تعليم التطوع.. تدمير لمستقبل أبناء الفقراء لإرضاء السيسي وصولا لمجتمع “ضايع”

- ‎فيتقارير

في الوقت الذي يؤكد فيه قائد الانقلاب العسكري أن لا فائدة من التعليم في وطن ضايع، بقوله “وايه يعمل التعلي في وطن ضائع”، يتأكد للمتابعين أن السيسي لا يريد لأبناء الفقراء التعليم الجيد، وإنما يريد الاكتفاء بمحو أميتهم فقط، أو أن يصبحوا شبه متعلمين فقط، في ظل شبه الدولة الذي تحولت إليه مصر.

وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير التعليم الانقلابي طارق شوقي، عن حاجة الوزارة في العام الماضي لنحو 11 مليار جنيه، لاستكمال برامجها، خرجت كلاب السيسي المسماة إعلامًا لتهاجم الوزير بإيعاز من المخابرات التي تدير إعلام العسكر، بل ومنعت ظهور صورته بالصحف عقابا له على تجرئه بالكلام علنا عن ازمة التمويل والعجز المالي في زارته.

وعلى ما يبدو فإن شوقي فهم رسالة السيسي، بأنه يشتغل في ضوء الوضع الحالي، ودون زيادات مخصصات مالية، بالمخالفة لدستور الانقلاب الذي تحدث عن زيادة موازنة التعليم لتصبح 3% من الدخل القومي.

وبسرعة غير مسبوقة، سعى وزير التعليم الانقلابي لتكييف أوضاع وزارته على هوى السيسي، بوقف التعيينات بالمعلمين رغم العجز الكبير بالمدارس، لدرجة زيادة نسب الحصص الاحتياطي عن 40% من الحصص، بحسب خبراء ومعلمين.

وتفتق ذهن شوقي عن فكرة التعليم بالتطوع، والذي يعده خبراء جريمة بحق طلاب مصر.

رفض مجتمعي

إلا أنه ارتفعت الأصوات في مصر الرافضة لقرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني بحكومة الانقلاب طارق شوقي التطوع بالعمل في المدارس الحكومية من الجنسين، والذي أعلنت عنه الوزارة مؤخرًا لسد النقص في المؤسسات التعليمية، والتي يراها البعض مسلسلاً لعمليات تخريب التعليم داخل البلاد، وبداية إلغاء العقود أو التوظيف، وإنهاء للمسابقة الرسمية التي أعلنت عنها الوزارة مؤخرًا بتعيين عدد من الخريجين بالعقود، في ظل العجز في كافة المواد الذي تواجهه المدارس، والذي يصل إلى أكثر من 350 ألف مدرس.

يقول أحد المسئولين في وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني إن هذا الطرح واجه رفضًا وانتقادًا كبيرًا من الموجهين الأوائل في الوزارة وعددًا من المسئولين.

ووصل الأمر إلى المطالبة بعدم نشره كونه سيلاقي انتقادات ورفضًا كبيرًا من الجميع في الشارع المصري. إلا أن نائب الوزير، رضا حجازي، طرح هذا الأمر بضوء أخضر من شوقي، موضحًا أن التطوع في التدريس يعدّ حلاًّ مرفوضًا لأزمة العجز في المعلمين، مشيرًا إلى أن هناك حالة من الغضب والسخط الشديدين داخل الوزارة من الوزير ونائبه.

كما أن الحديث عن التعاقد مع عدد من المدرسين، والذي أعلنت عنه الوزارة منذ شهر تقريبًا، ولم تقم بتنفيذه حتى اليوم على الرغم من المبالغ الكبيرة التي أنفقت، عدا عن إرهاق المتقدمين للوظائف الذين يعانون البطالة، هو أشبه بتجميع قاعدة بيانات. ففي حال احتاجت موظفين، سواء مدرسون أو إداريون في أي مكان في محافظات الجمهورية تلجأ إلى هذه البيانات.

وسادت اعتراضات واسعة في الأوساط التربوية، باعتبار أن إعلان التطوع في التعليم يتناقض مع شعار وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الذي يُنادي بجودة التعليم والحفاظ على الكفاءة العلمية. وما أعلنته الوزارة يؤثّر على العملية التعليمية، في وقت أعرب عدد من أولياء الأمور عن استيائهم مما تشهده المدارس الحكومية من نقص في الكوادر التعليمية وقلة الإمكانيات وغياب التطور التكنولوجي، و”زاد الطين بلة” الإعلان عن فتح باب التطوع للتدريس في المدارس في المحافظات.

وزير غير واع

وبحسب خبراء، “الوزير لا يعي حجم معاناة المجتمع في المحافظات إذ أن الموظف والعامل في مصر يعمل في أكثر من عمل للحصول على المال وتوفير معيشة متوسّطة للأولاد” فكيف سيتفرغ المتطوع للعمل بالتعليم، إلا إذا كان هدفه التوسع في الدروس الخصوصية لتغطية نفقاته، أو انتظار ظيفة قد لا تأتي مما يدمر نفسيته وهو ما يعود على التلاميذ بالسلب والتحطيم والقهر بل وأحيانا الانتقام من المجتمع في هؤلاء التلاميذ.

ويرى أولياء أمور أن الدولة تريد التهرب من مسئولياته تجاه المجتمع وتوكل تعليم أبناء الفقراء بصورة عشوائية، فكيف سيحاسب المعلم المتطوع وكيف سيلزم بالمناهج وطرق التدريس وهو بلا خبرة.. ما يمثل تدميرًا لجيل من الأبناء.

من جانبه، يرى الخبير التربوي، كمال مغيث، أن قرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني طارق شوقي، قبول تطوع أصحاب المؤهلات التربوية للتدريس مرفوض من الجميع، مطالباً الوزير بتقديم حلول أكثر واقعية لمشاكل التعليم في مصر، بدءًا من رياض الأطفال وحتى الثانوية العامة قبل أن تقع الكارثة. ويشير إلى وجود عجز شديد بين المعلمين، وفتح باب التطوع دليل على عدم وجود اعتمادات مالية في الوزارة، ووجود عجز في المواد الدراسية في كافة مراحل الدراسة.

ويتوقّع مغيث انتهاء العام الدراسي الحالي بكافة مشاكله مثل الأعوام السابقة، لافتًا إلى أن المدارس في مصر ستصبح مكانًا للحصول على الشهادة فقط.

ويضيف مغيث أنّ “التطوع عمل إنساني ومبدأ سام لكن ليس في كل المجالات. التعليم يحتاج إلى تربويين للعمل في التدريس”، لافتًا إلى أن “الكثير من المتطوعين لا يعلمون كيفية استخدام اللوح الذكي أو التعاطي مع التعليم الإلكتروني الذي تطبقه الوزارة. من هُنا، فإن التطوع لا ينفع في بلد يشهد ارتفاعًا كبيرًا في نسبة الفقراء وغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار”.