تلاميذه ومريدوه على “التواصل”.. “عمارة” المفكر الموسوعي والناصح الأمين

- ‎فيتقارير

بين النثر والشعر ترجم تلامذة ومحبّو الدكتور محمد عمارة حبهم له وجلساتهم معه إلى نبض شرحته صفحاتهم على مواقع التواصل، فمن كان مُقلًّا في كتاباته شرح الله صدره ليفيض قلمه، ويشرح كيف فقدت الأمة رجلا كأمة، وآخر بدأ ينشر صوره معه في جلساته وهو بملابسه في البيت، وهناك ثالث تابع تأصيل وتوثيق رحلة الجثمان المسجى في نعشه من القاهرة حيث يسكن، وصولا إلى قبره حيث محل ولادته بقرية الصورة مركز قلين بمحافظة كفر الشيخ.

خلف الغزالي

ومن أبرز المحبين الدكتور خالد فهمي، الأستاذ بكلية الآداب جامعة المنوفية، والذي اعتبر أن "عمارة كان خير خلف للغزالي فقها وذودا ووجدانا نابضا بحب الله والأمة.. كان الدكتور محمد عمارة مخلصا إلى أبعد حدود الإخلاص.. وآية ذلك الكم الكبير من الأقلام التي منحها الفرصة بعد الأخرى للنضوج والإسهام المعرفي".

وفي تغريدات متتالية يزيد أن "د.عمارة رعى أجيالا من الباحثين، وأعان الكثيرين على نشر أعمالهم الفكرية، وقدّم لكثير منهم بمقدمات تكشف عن جهدهم". وأضاف "كانت نصيحته الدائمة: لا تيأسوا إن الإسلام سينتصر".

وأردف "كان الدكتور محمد عمارة- رحمه الله- من أقدر الناس على كسر شوكة أعداء الفكر الإسلامي، من اليساريين والتغريبيين، بعد أن خبر اليسار من الداخل، فبهرج زيفه، وأدرجه في أكفانه.. رحم الله تعالى المفكر الكبير الدكتور محمد عمارة رحمة واسعة وأجزل له المثوبة".

وكتب مجددا: "من أعجب ما وقعتُ عليه في منجز محمد عمارة فيما صنعه من معجمات مختصة. لقد أنجز معجما لمصطلحات الاقتصاد في الحضارة الإسلامية.. صدر مرتين عن دار الشروق ودار السلام، ثم أنجز الوسيط في المصطلحات الإسلامية.. لقد كان محمد عمارة أمة وحده".

كاسح التغريبيين

وفي مجموعة من الأوصاف كتب عنه د.‏وصفي أبو زيد‏، فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. فُجعنا صباح اليوم بنبأ وفاة د. محمد عمارة، فارس الفكر، وحصن الإسلام، الذي ترجل عن 89 عاما بعد رحلة عطاء حافلة، ترك خلالها ما يقرب من 300 كتاب تشكل مشروعا متكاملا للإسلام عقيدة وشريعة وتاريخا وحضارة، بلّغ بها الدعوة وأقام الحجة، ودفع الشبهة".

وأضاف: "تفتحت عيناه على القراءة، فقرأ كتب الأدب شعرا ونثرا، واستوعب المذاهب الفكرية المعاصرة، وعاش بين رجالاتها حتى تشرب فكرهم بما مكنه من هدم معبدهم على رؤوسهم فيما بعد بالدليل القاطع والبرهان الساطع والحجة الدامغة".

