تحريم الحياد.. لماذا سكت فقهاء السلطان عن بيع تيران وصنافير وقتل الآلاف بالميادين والتنازل عن مياه النيل؟

- ‎فيتقارير

في استهانة بشأن الفتاوى وتسييس الدين، واستعماله لمجرد أداة لشرعنة أفعال وتصرفات قائد الانقلاب العسكري المنفلتة ضد المجتمع والشعب والدولة المصرية بكافة المجالات، جاءت آخر فتاوى دار الإفتاء العسكرية، على لسان مفتي مصر “شوقي علّام” بأن الوقوف على الحياد تجاه قضايا أمن الوطن “غير جائز”، ومن يفعل ذلك “لا يستحق شرف الانتماء إلى هذا الوطن”، ما أثار جدلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين تصريحاته “دعوى جاهلية”.

وجاءت كلمة “علام”، بعد يوم واحد من خطاب عبد الفتاح السيسي، الذي هدد فيه بالتدخل عسكريا في ليبيا.

وأضاف “علام”، في كلمته، أن “الوقوف صفّا واحدا خلف القيادة الوطنية، واجب شرعي لا مرية فيه ولا خلاف عليه”، مؤكدا أن “من أوجب واجبات هذه المرحلة، ألا ننجرَّ خلف الشائعات التي يطلقها خونة الأوطان ومدَّعو التدين والوطنية”، على حد تعبيره.

وشدد “علام” على أن “كل من يعمل على شق الصف أو إضعاف الجبهة الوطنية خائن لدينه ووطنه”. وختم كلمته بالتأكيد على ضرورة أن يقف الجميع الوقوف خلف الدولة في هذه الفترة.

التنازل عن الأرض

ولعل ما يثير الغضب والسخرية، هو أن قرارات “السيسي” ليست بالضرورة قرارات الوطن الصائبة.

وهو ما ينطبق مثلا على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وسجن كل من عارض القرار وكان إيجابيا ولم يقف على الحياد، وهو ما رفضه أيضا ملايين المصريين من التنازل لقبرص عن 42 ألف كلم من مياه مصر الإقليمية نكاية في تركيا، وهو ما رفضه ملايين المصريين سابقًا وزُج بهم بالسجن، وتكرر مع توقيع اتفاق سد النهضة الذي مكن إثيوبيا من بناء أكبر سد بالقارة وحرمان مصر من نصف حقوقها المائية.

انحياز بلا دراية

وبحسب مراقبين، فإنهم اعتبروا أن فتوى الانحياز بلا تمييز خلف السيسي هي أصل الجاهلية الأولى، وقد جاء الإسلام لهدمها ودعانا للوقوف مع الحق أينما كان، وإلا كانت قريش محقة في حربها ضد الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولعلّ ما يثير الاستغراب من مواقف المؤسسات الإسلامية بمصر خلال الفترة الأخيرة، سواء كانت وزارة الأوقاف أو دار الإفتاء، هي انحيازها بلا دراية وراء مواقف السيسي، حيث تحولت لفرع لوزارة الداخلية أو الخارجية أحيانا، وحاربت الشعب الذي يئن من المرض ونقص العلاج وسط إهمال حكومي، يكتفي فقط بإطلاق التصريحات الوردية البعيدة على الواقع، دون مجرد التعليق على صرخات مصابي كورونا، أو تقديم دعم لهم.

ليس جديدًا

وسبق أن مهد شيوخ الشيطان لانقلاب السيسي والعسكر على الرئيس محمد مرسي وقتله لاحقا، حيث أفتى علي جمعة بقتل المتظاهرين الذين وصفهم بأن رائحتهم نتنة، وأفتى شيوخ السلطان أيضا بتهجير أهالي سيناء وتخريبها وفتحها للصهاينة يرتعون بها.

بل إن خطب وزارة أوقاف الانقلاب كانت تتلى على الشيوخ من قبل القيادات العسكرية لمجابهة مواقف المصريين الغاضبة من سياسات السيسي، فحرموا الشكوى من الغلاء والمرض والفقر، وغيرها من السياسات التي قتلت المصريين.

وأباح علماء السلطان للسيسي ونظامه رفع الدعم عن الغلابة والفقراء، وبيع غاز شرق المتوسط للصهاينة، وغيرها من الكوارث.