تحليل سياسي: معركة إدلب الآن في غاية الصعوبة.. وأنقرة ليست قليلة الحيلة

- ‎فيتقارير

قال تحليل سياسي لموقع “الشارع السياسي”، إن المعركة الحالية في غاية الصعوبة على الجميع، لا سيما أنقرة، التي تفتقد لدعم حقيقي شبيه بالدعم الروسي لسوريا، ولذلك فيبدو أن الوضع السوري في طريقه للتصفية الكاملة، وهو ما يتوقف على القرار التركي من استكمال المعركة، أم تحقيق أهداف أنقرة في تأمين منطقة شمال غرب سوريا من الوجود الكردي، لا شك أن الأيام المقبلة ستشهد أحداثًا كبيرة، وربما مأسوية.

مخاوف أنقرة

وقال التحليل، الذي جاء بعنوان “إدلب تواجه مصيرها.. تقدير موقف للهجوم الروسي السوري”، إن أنقرة تخشى من عودة الأكراد إلى الشمال السوري، وبالتالي تهديد أمنها القومي، وعودة الحلم بتأسيس دولة كردستان، ونظام بشار يخشى من وجود بقعة استراتيجية خارج نطاق سيطرته. قوات النظام السوري تتقدم أكثر في عمق إدلب، ضمن تكتيك القضم التدريجي، تحت غطاء جوي روسي لا يترك ريبة لمستريب في أنّ موسكو ليست فقط موافقة على هذه العمليات العسكرية؛ بل يستحيل ألا تكون هي صاحبة الضوء الأخضر في إطلاقها. وهذا تقدُّم لا يخلو من مجازفة أولى، هي الاصطدام العسكري مع أنقرة عبر نقاط المراقبة التي يديرها الجيش التركي؛ ومجازفة ثانية، سياسية هذه المرّة، هي الإضرار بتفاهمات أستانة وسوشي بين تركيا وروسيا.

لحظة المعارك

وأشار التحليل إلى أن تركيا لم تقف موقف المتفرج، وهي تشاهد التهديد يتزايد على مناطق نفوذها في شرق الفرات ومنطقة غصن الزيتون، خاصة أن هزيمة المعارضة في إدلب ستؤدي إلى خسارة أنقرة أوراقها في التفاوض؛ ولذلك بدأت أنقرة الرد على هجوم النظام جويًّا وبريًا، بتأسيس تسع نقاط مراقبة جديدة لحماية سراقب، وحفر الخنادق والاستعداد للمعركة، كما صرح بذلك أردوغان. وانتشر تصريح لوزارة الدفاع التركية، أكدت فيه أنها سترد دون أي تردد على أي محاولة من النظام السوري بتهديد نقاط المراقبة التابعة لها في محافظة إدلب.

وأضافت أن قوات النظام والمليشيات المساندة لها وسّعت محيط سيطرتها شمال وغرب نقطة المراقبة في تل الطوقان وسيطرت على كامل طريق (أبو ظهور – سراقب) بعد تقدمها في رأس العين وسليمين والرصافة. هذا التطويق جعل سراقب قاب قوسين من الحصار، فعمليًّا أصبحت شبه محاصرة، وتمكنت قوات النظام من رصد طريق (حلب – دمشق)؛ بسبب تمركزها في مزارع الدوير والقعلولة، واستحالة الانسحاب من طريق (حلب – دمشق) القديم الذي يصل بين سراقب وبلدة تفتناز. ولم يبق أمام مقاتلي وثوار المدينة ومن معهم سوى الانسحاب باتجاه نقطة المراقبة التركية الجديدة في معمل الأدوية (شمال سراقب)، ومنها غربًا إلى بلدة آفس، فيما سلك آخرون الطريق الزراعي باتجاه الشمال أيضًا.

