تحالفوا مع السيسي ضد الرئيس مرسي.. خبير: جبهة الإنقاذ وراء عودة الحكم العسكري والدولة البوليسية

- ‎فيتقارير

بات الوضع مأساويا في مصر تحت حكم العسكر بشكل واضح، وهو ما باتت تلمسه الأقلام من هنا وهناك من خلال صفحات الرأي المستقلة أو شبه المستقلة، فالبعض أمام محاولات جلد الذات دافع عن المتهمين الأبرياء وحمل النخبة المسئولية، والبعض رأى أن الشعوب كاملة تتحملها بتلذذها بالوضع الخاطئ.

وبرّأ كاتب مصري جماعة "الإخوان المسلمين" من إعادة الحكم العسكري واتهم خصومهم السياسيين الممثلين بما يسمى "جبهة الإنقاذ" غير مصدق ما حدث منهم، فألقى عليهم اللوم وبعض الرموز السياسية بشأن ما وصلت إليه أوضاع مصر المأساوية اليوم.
وقال يسري عبد العزيز، الخبير الثقافي والتربوي المصري المقيم في ألمانيا، في مقال تحت عنوان "الطريق إلى المصالحة العامة!"، نشره موقع "الشبكة العربية"، الثلاثاء 6 أكتوبر 2020: "من أعاد مصر إلى المربع الأول!؟ حقيقة لم استوعب حتى اليوم ما قام به كل من "حمدين صباحى ومحمد البرادعى وعمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد أبو الغار وسيد البدوى وجورج إسحاق وعمرو حمزاوى وأحمد سعيد" مع حفظ الألقاب..
وأضاف "وبكل حماس وتشنج بممارسة جميع الضغوط والوسائل وبكل ثقل على المجلس العسكري من أجل إزاحة الرئيس المرحوم الدكتور محمد مرسي، وكأنهم لا يدرون بأنهم بعملهم هذا وبمنتهى السذاجة السياسية، استطاعوا اعادة الحكم العسكري والدولة البوليسية إلى مصر مرة أخرى بعد أن تمكنت ثورة 25 يناير من وضع مصر على طريق الدولة المدنية".

وأشار إلى أنه "سواء اتفقنا او اختلفنا على أداء الدكتور مرسي في فترة حكمه والتي لم يعطيه أحد الفرصة الكافية لتكملة مدة حكمه حتى نستطيع أختبار وتقييم عمله السياسي بانصاف، فمن المجحف أن نستطيع تقييم آداءه في الفترة القصيرة جدا التي حكم فيها البلاد، فكان عليهم ان ينتظروا حتى الانتخابات الرئاسية التالية المستحقة، إذا لزم الأمر أسقاطه وعبر صندوق الانتخابات".
وهنا استدرك قائلا: "ولكنهم اضاعوا كل شيء واعادوا الوضع السياسي في مصر إلى المربع الأول لتكبل مصر مرة أخرى، وتضيع دماء شباب ثورة 25 يناير هكذا هباء. ومازلنا جميعا ندفع الثمن إلى الآن".

وفي سبيل البحث عن مخرج للأزمة، تساءل الكاتب:" إذا ما هو الحل!؟" وأجاب:"الحل إذا اردنا تحقيق الاستقرار  في مصر، علينا فتح الباب للعمل السياس للجميع وخصوصا الدينية منها، ومنهم الإخوان المسلمين ودون إقصاء لأحد، ومن اجل ذلك ارى بأن على الجميع اتخاذ خطوات مؤلمة وتقديم تنازلات من أجل تحقيق التوافق المجتمعي، ولذلك على النظام الحاكم الشروع بتقديم مبادرة حسن النية بالافراج على جميع المعتقلين السياسيين وفتح الباب للمصالحة العامة ووضع خطة طريق يتم من خلالها وضع منظومة حكم ديمقراطي مدني جديد يمكن لها استيعاب الجميع وتستطيع أن تستوعب جميع اطياف المجتمع للمشاركة في العمل السياسي.
وختم مقاله بواجب "على الجماعات الإسلامية وخصوصا الإخوان المسلمين أن يعملوا على أعادة هيكلة وتأهيل أنفسهم لتتلائم مع متطلبات المجتمع المصري الاساسية العامة وتحقق طموح غالبية المصريين، لتتم المصالحة العامة، من وجهة نظره".

