“تعاشب شاي”.. ماذا تبقى من آثار الفراعنة لم يبِعه السيسي حتى يجرده البرلمان؟

- ‎فيتقارير

"شرّ الأخبار ما يضحك".. تستطيع أن تقول ذلك ببساطة حينما تطالع تصنُّع برلمان الدم في ملف الآثار المصرية، وتصدير البرود للمشهد الإعلامي بأن كل شيء بخير، والأهرامات ما زالت في مكانها، وأبو الهول تحت الشمس يحتسي الشاي الساخن وينعي المخلوع مبارك ويؤيد انقلاب السفيه السيسي.

ومن البرود ما قام به النائب محمد شعبان، وكيل لجنة الثقافة والإعلام والآثار في برلمان الدم، حين استضاف خالد العناني، وزير السياحة والآثار في حكومة الانقلاب، بزعم التنسيق بشأن "بعض الأمور الخاصة" بعمل اللجنة والمرتبطة بوزارة السياحة والآثار، خاصة فيما يتعلق ببعض الزيارات الميدانية التي تجهز اللجنة للقيام بها خلال الفترة القادمة!.

تعاشب شاي..!

وزعم محمد شعبان، وكيل لجنة الثقافة والإعلام والآثار في برلمان الدم، أن اللقاء مع وزير السياحة والآثار في حكومة الانقلاب كان لقاء وديًّا، ولم يكن بترتيب مسبق، موضحًا أن الوزير كان متواجدًا في مجلس النواب ولديه بعض اللقاءات، وعندما علم بوجوده طلب مقابلته للتنسيق بشأن بعض الموضوعات!.

وفجَّر شعبان مفاجأة باردة، بالقول إنه تناقش مع وزير سياحة الانقلاب في أمور تخص بعض الزيارات الميدانية التي ستنظمها اللجنة خلال الفترة القادمة، للتنسيق بشأن هذه الزيارات، والوقوف على بعض الاستعدادات التي تتم في المتاحف مثل متحف الحضارة في عاصمة العسكر الجديدة.

كانت لجنة الثقافة والإعلام والآثار في برلمان الدم، قد أوصت خلال اجتماع لها الأسبوع الجاري، بتشكيل "لجنة مخبرين" من قبل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، لمداهمة أسواق الكتب وإرهاب الناشرين، بزعم مراجعة كل ما يتم تداوله فى الأسواق والمكتبات، للإبلاغ عن أى محتوى ضد العسكر والانقلاب.

وذلك خلال مناقشة طلب الإحاطة المقدم من النائبة داليا يوسف، بشأن تداول قصص الأطفال التى تحث على اتباع السنة النبوية وتعاليم الإسلام، والتي اتهمتها النائبة بأنها تجشع على "العنف والإرهاب"، وأكدت اللجنة مسئولية المجلس الأعلى للإعلام وسلطته في مراقبة الكتب، بموجب المادة الرابعة من قانون تنظيم المجلس الأعلى للإعلام.

ونشرت جريدة الأهرام الرسمية تفاصيل في غاية الأهمية عن مخازن الآثار في مصر، منذ أكثر من سنة، وحين يمر عليها القارئ يشعر أنها ثروات بلا رقيب أو حسيب، وكأنها مغارات علي بابا، متروكة للأربعين حرامي.

وحسب ما ورد في جريدة الأهرام، فإنه يوجد في مصر 72 مخزنًا، منها 35 مخزنًا متحفيًا و20 مخزنًا لآثار البعثات و17 مخزنًا فرعيًا بالمواقع في عدة محافظات مصرية.

فعلى سبيل المثال لا الحصر، أبرز مخازن المتاحف "قبو المتحف المصري"، وهو عبارة عن مساحة واسعة تحتوي على شوارع وممرات وحجرات، جميعها تحت الأرض، ويضم ما لا يقل عن 65 ألف قطعة أثرية، بعضها وضع داخل صناديق لم يتم فتحها منذ 70 عامًا، حيث لا يوجد حصر عام لعدد القطع الأثرية الموجودة فى بدروم المتحف المصري، وقد تظاهرت سلطات العسكر بالعجز عن تسجيل ما به من آثار طوال العقود الثلاثة الماضية.

