جرائم بتعديلات قانون “الكيانات الإرهابية”.. وهل يحتاج السيسي إلى قوانين لقهر المصريين؟!

- ‎فيتقارير

في إطار القمع المستمر لنظام الانقلاب العسكري لتصفية المعارضين لسياساته، وكل من يحاول أن يعبّر عن رأيه، وكان مخالفًا للسيسي ونظامه العسكري، أقر برلمان العسكر بالأمس التعديلات على مواد مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015، بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، والذي استهدف فرض مزيد من الخناق على معارضي السيسي، من خلال التوسع في تعريف “الكيان الإرهابي”، وكذلك في تعريف “الأموال والأصول الأخرى” المتحفظ عليها بموجب القانون.

ولأول مرة في التاريخ المصري، تنص التعديلات على إنهاء خدمة المدرجين على قوائم “الإرهابيين”، والتي تخضع للتحريات الأمنية من دون دلائل، من تولي الوظائف العامة، فضلا عن تعليق عضويتهم في النقابات المهنية، ومجالس إدارات الشركات والجمعيات والمؤسسات، وأي كيان يسهم فيه الدولة أو المواطنون بنصيب ما، ومجالس إدارات الأندية والاتحادات الرياضية، وأي كيان مخصص للمنفعة العامة، وذلك بدلًا من النص على إسقاطها.

استهداف الإعلام بطرق متعددة

وكان المشروع الحكومي أكثر وضوحًا في استهداف وسائل الإعلام المعارة، بضمها لقوائم الإرهاب. إلا أن نقاشات النواب الانقلابيين انتهت إلى نفس الهدف باستهداف الإعلام المعارض للسيسي، لكن بطريقة ملتوية.

وشهد تعريف “الكيان الإرهابي” نقاشًا موسعًا بين النواب حول مسألة إدراج “وسائل الإعلام”، بعدما نبه رئيس المجلس علي عبد العال، إلى وجود شبهة عدم دستورية في صياغة المادة. واقترح عبد العال حذف القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي من هذا التعريف، باعتبار أن القانون مؤقت وتحفظي، وجاء ليعالج فترة محددة بين القبض على “الإرهابي” وحتى صدور الحكم عليه، بحسب قوله.

وقال رئيس لجنة حقوق الإنسان، ضابط الشرطة المتورط في التعذيب، علاء عابد: “القنوات الفضائية هي عبارة عن شركات وتصاريح ورخصة، وبالتالي لا مانع من حذف التعريف المحدد في صدر المادة، لا سيما أن صياغة النص بوضعه القائم تخل بحقوق الإنسان”.

ما أيده عبد العال، بالقول: “هذا النص له حساسية معينة، فلا حاجة لإدراج القنوات الفضائية سواء كانت مسموعة أو مرئية”. وزعم عبد العال: “لا أعلم الجهة التي صاغت مشروع القانون داخل الحكومة، فالبرلمان يقدر حرية الإعلام، وبالتالي سينتصر لها، ولحرية الرأي والرأي الآخر، في إطار احترام القانون والثوابت النيابية”، مستطردًا “يجب حذف هذا النص، لأنه يخل بالمعايير العالمية في هذه التشريعات”.

فيما قال النائب مصطفى بكري: “نحن نواجه الجيل الرابع من الحروب، وقد رأينا ذلك عبر الهجمة على الدولة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، ولكن صياغة النص بهذا الشكل تجعله مثارا للتأويل، وبالتالي يجب حذفه، والاكتفاء بوصف هذه الكيانات بالمؤسسة، بيد أن الكيانات الإعلامية تدار من خلال مؤسسات”.

خوفًا من الغرب!

وعاد عبد العال متحدثا: “هذا النص يؤدي إلى حالة من الغضب، ونحن في غنى عن ذلك، وفي النهاية لا ينبغي التصادم مع مواد حرية الإعلام في الدستور”. في حين أبدى رئيس اللجنة التشريعية في البرلمان، بهاء الدين أبو شقة، تخوفه من عدم وجود نص “يجابه خطورة أدوات حروب الجيل الرابع على مؤسسات الدولة المصرية”، على حد زعمه.

