“بن سلمان” يوسّع نفوذه.. أموال وأمراء القصر تحت وصايته

- ‎فيعربي ودولي

كتب رانيا قناوي:

اتسعت دائرة الانتقام في المملكة العربية السعودية على يد الأمير الشاب محمد بن سلمان ولي العهد ضد أمراء القصر، للهيمنة على رؤوس أموالهم، وتأمين وصوله للحكم، حيث واصلت السلطات السعودية، حملتها ضد الأمراء ورجال الأعمال، تحت مزاعم مكافحة الفساد، ونفذت اليوم عمليات توقيف جديدة، في الوقت الذي جمدت فيها حسابات ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف.

ونقلت "رويترز"، عن مصادر سعودية مطلعة، قولها إن السلطات قامت بعمليات توقيف جديدة في إطار حملة مكافحة الفساد طالت النخبة السياسية ورموز عالم الأعمال بالمملكة، كما أن عددا من الذين طالتهم أحدث عمليات توقيف بينهم أشخاص تربطهم صلات بأسرة ولي العهد الأسبق ووزير الدفاع الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، الذي توفي عام 2011.

وقامت السلطات السعودية بتجميد الحسابات البنكية لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، الذي ظهر في جنازة الأمير «منصور بن مقرن» أمس، والذي توفي في حادث تحطم مروحية، أرجعته مصادر في أسرته بأنه «حادث مدبر».

وتحدثت تقارير صحفية وحقوقية غربية، على مدار الأسابيع الماضية، عن وضع ولي العهد السابق قيد الإقامة الجبرية في قصره بمدينة جدة، غربي المملكة.

قمة الهرم
وقال مصرفي في بنك إقليمي، رفض الكشف عن هويته، لـ"رويترز" اليوم الخميس، إن عدد الحسابات البنكية المحلية المجمدة نتيجة الحملة يزيد عن 1700 حساب، وآخذ في الارتفاع، بعدما كان عددها 1200 حساب.

وفسرت كل التحليلات السياسية على الصحف الأجنبية، احتجاز السلطات العشرات من أفراد العائلة الحاكمة والمسؤولين ورجال الأعمال، ضمن حملة تقول إنها مكافحة للفساد، إلى رغبة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في التخلص من خصومه تمهيدا لاعتلاء العرش، مؤكدة أن قائمة المعتقلين تشير إلى اختيار دقيق لخصوم بن سلمان من قمة الهرم الاقتصادي والسياسي.

وتصدر قائمة المعتقلين، الأمير متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني المقال، ونائب وزير الدفاع وقائد البحرية السابق الأمير فهد بن عبدالله بن محمد، والأمير ناصر بن تركي رئيس هيئة الأرصاد، والأمير تركي بن عبدالله، أمير منطقة الرياض سابقا، والملياردير الأمير الوليد بن طلال، العضو البارز في العائلة المالكة وأحد أغنى الرجال في العالم.

وطالت الحملة أيضا رئيس الديوان الملكي السابق خالد التويجري، ووزير المالية السابق إبراهيم العساف، ورجل الأعمال الشهير صالح كامل، والمقاول المعروف بكر بن لادن، ووزير الاقتصاد المقال عادل فقيه، ورئيس الخطوط السعودية السابق خالد الملحم، وكذلك محافظ هيئة الاستثمار السابق عمرو الدباغ.

انتقائية القصر
فيما كشفت شبكة «بلومبرج» الأمريكية، أن ثروة الأشخاص الموقوفين بتهم تتعلق بالفساد في المملكة العربية السعودية، تقدر بنحو 33 مليار دولار أمريكي.

وقالت صحيفة «الحياة» السعودية إن المصارف في المملكة جمدت حساب أكثر من 1200 شخص وشركات في إطار حملة حكومية على الفساد.

ولم تكشف الأسرة الحاكمة قبل ذلك قط عن مصادر دخلها، وكم يأخذ أعضاؤها من عائدات النفط في البلاد، وكم يكسبون من عقود الدولة، أو كيف ينفقون على أنماط حياتهم الفخمة.

