“بلفور” وتعهدات السيسي.. بين غرس الصهاينة واقتلاع الفلسطينيين!

- ‎فيتقارير

كتب مجدي عزت:

قرن مضى على الوعد المشؤوم للبريطاني آرثر بلفور إلى الصهيوني ليونيل روتشليد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. قرن حمل معه خمس موجات من هجرة اليهود للاستيطان في فلسطين التاريخية، والاستشراء في أرضها الخضراء كخلايا سرطانية؛ اقتلعوا زيتونها وريحانها، إلى أن احتلوا نحو 85% منها. قرن مضى، ارتكب الصهاينة خلاله مئات المجازر بحق السكان الأصليين، وسط دعم غربي غير مسبوق.

على الرغم من أن تداعيات الوعد، والذي يمكن القول إنه بداية النكبة الفلسطينية والمستمر حتى اليوم على المستويات كافة، لا تزال دولة الاستعمار السابق بريطانيا ترفض الاعتذار للفلسطينيين عن فعلتها؛ بل على العكس تحضر الولائم وتفرش أرضها لاستقبال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قصورها، لإحياء ذكرى مئوية الوعد الجريمة.

قرن مضى على وعد من لا يملك لمن لا يستحق، وقعت فيه ألف واقعة، ولا يزال الفلسطيني متمسكًا بأرضه.. إلى أن يعود الحق لأصحابه.

بلفور الباحث عن الوعود
ولد آرثر جيمس بلفور في 25 يوليو 1848 في ويتنغهام، التي أصبحت تعرف اليوم باسم لوثيان وتقع في اسكتلندا.. وبعد أن أنهى دراسته الأولية التي درس فيها تعاليم العهد القديم، أكمل دراساته العليا في كلية إيتون وجامعة كامبريدج بإنكلترا.

بداية حياته السياسية كانت عام 1874 حين انتخب لأوّل مرة في البرلمان، وعمل وزيرًا أول لاسكتلندا عام 1887، ثم وزيرًا رئيسًا لشئون أيرلندا بين عامي 1887-1891، ثم أول رئيس للخزانة بين عامي 1895-1902، ورئيسًا لوزراء بريطانيا بين عامي 1902-1905.

تهجير اليهود
كان يعارض الهجرة اليهودية إلى شرق أوروبا خوفًا من انتقالها إلى بريطانيا، وكان يؤمن بأن الأفضل لبريطانيا أن تستغل هؤلاء اليهود في دعم بريطانيا من خارج أوروبا.

نقطة التحول كانت حين أعجب بلفور بشخصية الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان الذي التقاه عام 1906، فتعامل مع الصهيونية باعتبارها قوة تستطيع التأثير في السياسة الخارجية الدولية وبالأخص قدرتها على إقناع الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون بالمشاركة في الحرب العالمية الأولى إلى جانب بريطانيا.

وحين تولى منصب وزارة الخارجية في حكومة لويد جورج في الفترة من 1916 إلى 1919 أصدر وعده المعروف بـ"وعد بلفور" عام 1917 انطلاقاً من تلك الرؤية.

بلفور في فلسطين
كانت أول زيارة لبلفور إلى فلسطين عام 1925 حينما شارك في افتتاح الجامعة العبرية. وفي تلك الأثناء، أعلنت المدارس في غزة وطولكرم وكلية المعلمين في القدس ومعاهد فلسطينية أخرى الإضراب احتجاجًا على الزيارة.

وحينها كانت حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين مستعدة للاضطرابات المحتملة، فقد أوردت الأهرام أن وزير الحربية البريطاني أعلن في مجلس العموم أن فوج فرسان مدرعًا أُرسل من مصر إلى فلسطين لإخماد أي اضطرابات.

وفي ذلك الحين ذهب بلفور إلى مستوطنة يهودية، وبدا مصرّاً على أن يكون مستفزّاً قدر الإمكان. كذلك قال إنه تعهّد بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين وإنها ليست خطة شخص واحد أو أمه بل هو تجسيد لرأي هيئة أكبر الدول التي وقعت على معاهدة فرساي.

قضى بلفور أسبوعين في فلسطين وسط إضرابات عامة واحتجاجات من قبل الفلسطينيين وابتهاج من الصهاينة الذين شرعوا في تسمية الشارع الدي مرّت منه سيارته باسمه، وكانت المحطة الأخيرة له في حيفا قبل أن يغادر.. وقد أضربت المدينة بأكملها في ذلك الحين.

العجز العربي
ورغم مرور قرن من القتل والطرد والتهجير للفلسطينيين، إلا أن بعض الحكام العرب قدم للصهاينة أكثر مما قدمه بلفور لهم، على رأس هؤلاء عبدالفتاح السيسي الذي يقدم كل الدعم الاستراتيجي للصهاينة، معلنا بأنه لن يسمح أن تمثل أراضي مصر تهديدا لإسرائيل، بل وعد الصهاينة وعرابهم ترامب لإتمام صفقة القرن باستبدال أراض مصرية مع إسرائيل، ليفرغ الضفة الغربية ومناطق الداخل الفلسطيني من السكان الفلسطينيين لتكون إسرائيل خالصة من العرب، الذين سينتقلون إلى أراضي سيناء المصرية.. بل فتح سيناء لتكون مباحة للصهاينة يلاحقون من يشاءون بدعاوى مكافحة الإرهاب، ويقدم سيلا من المبادرات لإنهاء القضية الفلسطينية برؤى أمريكية وإسرائيلية.