بعد تجديدها للمرة العاشرة.. مصر بلد طوارئ في عهد العسكر

- ‎فيتقارير

يواصل نظام العسكر إجراءته الرامية لحكم البلاد بالحديد والنار وتصعيد آلة القمع والتنكيل بالمصريين دون اعتبار للقوانين والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق قرر قرر قائد الانقلاب الدموي عبدالفتاح السيسي للمرة العاشرة على التوالي تمديد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر إضافية تبدأ اليوم الأحد.

ونشرت الجريدة الرسمية في عددها “43 مكرر”، قرار السيسي رقم 555 لسنة 2019، بشأن إعلان حالة الطوارئ في البلاد.

وشمل القرار 5 مواد، جاء في المادة الأولى، تُعلن حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، لمدة 3 أشهر اعتبارًا من الساعة الواحدة من صباح يوم الأحد الموافق السابع والعشرون من أكتوبر عام 2019 ميلادية. وتناولت المادة الثانية، تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.

وفي المادة الثالثة، يفوض رئيس مجلس وزراء الانقلاب في اختصاصات السيسي المنصوص عليها في القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ. ونصت المادة الرابعة، يُعاقب بالسجن كل من يخالف الأوامر الصادرة من السيسي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 162 لسنة 1958 المشار إليه. والمادة الخامسة تنص على نشر القرار في الجريدة الرسمية.

يشار إلى أن دستور 2014 الانقلابي يسمح بفرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وتجديدها لمدة ثلاثة أشهر أخرى بموافقة مجلس نواب العسكر، لتصبح المدة الإجمالية ستة أشهر فقط.

لكن السيسي يتحايل على هذا النص الدستورة بترك فاصل زمني بعد تلك المدة، قد يكون يومًا واحدًا أو عدة أيام، ثم يقوم بفرض حالة الطوارئ من جديد لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجديدها لثلاثة أشهر أخرى.

وبموجب حالة الطوارئ، يحق لسلطات العسكر مراقبة الصحف ووسائل الاتصال والمصادرة، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة، والإحالة إلى محاكم استثنائية وإخلاء مناطق وفرض حظر تجوال، وفرض الحراسة القضائية؛ الأمر الذي يثير انتقادات حقوقية كثيرة.

تحصين السلطة

من جانبه قال الوزير السابق الدكتور محمد محسوب: عادت الطوارئ.. وكأن طوارئ سيناء كانت كافية لإنهاء عدم الاستقرار فيها.. وكأن ترسانة القوانين غير الدستورية التي قمعت كل صفوف المعارضة لم تكن كافية لإنهاء كل إرهاب الدنيا.

وأضاف محسوب في تغريدة له بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: عادت الطوارئ.. ليس وعدًا بأداء أفضل لحفظ أمن الشعب والوطن وأماكن العبادة وجموع المصلين.. بل لتحصين السلطة ممن يجرؤ على نقدها.. ولإغلاق أبواب الدفاع عن حرمة أرضنا.

ولفت إلى أن الطوارئ جاءت لتعيد القمع والفشل لفترة قادمة أكثر قمعا وفشلا.. لا يتحقق فيها أمن المواطن وأمان الوطن.. لكن المهم أن لا يرتفع فيه صوتُ ناقد أو صراخُ ناقم.

القبضة الحديدية

وأكد المحامي والحقوقي مصطفى أبوالحسن أن تمديد حالة الطوارئ للمرة العاشرة باطل ومخالف للدستور، مشيرًا إلى أنه لا يجوز لسلطات العسكر تمديد الطوارئ وقتما تشاء دون الرجوع للمشرع.

وقال أبوالحسن إن تمديد حالة الطوارئ يقصد منها استمرار القبضة الأمنية الحديدية على البلاد، وتوغل السلطة الأمنية على كافة السلطات، وإدارة البلاد من خلال الملف الأمني، دون النظر إلى القانون أو الدستور وحقوق المواطنين، موضحًا أن القانون الذي ينظم حالة الطوارئ يمنح صلاحيات واسعة للسلطة الأمنية كوضع قيود على حرية الاجتماع والانتقال ومراقبة الصحف والمواقع الإلكترونية، والاستيلاء على أي مال منقول أو عقار، والأمر بفرض الحراسة، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.

