف أحكام إعدام الأبرياء.