وخلصت إلى أن أهمية هذه المناطق  للمعارضة مصيرية، وللنظام استراتيجية، ومن هنا فإن استعداد الجميع للدفاع عنها قد ينذر بكارثة. ولكنه لا يلغي احتمالية حدوث تفاهمات جديدة بين روسيا وتركيا، والنظر إلى السيناريوهات السابقة التي حصلت وبطريقة مشابهة لمدينة سراقب.

قليلة الحيلة

وفي نفي لقلة الحيلة، أشار التحليل إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدرك جيدًا أنّ الذهاب أبعد مما ينبغي، في تجاوز حدود اللعبة ليس البتة في صالح موسكو سياسيًّا، كما أنه عسكريًّا نقطة ضعف فادحة في جانب النظام السوري كما أثبتت التجارب السابقة؛ ليس ضمن احتمالات أية مواجهة عسكرية بين جيش النظام والجيش التركي فقط، بل كذلك إذا شاءت أنقرة رفع وتيرة التسليح، كمًّا وكيفًا، لدى كتائب ما يُسمّى بـ”الجيش الوطني السوري”، الملحق بوزارة الدفاع التركية، أو حتى منح الجولاني “غمزة” كترخيص بالتصعيد. كما أن عودة واشنطن للمشهد مؤخرًا وتصريحها بأن أنقرة عضو في حلف الناتو، وأنها ترفض أي إضرار بها، قد يكون ورقة جديدة لأردوغان لمزيد من الضغط على روسيا.

واستدرك قائلا: “لكن يبدو أن النظام السوري لم يكتفِ بما حققه بعد السيطرة على مدينة معرة النعمان، وقصفه المستمر على أحياء إدلب وريف حلب، وأنه ينوي السيطرة على مدينة سراقب؛ لكي تسهل من عملية الهجوم على إدلب والقضاء على المعارضة تمامًا”.

المشهد الميداني

ولفت التحليل إلى معاناة النظام السوري من خسائر كبيرة على محور جمعية الزهراء، على خلفية العملية العسكرية المباغتة التي شنتها قوات “العصائب الحمراء” في المنطقة، مشيرا إلى إعلان مواقع معارضة مقتل خمسة جنود روس على الأقل، وأكثر من 60 عنصرًا من قوات النظام السوري، خلال ساعات من الاشتباكات المشتعلة داخل جمعية الزهراء في مدينة حلب.

ومن ذلك إعلان “تحرير الشام” أن الهدف من المعركة السيطرة على جمعية الزهراء بشكل كامل، التي تعد بوابة حلب من الجهة الشمالية الغربية، وأيضًا تعد أكثر مواقع قوات النظام السوري تحصينًا في المدينة؛ وذلك للرد على سيطرة النظام على معرة النعمان وتصعيده ضد مدينة سراقب، لا سيما أن هناك ضوءًا أخضر تركيًّا لمشاركة فصائل المعارضة في هذه المعركة، وهو ما يظهر حجم التعقد في المشهد الحالي، واقتراب حدوث هدنة وحل توافقي مرحلي، لحين العودة إلى مائدة المفاوضات.

شهية إيران

وأكد التحليل أن شهية إيران في العودة إلى بلدتي كفريا والفوعة، وذلك في حال سيطرة النظام على مطار تفتناز العسكري؛ حيث أظهرت طهران تحركًا عسكريًّا لافتًا خلال الأسبوعين الأخيرين في ريف حلب الغربي والشمالي بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني.

وكإثبات لوجودها وتعزيز لدورها على الأرض، ولإرسال رسائل قوية لكل الأطراف أنها ما زالت فاعلة على الأرض وقوية، ولحفظ ماء وجهها أمام جمهورها في سوريا، فستسعى طهران للسيطرة على البلدتين، وإعادة أهلها الذين رعت تهجيرهم في صفقة المدن الأربعة (الفوعة وكفريا مقابل الزبداني ومضايا). ومن المتوقع أن يُعقّد دخول إيران المرتقب على خط المواجهة، خريطة انتشار القوى على الأرض، وسيوتر العلاقات الجيدة بين طهران وأنقرة.