تصاعدت على مدى 7 سنوات.. 4 انعكاسات مخيفة لمذابح الانقلاب

- ‎فيتقارير

اهتم بعض المتابعين للشأن المصري خلال السنوات الأخيرة بقرار يحتمل الخطأ والصواب في اختيار مكان اعتصام رابعة العدوية ونهضة مصر في 27 يونيو 2013، والذي شارك فيه "تحالف دعم الشرعية" والأحزاب والتجمعات السياسية المكونة له بين المدنية والإسلامية، والذي أضاف بعد 30 يونيو و3 يوليو 2013 إلى عنوانه "تحالف دعم الشرعية ورفض الانقلاب".

وقالت أسماء شكر في مقال رأي نشره لها موقع المعهد المصري للدراسات إن اختيار الموقع كان غير موفق وفي حيثيات إبراز ما ذهبت إليه ساقت أدلة ضمنية على سلمية الاعتصام والمعتصمين. فقالت "عن موقع اعتصام رابعة، فيمكننا أن نؤكد أن الميدان أشبه بالثكنة العسكرية، فالمباني التابعة للقوات المسلحة (جهاز الأمن الحربي – قوات الدفاع الشعبي – الإدارة العامة المالية للقوات المسلحة – وعلى مقربة منه مبنى وزارة الدفاع بشارع الطيران) تحيط بالميدان من كل النواحي مما يجعل المعتصمين صيدا سهلا لقوات الشرطة والجيش، وهذا ما حدث بالفعل".

وعن "اعتصام النهضة فاختيار موقعه أيضا كان كارثياً، من حيث مجاورته لمنطقة “بين السرايات” والمعروفة بأكبر تجمع للبلطجية المتعاونين مع الشرطة، ولا يوجد أي تأثير للتواجد في هذا المكان غير المأهول بالعمارات السكنية بالإضافة إلى قرب الاعتصام من مديرية أمن الجيزة وقسم الدقي". وأضافت "شكر" أن موقع الاعتصامين سهّل على قوات الأمن عمليات الفض الدموية في مذابح لم يعرفها المجتمع المصري إلا بعد الانقلاب العسكري، ونستطيع القول بأنه كان من حق رافضي الانقلاب الاعتصام والتظاهر، ولكن دلالات قرار الإبادة والقتل بدم بارد كانت موجود وبقوة، وعلى رأس تلك الدلائل مجزرتا الحرس الجمهوري (8 يوليو 2013)، والمنصة (27 يوليو 2013).

قرار إبادة
ورصد العديد من المراقبين أن الموقع لم يكن ذا دلالة قوية في استفراد قوات الجيش والشرطة بالمعتصمين وقتلهم بقرار إبادة وبدم بارد. وأن هذه الرؤية كانت واضحة خلال الشهور السبعة الأولى من عمر الانقلاب الذي نفذ خلالها مذابح في أغلب ميادين مصر، وقتل ما يزيد عن 3500 رافض للانقلاب، وفض كل الاعتصامات والمظاهرات، بقرار تجنب فيه الفض بالمياه أو بقنابل الغاز المسيل للدموع ولكن إراقة الدماء كانت قرار السيسي تنازع مسؤوليته السيسي وصدقي ومن أوكلهما.
منظمة "العفو" الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، وعشرات المؤسسات الحقوقية الدولية والإقليمية والمصرية، وامتد إلى الأمم المتحدة، حيث دعا الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون السبت 13 أغسطس 2016م إلى ضرورة إجراء تحقيقات كاملة بشأن مقتل مئات المدنيين على أيدي قوات الشرطة والجيش المصري خلال فض اعتصام ميدان رابعة العدوية شرقي القاهرة في 14 أغسطس2013.

ورغم أن أحداث السنوات الماضية لم تنبئ بأي مساءلة أو محاسبة، بل إن بعض الدول التي دانت ما حدث بلهجة قاسية في حينه، كفرنسا وإيطاليا، فتحت ذراعيها في ما بعد استقبالاً لصاحب قرار الفض، المنقلب عبدالفتاح السيسي.

فقدان الثقة
وقالت دراسة لموقع "الشارع السياسي" عن فض اعتصام رابعة العدوية إن المذابح أدت إلى 4 أمور أبرزها؛ "فقدان الثقة في الجيش ومؤسسات الدولة". وأضافت أن "الانقلاب جعل نصف الشعب على الأقل يكفر بالمؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة العميقة، وتراجعت شعبية المؤسسة العسكرية لمستويات قياسية وغير مسبوقة بعد الانقلاب مباشرة خصوصا وأن الجيش كشف عن وجه قبيح بتوجيه السلاح لصدور الشعب بدلا من الأعداء".

وأشارت إلى تصاعد هذا الخطر بعد فشل العسكر في إدارة شئون البلاد ما أفضى إلى تدهور مالي واقتصادي حاد أفضى إلى تضخم الديون بصورة مخيفة حتى بلغت 5 تريليون جنيه "دين محلي" وأكثر من 106 مليار دولار من الخارج، وفق الأرقام الرسمية الصادرة من البنك المركزي، وفرض رسوم وضرائب بشكل جنوني حتى زادت بعض الخدمات خلال السنوات الأربع الماضية بنسب تقترب من 500% كالمياه والكهرباء وتذاكر المترو وتعريفة ركوب السيارات وكثير من السلع والخدمات. موضحة أن توجهات احتكارية من جانب المؤسسة العسكرية على مفاصل الاقتصاد وسيطرتها على حوالي 60% من إجمالي الاقتصاد المصري وفق تقديرات مؤسسات متخصصة.