وتابع "حينما يكتب الدكتور محمد عمارة في قضية أو يتحدث فيها، فلا تشعر أنه كاتب يكتب بقلم، أو مؤلف يحبِّر الورق، أو خطيب يعتلي المنبر، أو متحدث يتكلم في ندوة، وإنما تشعر أنه مقاتل في معركة يحمل السلاح، ومجاهد مرابط على الثغور يحمي الذمار، فترى بارقة السيوف فيما يكتب أو يخطب؛ مبينًا معالم الإسلام، ومجلِّيًا محاسن العقيدة، ومرسِّخًا معاقد الشريعة، ومؤسِّسًا فَرَادَةَ الحضارة، بما يملك من حُجج بالغة، وأدلة دامغة، وإحصاءات قاطعة، ونُقُولٍ عن الآخرين باهرة معبرة، كل هذا في حسن عرض، وجمال بيان، وروعة أسلوب".

وذكر أن "د. عمارة ترأس تحرير مجلة الأزهر، فكانت تطبع في فترته ستين ألف نسخة بعدما كانت تطبع قبله ستة آلاف، فقد أحيا المجلة واستكتب فيها رموز الفكر والفقه في عصرنا، وأراد أن يردفهم بجيل من الشباب كنتُ واحدًا منهم، حتى أوقفني أحمد الطيب نفسه عن الكتابة، واتصل بي د. عمارة معتذرا، فقلت له لا بأس، المهم أن تستمر رسالة المجلة، وقد كُتبت عن المجلة في عهد عمارة رسالة ماجستير!".

وقال: "أخرج لنا د. محمد عمارة موسوعات الأعمال الكاملة لرموز فكرية وسياسية كبيرة، لها ما لها وعليها ما عليها، وقد مثلت أرضا خصبة للفكر الإسلامي في عصرنا". مضيفا "لا ننسى موقفه الواضح من انقلاب السفاح السيسي وعصابته، وبيانه الشجاع الذي نشره قبل منتصف يوليو 2013م، ولقاءاته الجريئة والشجاعة على قناة الجزيرة مباشر مصر التي أغلقت فيما بعد".

ووصفه بمجموعة من الألقاب في نعيه، ومنها "علم الأعلام وحجة الإسلام، وكاسحة الألغام التي تكسح الفكر التغريبي وتكسر صناديد العلمانية المنسلخين عن عقيدتنا وشريعتنا وحضارتنا، فإن العالم إذا مات ثلم في الإسلام ثلمة، لا تسد حتى يأتي عالم غيره".

واستشهد بما كتبه عنه د.يوسف القرضاوي في كتاب سماه: "الدكتور محمد عمارة الحارس اليقظ المرابط على ثغور الإسلام"، وهو وصف عظيم معبر عن شخصية د. عمارة ورسالته الفكرية.

واستعان د. وصفي عاشور أبو زيد في تغريدة تالية بهذا الموجز المصور عن حياة الراحل د.عمارة.

https://www.facebook.com/TazkyaTaalem/videos/3134513206581185/?t=12

عالم موسوعي

وقال د.أحمد نوفل: "إنا لله وإنا إليه راجعون.. توفي علم من أعلام الإسلام!". ووصفه بأوصاف "المفكر العظيم محمد عمارة، والعالم الموسوعي الغزير العطاء، وربما لم يشهد خواتيم القرن العشرين وطوالع هذا القرن من هو بمثل وزن وفكر ومستوى محمد عمارة".

وأضاف "رأس تحرير مجلة الأزهر فارتقى بها، فما تحمّلوه، وسرعان ما استبدلوه.. حقّق الكثير من الكتب، وألّف الكثير، غزارة إنتاج مع عمق وأصالة وتمكّن".

وأشار إلى أنه مفكر مسلم، مضيفا "في نظري أنّ أهم من كل ذلك الثبات على الموقف، ففي كل العصور لم يُطأطئ رأسه للريح العاتية، ومع أنه ليس محسوبا على أيّ جهة، لكنهم لا يطيقون المنتمي الأصيل والعميق التفكير والمخلص لهذا الدين، والذي لا يجامل على حساب الحق والحقيقة".

