حوار ماكرون مع الجزيرة.. مكابرة وإصرار على كراهية الإسلام على خطى السيسي

- ‎فيأخبار

على خطى المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسى الذى زعم أن المسلمين فى العالم يريد الدمار للأديان والملل الأخرى بدا الرئيس الفرنسي سيء الذكر إيمانويل ماكرون عصبيا ومُصرًّا على المكابرة وكراهية الإسلام في حواره الذي أجراه مع قناة الجزيرة الإخبارية مساء السبت 31 أكتوبر 2020م؛ فالرئيس الفرنسي لم يعتذر للمسلمين ولم يتعهد بحمية حرية العبادة لكافة الأديان بل بدا مصرا على ذات النبرة العلمانية المتطرفة بألفاظ منمقة غير صدامية كما جرى في تصريحاته السابقة خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وبحسب الكاتب الصحفي قطب العربي فإن ماكرون لم يتراجع عن جوهر تصريحاته ومواقفه السابقة، ولكنه ادعى أن المسلمين أساءوا فهمها، وأن ترجمتها كانت خاطئة (وكأن كل المترجمين لتصريحاته أخطأوا في الترجمة بما في ذلك تغريدته المكتوبة بالعربية)، بل إن ماكرون راح يضيف إهانات جديدة مرت على محاوره، مثل اتهامه للإسلام بطريقة غير مباشرة بالقتل، حين قال إن العلمانية لم تقتل أحدا لكن هناك أديانا تقتل، فهو لا يقصد المسيحية أو اليهودية بذلك، بل كان الاتهام موجها للإسلام، متناسيا كم قتلت هذه الأديان الأخرى من المسلمين سواء في الحروب الصليبية التي كانت بلاده أحد أعمدتها الرئيسية، أو في حروب الاستعمار للبلدان الإسلامية، او في الحربين العالميتين الأولى والثانية، أو غيرهما من الحروب.

وقد استغل ماكرون الحوار ليقدم مرافعة طويلة دفاعا عن العلمانية الفرنسية التي تختلف عن العلمانية البريطانية والعلمانية الأمريكية. والأخيرتان تعترفان بحق أصحاب الديانات المختلفة في التعبير عن شعائرهم الدينية، بما في ذلك ارتداء الحجاب للمسلمات، في حين تحاربه فرنسا بزعم أنه مظهر ديني غير مقبول في الجمهورية العلمانية. وادعى ماكرون أن الخلفيات التاريخية للعلمانية الفرنسية تختلف عن بقية العلمانيات الغربية، متجاهلا أن الديانة الثانية في بلاده الأن للمسلمين وبالتأكيد هم لا يشاركونه تصوراته تلك، بل هم متضررون منها.

وبرر ماكرون موقفه العنصري والمتطرف من الإسلام بحرية الرأي والتعبير متجاهلا أن المشكلة ليست في حرية الرأي والتعبير بل في مدى وحدود هذه الحرية؛ فهل من الحرية سب الآخرين وتسفيه معتقداتهم؟! وهل من الحرية إهانة رموز دينية معتبرة ولها تقدير واحترم عظيم عند مئات الملايين من الناس؟!

ويزعم ماكرون أن حرية الرأي والتعبير في بلاده مطلقة بلا حدود وهو ما تكذبه الحقائق؛ فصحيفة شارلي إيبدو التي نشرت الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، في إصدارها القديم كتبت مقالا ساخرا عن الرئيس الفرنسي السابق شارل ديجول بعد وفاته، لكن السلطات الفرنسية أغلقت الصحيفة في اليوم ذاته، الأمر الذي ينفي القول بأن حرية التعبير لا حدود لها في فرنسا.كما أن ذات الصحيفة أقالت رساما كان موظفا لديها لأنه رسم ابن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، معتبرا زواجه من ابنة رجل أعمال فعلا انتهازيا، وكذلك تمت إقالة رسام سخر من زوجة ماكرون. إضافة إلى ذلك فإن مجلس حقوق الإنسان التابع للاتحاد الأوروبي قرر أن الإساءة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا تدخل ضمن حرية التعبير، بل هي إساءة للأديان والمعتقدات.

وفي رسالة تهدئة يدعي ماكرون أن ما تردد أنه يدعّم الرسوم المسيئة للرسول (محمد صلى الله عليه وسلم) أخبار مضللة ومقتطعة من سياقها، مؤكدا أنه ليس لديه أي مشكلة مع الإسلام، وإنما معركته ضد الإرهاب والتطرف العنيف، واصفا حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية بغير اللائقة. وهو ما تنفيه الحقائق أيضا لأن جهات حكومية فرنسية نشرت هذه الرسوم المسيئة على جدوان وأبواب مقاطعات محلية في تأكيد على دعم الحكومة هذه الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وتحصّن ماكرون بالأكاذيب التي تروجها النظم العربية المستبدة حول الإرهاب باعتباره إسلامي النزعة والنشأة متجاهلا أن الإرهاب الأبيض الذي يمارسه المتطرفون البيض والذين ينتمون إلى اليمين المتطرف أكثر عددا ووحشية من الحوادث التي نفذها مسلمون متطرفون. كما أن ماكرون أقر بأن ضحايا المسلمين من هذا الإرهاب يصل لنحو 80% لكنه لم يشر مطلقا إلى أن الإرهاب لا دين له بما يعني أن يعتقد أن الإرهاب في جذوره إسلامي وهي نظرة عنصرية عدوانية ضد الإسلام والمسلمين.

بالطبع يمثل ظهور ماكرون في قناة كبيرة كالجزيرة يمثل إدراكا منه بأنها الأكثر انتشار تأثيرا على مستوى العالمين العربي والإسلامي؛ فلم يدل بهذه التصريحات مثلا لشبكة فرانس 24 الناطقة بالعربية التابعة للحكومة الفرنسية؛ كما لم يجر هذا الحوار مع إحدى شبكات النظم العربية المستبدة كالعربية أو سكاي نيوز أو غيرها التابعة لحكام أبو ظبي؛ وهي رسالة تأكيد على مدى التأثير الكبير والسمعة الواسعة التي تتمتع بها شبكة الجزيرة. لكن ذلك لا يمنع من انتقاد الطريقة التي جرى بها الحوار حيث بدا المحاور ضعيفا ولم يطرح الأسئلة التي كان يجب أن تطرح؛ كما تغاضى عن الرد على بعض الردود التي مارس فيها الرئيس الفرنسي تدليسا فجا أو كذبا بواحا، من عيّنة موقفه من الاعتداء الذي تعرضت له سيدتان محجبتان أمام برج إيفل على يد متطرفين فرنسيين، ولماذا طردت سفارته في موريتانيا رسام كاريكاتير بسبب رسوم عن ماكرون، وما رأيه في اليمين المسيحي المتطرف الذي يقتل على الهوية أيضا.. إلخ. تفسير ذلك أن الحوار ربما جرى برعاية من الحكومة القطرية التي تستهدف تهدئة الأجواء التي أشعلتها العنصرية الفرنسية تجاه الإسلام والرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ في إطار مساعي الحكومة القطرية إلى تعزيز مكانتها الدولية باعتبارها جسرا للحوار والتواصل وإطفاء نيران الفتن السياسية والدينية؛ لكن يؤخذ على الجزيرة أنها مررت رسائل ماكرون دون أن تحرجه بالحقائق التي كان يتعين ذكرها.