ولفتت إلى أن العوامل الفائتة أفضت إلى تراجع حاد وشديد الخطورة في شعبية المؤسسة العسكرية التي باتت عنوانا للاستبداد السياسي والاحتكار الاقتصادي، والتحالف مع الصهاينة العدو التاريخي اللدود للشعب المصري. كما فقد الشعب الثقة في باقي مؤسسات الدولة، فالشرطة محل كراهية الشعب منذ عقود طويلة لكن المذابح الدموية أكدت لملايين المصريين أنهم أمام مؤسسة يتوجب تطهيرها كاملا وإقامة جهاز أمني جديد على أسس سليمة إذا أرادت مصر النهوض والتقدم وإقامة نظام ديمقراطي سليم. كما فقد الشعب أي ثقة في القضاء المسيس والمؤسسة الدينية الرسمية التي كشفت عن نفاق مزمن متؤصل في نفوس قادتها للنظام العسكري السلطوي،

الانقسام المجتمعي الحاد
وأضافت الدراسة أن انقلاب 30 يونيو والمذابح التي نفذت بوحشية مفرطة، بتحريض من الأمريكان والصهاينة وعواصم خليجية متآمرة على مصر أفضت إلى انقسام سياسي بعدما ثبت أن المؤسسة العسكرية ـــ بتحريض دولي وإقليمي ـــ هي من كانت تقف وراء هذا الانقسام السياسي الحاد وهي من حفزت القوى المعارضة للرئيس مرسي بانحيازها لهم والقضاء على الإخوان ذاتهم وليس حكم الإخوان بحسب ما تردد وقتها؛ ما جعلهم يصعدون من لهجتهم متجاوزين جميع الأعراف والقيم الديمقراطية ويرفضون جميع دعوات الحوار مع الرئيس المدني المنتخب؛ طمعا في الحكم على ظهور دبابات الجيش بعد أن يئسوا من الفوز بثقة الشعب عبر الآليات الديمقراطية.
وأفضت المذابح إلى شعبين؛ شعب ينتمي للنظام الجديد ويمثله الجيش والشرطة ومؤسسات الدولة العميقة، وشعب ينتمي إلى مصر وثورة 25 يناير ويدعم المسار الديمقراطي، وجلهم من الحركات الإسلامية التي تؤمن بالمسار الديمقراطي والانتخابات كآلية للوصول إلى الحكم، بحسب الدراسة.

التداول السلمي
ومن أبرز المخاطر التي أوضحتها الدراسة وتستحق أن يشار إليها "فقدان الأمل في التداول السلمي للسلطة". وأوضحت أن الانقلاب أرسل رسالة واضحة أن صناديق السلاح والذخيرة هي من تحسم الصراع وليست صناديق الانتخابات وإرادة الشعوب، فمرسي قد انتخب قبل عام من الانقلاب في أنزه انتخابات في تاريخ مصر، ورغم ذلك نظمت المؤسسة العسكرية ومؤسسات الدولة العميقة حشودا مصطنعة بفعل توظيف الخلاف السياسي والتحريض الإعلامي الذي استخدم جميع الوسائل غير الشريفة وغير المهنية.
وأضافت أن "30 يونيو" أسس نظام شمولي استبدادي يستحيل أن يتم تغييره بالوسائل والآليات الديمقراطية، لكن الأكثر خطورة أن ملايين الشباب من الإسلاميين وغيرهم وصلتهم الرسالة؛ فلا مكان لكم في مصر ولا حكمها حتى لو فزتم بثقة الشعب؛ وهو ما أفضى إلى بث الروح في أفكار التنظيمات الراديكالية المسلحة التي لا تؤمن بالديمقراطية أو الانتخابات طريقا للحكم والتداول السلمي للسلطة.

غياب الاستقرار وهروب الاستثمار
ومن أبرز مات أفرزته المذابح وله خطورته غياب الاستقرار وهروب الاستثمار وهو ما اعترف به السيسي أخيرا، وكان ذلك نتيجة الحكم الاستبدادي والمجازر الوحشية والانقسام المجتمعي الحاد، وفقدان الثقة الشعبية في مؤسسات الدولة التي سطت على الحكم عبر انقلاب غير شرعي، وتأميم الفضاء السياسي والإعلامي واحتكار الجيش لمفاصل الاقتصاد في البلاد؛ كلها عوامل أدت إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار لا تزال تضرب بحدة جوانب المجتمع المصري، فأفضى ذلك إلى هروب الاستثمار وتوقف المصانع وزيادة معدلات البطالة وتفشي الغلاء الفاحش؛ فانتشرت الجريمة وبات العنف منهج حياة في تعاملات المصريين مقتدين بالجنرال السيسي الذي سيطر على الحكم بقوة السلاح وظهور الدبابات.