انتهاك الدستور

وأشار المحلل السياسي محمد السيد إلى أنه “للمرة العاشرة يمدد قائد الانقلاب حالة الطوارئ، وبالرغم من المخالفة الدستورية التي ارتكبها النظام، إلا أنه ماض في انتهاك الدستور بموافقة برلمان الدم المؤيد له”.

وحول دلالة فرض حالة الطوارئ، أكد أن السيسي عندما يفرض حالة الطوارئ للمرة العاشرة فهذا يعني أنه فشل في محاربة الإرهاب، ويتخذ من فرضها تكئة أو ذريعة لقمع رافضي الانقلاب، متوقعًا أن “يستمر السيسي في فرض الطوارئ طالما بقي مهيمنًا على السلطة في مصر.

وحذر السيد من أن فرض حالة الطوارئ يعد رسالة سلبية إلى الخارج، وتوحي بعدم الأمن والأمان، وتتنافى مع مزاعم نظام العسكر بأنه قضى على 99% من الإرهاب الذي يهدد البلاد! فمن المعروف أنه مرتبط ارتباطا وثيقا بحالة الأمن، كما أن التنمية التي يتحدث عنها السيسي لا تتم في وجود قيود تفرضها حالة الطوارئ.

وشدد على أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال “الجمع بين فرض حالة الطوارئ والدعوة للاستثمار والتنمية في ظل هذا النظام المستبد”.

 

طريق المخلوع

كما حذرت الناشطة السياسية غادة نجيب من عواقب فرض حالة الطوارئ مجددا، وقالت: السيسي سوف يستخدم الطوارئ بكل تأكيد لتكبيل الحريات، وغلق المجال العام، وإسكات ما تبقى من الأصوات؛ فالسيسي لا يعرف معنى الاطمئنان إلا بالطوارئ.

وأكدت غادة نجيب أن “فرض حالة الطوارئ هو دأب أي ديكتاتور؛ حتى يظل في سدة الحكم؛ بزعم محاربة الإرهاب”.

وأضافت أن السيسي لم يخترع عجلة الطوارئ؛ فقد فعلها المخلوع حسنى مبارك قبله، وعاشت البلد 30 سنة في حالة طوارئ، فهو يستلهم الفكر ذاتها بذات الخوف الذى حكم يه المخلوع مبارك مصر لمدة ثلاثة عقود.

 

قمع المصريين

ويرى إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة، أنه من الطبيعي أن من بدأ حكمه بانقلاب عسكري دموي، واعتقل كل من سولت له نفسه المعارضة أو الترشح أمامه فى هزلية الرئاسة، أن يفرض حالة الطوارئ، بعدما انتهى تجديدها أكثر من مرة بالمخالفة للدستور؛ الذي ينص في المادة 154 على فرض حالة الطوارئ لمرة واحدة لمدة ثلاثة شهور بعد موافقة البرلمان، وتجدد لمرة واحدة بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان، وها هو يخالفه مرة أخرى بفرضها من جديد.

وقال: هذا ما دأب عليه السيسي منذ مخالفة خارطة الطريق التي أعلنها بنفسه يوم انقلابه في 3 يوليو 2013″، مؤكدا أن فرض الطوارئ ليس من أجل مكافحة الإرهاب، وإنما لقمع المصريين عامة، وكل من لا يعلن التأييد المطلق، فضلا عن معارضة النظام. أما الإرهاب في سيناء وغيرها، فيتم توظيفه لتنفيذ مؤامرة القرن بإخلاء سيناء”.

وبشأن تعارض حالة الطوارئ مع مناخ الاستثمار في مصر وتحقيق التنمية، أكد شيحة أن الأنظمة الاستبدادية لا يعنيها جذب الاستثمارات، وليست لديها رؤية أو حتى تفكير في تحقيق أي رفاهية للشعوب، بل كل ما يعنيها هو منع أي معارضة لتثبيت حكمها.

وأشار إلى أن العسكر يعتمدون على آلية الاقتراض والتفريط في الثروات والأراضي لحل الأزمات الاقتصادية.