بينما قال الدكتور الراحل عبد الحليم نور الدين، في تصريحات صحفية سابقة، إن أول مرة يتم فيها جرد مخازن الآثار، كان عام 1995 أثناء توليه منصب أمين عام المجلس الأعلى للآثار، حيث شكل وقتها لجانًا ضمت أثريين وأكاديميين وقانونيين وأمنيين، وجردت 85% من الآثار، لكن انتهى الأمر بأن يكون مجهودًا ضائعًا لأن النتائج لم تُنشر، و لم يتم التوصل بناء عليها إلى معلومات مؤكدة حول كمية الآثار وأنواعها وأماكن تواجدها، يذكر أيضًا أن بعض المحاولات لجرد مخازن الآثار تمت بأياد أجنبية، لكن أيضًا لم يرد لها العسكر أن تكتمل.

وحذر اقتصاديون ومختصون أثريون مصريون، من الخطوات المتسارعة التي يقوم بها جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، لتقنين بيع وتهريب الآثار المصرية، في إطار خطة البحث عن بدائل عاجلة لمعالجة الأزمات التي يعاني منها الاقتصاد المصري.

وأكد الخبراء أن تكليف السفيه السيسي لحكومة الانقلاب بوضع خطط عاجلة للاستثمار في قطاع الآثار، كانت ترجمة واضحة لعدة إجراءات بدأت لتقنين عمليات بيع وتهريب الآثار المصرية، تمثلت في إنشاء صندوق سيادي فرعي من الصندوق السيادي المصري، مختص بالاستثمار في الآثار المصرية.

وجاء التكليف الجديد بالتزامن مع تصريحات لوزير الآثار والسياحة في حكومة الانقلاب، أبدى فيها استعداده لتوريد القطع الأثرية للمستثمرين الراغبين في بناء متاحف.

وحسب الخبراء، فإن عمليات تهريب الآثار نشطت بشكل واضح بعد الانقلاب العسكري، وبدأت عمليات بيع التماثيل والآثار المصرية في المزادات الدولية، تظهر بشكل متزايد في أوروبا وعدد من الدول العربية، وهو ما يجعل الشكوك تحيط بإجراءات وخطوات عصابة السيسي المرتبطة بالآثار المصرية.

الأهداف الخبيثة

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي، علاء السيد، أن فكرة الاستثمار في قطاع الآثار في حد ذاتها جيدة، ولكن المشكلة في التاريخ المشبوه لعصابة العسكر في التعامل مع الآثار المصرية، وهو ما يجعل أي خطوة يتخذها محاطة بالشكوك والتخوفات، من الأهداف الخبيثة التي تقف وراءها.

ويشير السيد إلى أن الفترة التي تلت الانقلاب العسكري في يوليو 2013، شهدت أكبر عمليات تهريب للآثار، تحت رعاية وحراسة الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة، سواء الآثار التي تم تهريبها بإشراف محمود نجل السفيه السيسي، من مطار القاهرة بعد قطع الكهرباء عنه في يونيو 2017، وظهرت بعدها في متحف اللوفر بأبو ظبي بالإمارات، أو من خلال تهريب محتويات المتاحف المتنقلة التي تجوب أوروبا، كما حدث مع مقتنيات "الملك توت عنخ آمون" مؤخرا.

ووفق الخبير الاقتصادي، فإن وزارة الآثار في حكومة الانقلاب اعترفت باختفاء 32 ألف قطعة أثرية من مخازنها خلال السنوات الماضية، بينما تم استرداد أربع قطع فقط خلال العامين الماضين، من الآثار المهربة، وهو ما يدعم المخاوف التي تحيط بإجراءات السفيه السيسي، خاصة أنه يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة نتيجة تراكم الديون وفوائدها، وانخفاض معدلات الاستثمارات الأجنبية والمحلية بمصر.

ويعتبر السيد قرار السفيه السيسي بإنشاء صندوق سيادي فرعي من الصندوق السيادي المصري، متخصص للاستثمار في الآثار، وتحصين الصندوق من المساءلة والرقابة القضائية والتشريعية، هو بداية لتقنين أكبر عملية نهب وسرقة للآثار المصرية، حيث أصبح من حقه بيع الآثار، أو تأجيرها بنظام حق الانتفاع الطويل، كما حدث مع منطقة باب العزب في القلعة مؤخرا.

ويضيف السيد قائلا: "السيسي تنازل عن الأرض المصرية، وقتل بدم بارد آلاف المصريين، وترك الغاز المصري لإسرائيل، ويقوم بتأجير جيش مصر لمن يدفع أكثر، ويقوم بتهريب الذهب أمام مرأى ومسمع الجميع، ودمر سيناء وشرد أهلها، فلا يمكن لهذا النظام أن يحافظ على الآثار المصرية، لأنه يعتبرها ملكا له، وكل الإجراءات التي يقوم بها، هي عملية خداع للشعب المصري المغلوب على أمره".