وأضاف "وموت عالِم مثل هذا العلم والشيخ الشعراوي والغزالي.. خسارة عظيمة لكنها الآجال وأقدار الله التي نسلّم لها باطمئنان، ولا نملك إلا الدعاء للمفكّر العظيم الأصيل العميق الغزير محمد عمارة.. أن يجعل الله آخرته عامرة بكل خير وبكل رضوان من الله. وألحقنا الله بك في الصالحين يا أستاذنا الجيل: محمد عمارة.. وسلام عليك مع الخالدين".

صديقي الحبيب

وكتب عنه د.سعد مصلوح: "أخي وصديقي الحبيب محمد عمارة.. أسأل الله أن يتقبل جهادك ويكرم نزلك ويحسن صحبتك، وأن يجمعني بك في ظل النعمة ومستقر الرحمة بفضله وكرمه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا".

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10158100576489717&set=a.10152052490364717&type=3&eid=ARBe55Hmdov84t4-sZW5oAla8YRJ1w_ydWakAVtD0hBCDAdeNZFBIVnZrtkfCL7K4XdiuIqI9izeIAJc

تربينا معه

السياسي ورئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضي كتب: "شعرت بحزن كبير لفقده، وهو قيمة وقامة سامقة في صرح الفكر الإسلامي المعاصر".

وأضاف "فهو بحق كما قال د. رفيق حبيب واحد من رباعي المشروع الحضاري، وهو يقصد مع د. عمارة، والمستشار طارق البشري، والدكتور محمد سليم العوَّا، والأستاذ فهمى هويدى، وهؤلاء الرباعي هم من أثَّر في جيلنا نحن أبناء السبعينيات من الحركة الإسلامية، ولكن تأثيرهم جاء في منتصف الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، طبعا سبقهم وشاركهم علماء ودعاة ومفكرون آخرون".

وأشار إلى أن بداية العلاقة الشخصية كانت منذ الثمانينيات من القرن الماضي وخاصة من خلال نشاط النقابات المهنية ونقابة المهندسين، التي كنت الأمين العام المساعد للنقابة وقتها، وكان د.عمارة أحد الضيوف الذين يشاركون في ندوات تلك الفترة، ثم شرفنا بانضمامه إلى لجنة مناصرة شعب البوسنة والهرسك والتي كان مقرها نقابة المهندسين، وكنت مقررها، وكان رئيس اللجنة الشيخ الغزالي رحمه الله، وذلك في الفترة من عام 1992 حتى عام 1996م، وكان د. عمارة حريصًا على حضور كل اجتماعات اللجنة وأنشطتها مع المرحوم الكاتب الكبير حسن دوح، والمرحومة الشاعرة علية الجعار، والمرحوم الدكتور محمد عبدالمنعم البري.

وأضاف "جمعتنا جلسات نظمها أستاذنا الدكتور محمد سليم العوَّا في منزله مع باقي الرباعي العظيم، أحيانًا مع شخصيات عربية وإسلامية، وأحيانًا من غيرها".

وتابع أن "هؤلاء الرباعي كان لهم أثر كبير في تطوير أفكار مؤسِّسي حزب الوسط قبل أن يفكروا في تأسيس الحزب، وحين قررنا البدء في إجراءات التأسيس طلبت من أستاذنا الدكتور العوَّا أن يدعوهم معنا في بيته للتشاور معهم في فكرة الحزب، وقد كان، إذ رحَّبوا بالفكرة وشجَّعونا عليها واقترحوا علينا بعض الأفكار الهامة".

ثورة يناير

وكشف المهندس أبو العلا ماضي عن أن "د. عمارة انحاز إلى ثورة 25 يناير العظيمة دون تردُّد ودافع عنها.

وأنه كان عضوًا باللجنة التأسيسية لدستور 2012 والتي شرفت بكوني وكيلها، وأسهم بجهد كبير في أغلب أعمالها.