ولم يشرح الملك سلمان أبدا من أين حصل على المال لشراء ما تصل قيمته إلى 28 مليون دولار من المنازل الفاخرة في لندن، تماما كما لم يقل ابنه، ولي العهد الأمير محمد، أبدا كيف تمكن من شراء يخت تجاوز ثمنه 500 مليون دولار، كان قد رآه وقرر امتلاكه واشتراه، في يوم واحد.

كما أن المملكة لم تحاول أبدا إنشاء نظام قضائي مستقل للفصل في الدعوات، وإذا تم تعريف الفساد بأنه التربح الخاص على حساب المال العام، فإن التدابير الحالية، التي يتم تصويرها كتغيير ثوري، تبدو ملاحقات انتقائية.

في الوقت الذي نقلت وسائل إعلام أجنبية عن ديفيد أوتاواي، وهو زميل مختص بشئون الشرق الأوسط في مركز ويلسون: «إنه صندوق باندورا لبدء محاكمات مكافحة الفساد، من يستثني داخل العائلة المالكة؟ هل هناك أي أمراء أياديهم نظيفة؟».

وقال ناثان براون، الباحث في جامعة جورج واشنطن، الذي يدرس الأنظمة القانونية العربية: «لم يقصد من القانون (في السعودية) أن يسيطر على الأسرة الحاكمة بأي طريقة مجدية، أو أن يحكم العلاقات بين الأسرة الحاكمة والدولة، في نهاية المطاف، يمكن للملك وبعض كبار أعضاء العائلة المالكة أن يفعلوا ما يريدون ويجعلونه قانونيا في وقت لاحق».

وأضاف أن عدم وجود تنظيم للتعامل الشخصي لأفراد الأسرة المالكة «يفتح الباب على نطاق واسع لما يمكن اعتباره فسادا في أنظمة أخرى».

وقال ستيفن هيرتوغ، الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد، ومؤلف كتاب عن البيروقراطية السعودية: «سيكون من الرائع للجمهور رؤية أفراد مهمين من عائلة آل سعود يعاملون بهذا الشكل بدلا من كونهم طبقة غير قابلة للمساءلة».

وسبق وانتقد الأمير الوليد بن طلال الاقتصاد المغلق والفساد المتفشي في المملكة، وقالت مذكرة دبلوماسية سرية، عام 1996، إن الأمير الوليد قد أبلغ السفير الأمريكي عن كيف تسيطر حفنة من الأمراء الكبار على مليارات الدولارات في برامج خارج الميزانية، ما يعادل تقريبا مليون برميل من النفط في البلاد يوميا.

ووفقا للمذكرة، فإن مشروع توسعة الحرمين الشريفين ومشروع التسليح الاستراتيجي لوزارة الدفاع «كانا سريين للغاية، ولا يخضعان لأي إشراف أو رقابة من قبل وزارة المالية».

وقد قدمت المذكرة، التي تم الكشف عنها في مجموعة وثائق وزارة الخارجية التي أصدرتها ويكيليكس قبل 7 أعوام، مخططا مفصلا للطرق المتنوعة لتدفقات المال إلى أفراد العائلة المالكة، إما من خزائن الدولة أو من خلال الأعمال التجارية الخاصة في نظام مبهم.

وكان من المعروف أن الأمراء يقترضون المال، ولا يدفعونه ببساطة مرة أخرى، ما أدى تقريبا إلى انهيار البنك التجاري الوطني.

وكان من المعروف أيضا أن العائلة المالكة بمثابة وكلاء حصريين للشركات الأجنبية في المملكة، وعندما أسسوا أعمالهم الخاصة، غالبا ما اعتمدوا على الإنفاق الحكومي أو الإعانات الحكومية.

وكانت عقود الأسلحة منذ فترة طويلة مصدرا للثروة، وأفادت وسائل الإعلام البريطانية أن الأمير «بندر» تلقى أكثر من مليار دولار من المدفوعات السرية من بي إي سيستمز، المقاول العسكري البريطاني الرائد، على مدى عقد من الزمان.

وأصبح ابن الطبيب الشخصي للملك المؤسس «عبدالعزيز»، «عدنان خاشقجي»، تاجر أسلحة ملياردير، ويعمل كوسيط بين صانعي الأسلحة وأعضاء العائلة المالكة.