العبيد والأحرار
ومن المشهد الأخير لحشود 2 أكتوبر التي سيرها السيسي ودولته العميقة عند المنصة تعجبت الكاتبة الأردنية إحسان الفقيه في مقال نشرته "القدس العربي" في 4 أكتوبر، بعنوان "لهذا يُظاهرون المُستعبِدين ويقاومون المُحَرِّرِين" من أن من خرج لتأييد السيسي عند المنصة –وإن تعددت أسبابهم- "رضوا جميعا بأن يكونوا ورقة السلطة للتغطية على المظاهرات المعارضة، التي تطالب برحيل السيسي، في حماية قوات الأمن التي فتحت لهم الميادين، بينما حرّمتها على المعارضين".
وأضافت أن "التفسير الأوحد لتأييد هؤلاء لمن استعبدهم وخرّب بلدهم، وجعل أهله شيعًا، ومقاومتهم في الوقت ذاته للباحثين عن الحرية، والراغبين في تحرير البلاد من المُحتلّ المحلي، وليس في مصر وحدها، بل في أمتنا بأسرها، نعم هي التربية على القهر والذل التي مُورست على تلك الشعوب، حتى أفقدتها المُبادأة والمدافعة، بل سلبتها الرغبة في تقرير المصير".


تفسير جنوح النخبة
ووجدت إحسان الفقيه هنا تفسيرا لما طرحه يسري عبدالعزيز في مقاله السالف فقالت "إذن لم يكن عجبا أن أهل الترف ومَلَأَ الحكام وكبراءَ القوم وحاشيةَ السلطة والمنتفعين بها، يحاربون راغبي الإصلاح والتغيير، فإنه من العجب العجاب أن يتولى هذا المهمة أيضا عموم الشعب وبسطاؤه والمتضررون من تلك الأنظمة القمعية التي تبدد ثرواتهم وتجعلهم يعيشون على هامش الحياة، ما الذي أوصل تلك الشرائح إلى مظاهرة المُستعبِدين ومقاومة المُحررين، لكنها تلك العوامل الضاغطة، والتربية الممنهجة التي تروض تلك الجماهير".
ورأت أن السبب ذاته هو من يدفع الجندي لحمل سلاحه بوجه جماهير بلده وتحوله إلى أداة قمع "لا يفكرون سوى في الأمر الصادر إليهم، فثق أنهم تعرضوا لتذويب الشخصية وصهرها في بوتقة القطيع، وهكذا يتربى الجند منذ البداية، وفي بعض البلاد".

وأوضحت أنه "ليس الجندي وحده من يتلقى هذه التربية المقيتة، بل عموم الجماهير التي تتعامل في حياتها اليومية بمبدأ أن هناك سادة وعبيدا، في الشركات يكون الموظف عبدا لمديره، وفي المصنع يكون العامل عبدا لصاحب عمله، لأن العسف الذي تمارسه الدوائر العليا ينسحب تلقائيا على فئات الشعب المختلفة".
ومجددا انتقدت الشعوب قائلة: "تربت هذه الشعوب على غرس القناعة لديها بأن المناداة بالحرية والديمقراطية وتداول السلطة فوضى وانفلات، وأن ما تعرفه خير مما لا تعرفه، وأنه لا بد للجماهير من عصا ينقادون بها، وإلا سقطوا في فتنة الحرية واستأسدوا، حتى صار الناس يتحدثون عن أنفسهم بأنهم لا يصلحهم إلا السوْط، وهذا ما يسميه مالك بن نبي بالقابلية للاستبدادية، والتي تكونت من إلف القهر والاستعباد، حتى غدا للاستعباد بريق".

وخلصت إلى أن مثل هذا "يسهل علينا استيعاب تخنْدُقِ الكثيرين في خانة المستبدين المُستعبِدين لهم، في مواجهة أي نزعة تحررية أو حراك إصلاحي، ولا أتَّجهُ بهذه الكلمات إلى توصيف الأوضاع في مصر بصفة خاصة، بل تكاد تكون حالة عامة في الأمة، ولذا ينبغي أن لا يتغافل أهل الإصلاح عن إسقاط هذه الأصنام في وجدان الأمة، في غمرة انشغالهم بإسقاط عروش المستبدين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".