حظر أبحاث “سد النهضة” بالجامعات.. خيانة السيسي بلا حدود!

- ‎فيتقارير

يومًا بعد يوم يظهر حجم خيانة جنرالات العسكر وإجرامهم بحق الشعب المصري، وكان آخر مظاهر تلك الخيانة صدور تعليمات أمنية للجامعات المصرية ومراكز الأبحاث بعدم الموافقة علي إجراء أية دراسات بحثية تتعلق بملف سد النهضة الإثيوبي، أو قيام طلاب الماجستير أو الدكتوراه بتناول الموضوع؛ خوفًا من تناول تلك الأبحاث خيانة قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي.

حظر أبحاث السد

وكشفت مصادر في وزارة التعليم العالي بحكومة الانقلاب، عن أنَّ “تلك التعليمات شملت التنبيه على أساتذة الجامعات بعدم مناقشة قضية سد النهضة مع الطلاب، أو التطرق إلى السياسات الحكومية بشأن ملف مياه النيل، بما في ذلك أساتذة الجامعات المتخصصين في ملف المياه”، وذلك بالتزامن مع التعثر المستمر لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي.

وتتزامن تلك التعليمات مع ما كشفه الدكتور أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، من فشل مفاوضات سد النهضة وعدم جدواها على الإطلاق، مطالبًا بوقفها فورًا، معتبرًا إياها “فاشلة بامتياز” ولن تأتي بأي جديد، لأنها تنحصر فقط في نقاش نقطتين فرضتهما إثيوبيا على السودان ومصر، وهما الملء الأول، والتشغيل السنوي، ولا تناقش إطلاقا أهم نقطتين، وهما أمان السد، والأمن المائي.

مفاوضات فاشلة

وقال المفتي، في تصريحات صحفية، إن “أمر الغرق والعطش والجفاف بالنسبة لمصر والسودان أصبح بكل أسف مسألة وقت ليس إلا، وقد بدأ بالفعل العد التنازلي للغرق والعطش الذي نسير في الطريق إليه، وستكون تداعياته كارثية”، مطالبا بـ”وقف المفاوضات العبثية الحالية، وإعادة التفاوض من جديد خلال شهرين فقط على ضوء الـ15 مبدأً المنصوص عليها في المادة 3 من اتفاقية عنتيبي”، داعيا مصر والسودان إلى سحب توقيعهما على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في عام 2015؛ وذلك لتجريده من “شرعيته المزيفة”.

وأشار المفتي إلى أن البيان الختامي لاجتماع القاهرة الذي انعقد بتاريخ 2 و3 ديسمبر الجاري، اكتنفه الغموض وعدم الشفافية، وكأنما مياه النيل أمر يخص وزراء الري وحدهم، وليس من حق الشعوب أن تعرف حقيقة ما يدور، حيث لم يتم الإفصاح من خلال البيان الختامي المشترك عن ماهية المقترحات التي قال إن الوفد السوداني طرحها. وإمعانا في الغموض وعدم الشفافية لم يوضح البيان طبيعة ما وصفه بتقارب وجهات النظر بشأن ملء السد خلال السنوات المُطيرة، وإذا ما لخصنا البيان المشترك فإننا سوف نكتشف بكل بساطة أنه بعد ثماني سنوات من التفاوض، تضمن كلاما غير مفهوم.

وأكد المفتي أن تلك الاجتماعات لن تصل إلى أي شيء، وإذا ما وصلت إلى أفضل شيء يمكن توقعه، وهو ملء السد خلال 7 سنوات، فأنها ستكون كارثة بكل المقاييس بالنسبة للسودان ولمصر كذلك، ولن يحدث أي شيء جديد؛ لأن إثيوبيا ستتمسك بموقفها أكثر، وأمريكا ستضغط على مصر والسودان لإجبارهما على الموافقة والتوقيع على اتفاق قانوني، في ضوء إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في عام 2015، والاتفاق الجديد سيقنن مواد إعلان المبادئ”.