وأشار إلى أن "آخر مرة التقى به كانت في أغسطس 2019، في منزله مع أخي د. محمد عبد اللطيف (نشرت خبرًا مع صور اللقاء على صفحتي)، وكان آخر اتصال تليفوني معه في نهاية نوفمبر 2019 الماضي حين دعوته لحضور عقد قران ابنتي، ثم فوجئنا منذ ما يزيد على أسبوعين بمرضه المفاجئ، ثم وفاته مساء أمس".

تجول ايديولجي

وشرح ماضي كيف كانت حياة الدكتور محمد عمارة تاريخا طويلا امتد إلى 89 عامًا، تنقل فيها فكريًّا من الفكر العروبي إلى الفكر الماركسي، ثم أثناء فترة سجنه في الستينيات من القرن الماضي تحول إلى الفكر الإسلامي، واتَّضح ذلك في منتصف السبعينيات حين أصبح رمزًا إسلاميًّا وسطيًّا كبيرًا، وله من المؤلفات الكثيرة وخاصة تلك التي جمع فيها الأعمال الكاملة لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وغيرهم، وكان ككل البشر اتفق معه أُناس واختلف معه آخرون، لكن لم يختلف أحد على كونه قيمة فكرية وإنسانية عظيمة.

https://www.facebook.com/289024257803548/photos/a.1508505352522093/2847654408607174/?type=3&eid=ARC7S7QW6QeqekQAXgZ_JHXMOcLFvvvq-0jufE-4THZNG-55YSeAYEFfLcdS3B_NYq3doARUJJ36qM8Z&__xts__%5B0%5D=68.ARC9rFbuQIFoxDumZEN8GnnEgyYvOSA1gau7GmC7c8iRVzgT3UGxMuzrb-3GGmjpzT7Nw1a2H11dwGBsfef_PiJ4OsVqTTFxXSGOqKxvRzf1ns3VD5soUcE5W63–LJfQ0GC2U80kPWJqmk9zbt23b6ek_DPftis4VUyswp7XPGAp60SJNNypuhkZBhZMY-142HkanZ1i0i0oOiOrUanm2cEdq4HkkwywpQCLE-fTLUSshYs54QTYRzOmG8CACoMTW27fNLT6kzdmyZLTw8vzSUaG_efywHVpy3AK0pRsGfarF9DSZovzq639wkTzZ0y7eik9DuyahSO9iY8O0FCWvKvCIXQxrYobdUAvcfQ1CAQ5pO7NMtk0WK2&__tn__=EHH-R

رثاء عالم جليل

الكاتب والناقد وليد كساب كتب تعليقا على صورة تجمعه بالراحل: 

"لا أتصور أن هذه البسمة ستغيض إلى الأبد!!

كنتَ -والله- مبعث أملنا ومستراح نفوسنا!

في كل مرة أجلس إليك تمنحني أملا كبيرًا!

لم أرك متشائمًا حتى في أحلك الظروف!

فمن لنا وقد غدونا يتامى الأب والمعلم؟!

من لنا وقد عدمنا الناصح الأمين في هذا الوقت الحرج من حياة الأمة؟!

من للحق يدافع عنه وينافح؟!

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10156939306958144&set=a.10153118492798144&type=3&eid=ARCjg593_pElgvb-jAcm_TzG__lX6eWyUz67h77Zg_Pagd9lMcmwJXnHtQJmTlULtDvKNskUW2A35tMm&__xts__%5B0%5D=68.ARDxfPwLkis-RVFyS6EB_7xFPb0908Zc6S8RKlBOf0o_kyzcZ-JA5bgaFIVOoL7ErX6Jz7IbJWv5yAykJzmqge8z3vYUny97u9EKoKKSNCtJbFttCv1DQT9uXAK_cA67xm1njxqNseD663vX4jVQS6m7FF90mdpyTHBgCnAxTzcvEs5oUZDArRU_MBy2FDzw5qRkkiiZ1Gz9Fk1bgw&__tn__=EHH-R