من جهته، اقترح وكيل اللجنة التشريعية في البرلمان، إيهاب الطماوي، حذف القنوات الفضائية، سواء كانت مسموعة أو مقروءة أو مرئية، وكذا المحطات الإذاعية، ووسائل أو مواقع التواصل الاجتماعي، من تعريف “الكيان الإرهابي”، والاكتفاء بوضع الشركات والاتحادات والتجمعات- أيًّا كان شكلها القانوني أو الواقعي- في إطار مكافحة الإرهاب.

وانتهى المجلس إلى تعريف “الكيان الإرهابي” على أنه: “الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات المؤسسة من خلال أشخاص أو شركات، أو مؤسسات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات، أيا كان شكلها القانوني أو الواقعي، متى مارست أو كان الغرض منها الدعوة بأية وسيلة في داخل أو خارج البلاد إلى إيذاء الأفراد، أو إلقاء الرعب بينهم، أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر”.

وشمل التعريف “إلحاق الضرر بالبيئة أو بالمواد الطبيعية أو بالآثار أو بالاتصالات أو المواصلات البرية أو الجوية أو البحرية أو بالأموال أو الأصول الأخرى، أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية، أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم، أو غيرها من المرافق العامة”.

كما تضمن: “عرقلة البعثات الدبلوماسية والقنصلية، أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر من أداء عملها، أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها، أو مقاومتها، أو تعطيل المواصلات العامة أو الخاصة، أو منع أو عرقلة سيرها أو تعريضها للخطر بأية وسيلة كانت، أو كان الغرض منها الدعوة بأية وسيلة إلى الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر”.

وأورد أيضًا “تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون، أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي. ويسري ذلك على الجهات والأشخاص المذكورين متى مارسوا أو استهدفوا أو كان غرضهم تنفيذ أي من تلك الأعمال، ولو كانت غير موجهة إلى مصر”.

ونص تعديل القانون على أنه “تترتب بقوة القانون على نشر قرار الإدراج على قائمة الكيانات الإرهابية: حظر الكيان، ووقف أنشطته، وغلق الأمكنة المخصصة له، وحظر اجتماعاته، أو تمويل أو جمع الأموال له سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، أو تجميع الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان وأعضائه، سواء كان يمتلكها الكيان بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها الكيان، والأموال أو الأصول الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله”.

نهب الأموال

واستبدل التعديل تعريف “الأموال” ليكون “الأموال أو الأصول الأخرى”، بهدف شمول جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها النفط والموارد الطبيعية الأخرى، أيا كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية، بما في ذلك الشكل الرقمي أو الإلكتروني.

وزعم تقرير صادر عن لجنة مشتركة من لجنتي الشئون الدستورية والدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، أن تعديل القانون جاء لمواكبة المعايير الدولية، ومراعاة للاعتبارات العملية التي كشف عنها تطبيق أحكام القانون، في ضوء زيادة فعالية إجراءات مكافحة الإرهاب، وتمويله، على النحو الذي يسهم في الحد من هذه الجريمة.

وأشار التقرير إلى إرسال اللجنة خطابات لأخذ رأي مجلس القضاء الأعلى، والمجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف، إعمالا لنص المادة (185) من الدستور، والمادة الرابعة/8 من القانون رقم 25 لسنة 2018، بشأن إنشاء المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف.

يشار إلى أن القانون الأساسي للإرهاب أصدره السيسي في مطلع يناير 2015 في غيبة سلطة التشريع وقبل انعقاد برلمانه الانقلابي، الذي أقر كل القوانين التي أقرها الطرطور عدلي منصور والسيسي، في دقائق معدودة.

وتحت مواد القانون قتل السيسي آلاف المعارضين سواء بالتصفية الجسدية والتعذيب والإهمال الطبي بالسجون، وغيرها من وسائل التصفية. كما أغلقت آلاف الكيانات الاقتصادية والشركات وصودرت أموال أكثر من 3 آلاف مواطن .