وأكد المفتي ضرورة إيقاف المفاوضات العبثية الحالية، وإعادة التفاوض من جديد على ضوء الـ15 مبدأ المنصوص عليها في المادة 3 من اتفاقية عنتيبي، والتي تم الاتفاق عليها سابقا من جميع دول حوض النيل بعد 15 سنة من التفاوض، وبموافقة ومشاركة وتمويل 13 جهة دولية من بينها الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والبنك الدولي، بشرط أن يتوقف تشييد بناء السد أثناء إعادة التفاوض كدليل جدية من طرف إثيوبيا، وأن تقوم مصر والسودان بسحب توقيعهما على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه في العام 2015، وذلك لتجريده من شرعيته المزيفة، لأن إعلان المبادئ هو استسلام بالكامل من قبل السودان ومصر، وتفريط في كل الحقوق المائية لهما، مع الإعلان عن أن إثيوبيا لها الحق الكامل في بناء سد النهضة، ولها الحق في توليد الطاقة الكهربائية، لكن بشرط حفظ الأمن المائي وأمان السد بالنسبة للدول أسفل النهر، وبذلك نكون قد حافظنا على حقوق كل الدول.

خطورة السد

يأتي هذا في الوقت الذي يتواصل فيه فشل عصابة الانقلاب في مفاوضات سد النهضة، مع تحذيرات من كارثة مائية تنتظر المصريين خلال الفترة المقبلة، حيث سبق وصرح محمد عبد العاطي، وزير الري في حكومة الانقلاب، عن وصول مصر لمرحلة الخطر المائي.

وقال عبد العاطي، في كلمته بالمؤتمر الدولي حول المياه من أجل التنمية المستدامة بطاجيكستان، إن “حالة المياه في مصر تعد حرجة وفريدة من نوعها، إذ إنها بلد جاف جدا تقع في منطقة شبه قاحلة”، مشيرا إلى أن التنبؤات السكانية لعام 2025 يتضح معها أن نصيب الفرد من المياه قد ينخفض إلى أقل من 500 متر مكعب سنويا مع مؤشرات التدهور السريع في جودة المياه السطحية والجوفية، بالإضافة إلى كونها دولة المصب في حوض النيل، حيث تعتمد اعتمادا كليا تقريبا على نهر النيل النابع خارج حدودها، فهي الدولة الأكثر جفافا في العالم، وتبلغ نسبة الاعتماد على الموارد المائية المتجددة 97% وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة”.

وأضاف عبد العاطي أن “الفجوة بين الاحتياجات والمياه المتوافرة تبلغ حوالي 21 مليار متر مكعب سنويا يتم التغلب عليها عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف والاعتماد على المياه الجوفية السطحية في الوادي والدلتا، والذي يدل على أن نظام إدارة مياه النيل في مصر يصل إلى كفاءة عامة تتجاوز 80%”، مشيرا إلى أن “مصر تستورد فعليا كمية من المياه تساوي 34 مليار متر مكعب سنويا ممثلة في منتجات غذائية، لتحقيق الأمن الغذائي، وأن مصر تعد مثالا نموذجيا لدولة نامية معرضة بشدة للتغيرات المناخية، وتواجه العديد من التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأن هذه الضغوط تتمثل في ارتفاع مستوى سطح البحر وتسرب المياه المالحة إلى خزانات المياه الجوفية الأرضية”.

وتابع عبد العاطي قائلا: ”المناطق المعرضة للغمر بسبب انخفاض مناسيبها الجغرافية مثل دلتا النيل، تجعل الملايين من الناس في دلتا النيل معرضون للخطر وإعادة التوطين وضياع استثمارات تقدر بمليارات الدولارات”، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن تؤدي تأثيرات تغير المناخ في الساحل الشمالي لمصر إلى هجرة ما لا يقل عن 5 ملايين شخص من دلتا النيل، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات التكيف المناسبة، كما تتنبأ دراسات تغير المناخ بانخفاض إنتاجية محصولين رئيسيين في مصر (القمح والذرة) بنسبة 15% و19% على التوالي بحلول عام 2050، وتمليح حوالي 15% من أكثر الأراضي الصالحة للزراعة في دلتا النيل، فضلا عن تأثيرات تغير المناخ على أنماط سقوط الأمطار في حوض النيل وتأثيرها على تدفقه.