خطر “كورونا” يُظهر معدن المصريين.. والعسكر يتفرغون للإتاوة

- ‎فيتقارير

في أوقات المحن تظهر معادن المصريين الذين توحدوا لمواجهة خطر فيروس كورونا المستجد، وأطلق لاعبون وفنانون وإعلاميون مصريون مبادرة تحت عنوان “تحدي الخير”، للتكفل بعائلات فقيرة وأخرى تضررت بسبب التبعات الاقتصادية السلبية لانتشار فيروس كورونا.

كما انتشرت مبادرات شبابية لتوعية المصريين في الشارع بخطورة انتشار الفيروس وطرق الحماية منه، فضلاً عن مساعدة المحتاجين، ولم تكن تلك المبادرة غريبة على أسماع المصريين، فلطالما شهدت مصر في فترات كثيرة العديد من المبادرات لجمع تبرعات لمصلحة الفقراء في النوائب والكوارث التي مرت بها البلاد، أو لإطلاق مشروعات قومية وإعادة تسليح الجيش.

ولم تمرّ ثلاث سنوات على انقلاب ضباط يوليو 1952 السلطة، حتى ظهرت حملة “أسبوع التسليح”، بعد قرار ابو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر الصادم للغرب بعقد صفقة شراء أسلحة من تشيكوسلوفاكيا، وأخذت الحملة شكل صندوق كبير يجوب مدن وقرى مصر لجمع التبرعات للجيش.

وكان يصطحب هذا الصندوق فنانون متطوعون لتشجيع المواطنين على التبرع، وكان أبرزهم الفنانة والراقصة تحية كاريوكا التي شكرها عبد الناصر بنفسه واصفا إياها بأنها “امرأة بألف رجل”!

الحرامي مبارك!

وفي عهد المخلوع الراحل مبارك، فقد شهد عام 1985 حملة تبرع تحت اسم “الصحوة الكبرى” لسداد ديون مصر الخارجية، وفرض العسكر على تذاكر القطارات ودور السينما والمسارح رسوما إضافية لصالح الحملة، بل فرضت المديريات التعليمية على طلاب المدارس كوبونات للتبرع الإجباري.

غير أن التحقيقات التي أجرتها نيابة الأموال العامة بعد الإطاحة بمبارك بعد ثورة 25 يناير 2011، كشفت أن حساب الحملة وصلت إليه أموال أخرى من تبرعات محلية ودولية لدعم مصر عقب زلزال عام 1992، ووصلت جملة المبالغ الموجودة في الحساب إلى 9.5 مليارات دولار، تعامل معها مبارك بالسحب والإيداع.

بعد ثورة يناير 2011، أطلقت عدة حملات ساهم فيها المصريون، منها مبادرة رئيس وزراء المجلس العسكري عصام شرف دعما للاقتصاد، وحملة أخرى أطلقها الداعية العسكري محمد حسان بعنوان “صندوق العزة والكرامة” رفضا للمعونة الأمريكية، ولم يعلن عن مصير هذه الأموال أيضا!!

وبعد الانقلاب العسكري في صيف 2013، أطلق رئيس وزراء الانقلاب إبراهيم محلب حملة صندوق دعم مصر التي جمعت 827 مليون جنيه، وبعدها بعام آلت جميع أموال هذا الصندوق لصندوق “تحيا مصر” الذي أطلقه جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي.

وبات صندوق “تحيا مصر” هو الجهة التي تستقبل تبرعات المصريين، في ظل دعوات السفيه السيسي المتعددة مثل “صبّح على مصر بجنيه” و”فكة البنوك”، ويحوطه الكثير من الغموض حول قيمة ما جمع فيه من أموال وأين تنفق.

واستشعر برلمان العسكر الحرج من تساؤلات الخبراء والمراقبين بل ورجل الشارع عن مصير الـ100 مليار جنيه التي لهفها السفيه السيسي بزعم مواجهة كورونا، ووجهت النائبة إيفلين متى بطرس، عضو برلمان الدم، مقترحًا لمنح المصريين قطعة من خبزهم المسروق، وصفتها بـ”حزمة التسهيلات والتيسيرات” بزعم التخفيف من تداعيات أزمة كورونا.

وعندما أيقن المصريين غياب حكومة الجباية العسكرية في مواجهة كورونا، انطلقت سواعدهم للمساعدة وفي محافظة دمياط ظهرت العديد من المبادرات الشبابية التطوعية من أجل المساهمة في الحد من هذا الخطر وما بين شخص يقوم بتطهير المساجد وآخر يساهم في تعقيم المصالح الحكومية وتطهير الشوارع وثالث تنازل عن قيمة الأقساط المستحقة له لدى المواطنين المتعاملين مع محل الملابس الخاص به وآخر يتطوع لتوصيل الطلبات من السوق والأدوية من الصيدليات للمنازل وأطباء دشنوا جروب على الفيس بوك لخدمة المرضى والرد على استفساراتهم رصد اليوم السابع كيف واجه أبناء دمياط خطر كورونا.

ودشن الدكتور أحمد عريف مسئول التثقيف بمديرية الصحة وصديقه وليد الصعيدي “قبطان “جروب على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك لخدمة المرضى والرد على استفساراتهم وذلك للحد من خروج المرضى والذهاب إلى المستشفيات وتعرضهم لأي عدوى وترك الأطباء والتمريض يتفرغون لمهمتهم.

وخلال ثلاثة أيام وصل أعضاء الجروب إلى 125 ألف شخص من بينهم نخبة من أشهر أطباء دمياط، وناشد عريف، أهالي محافظة دمياط قائلا: أهالى دمياط الكرام الملتزمين المحترمين حكي التاريخ عنا أننا قاومنا وهزمنا الغزاة على مر الزمان ودونا اسم دمياط كعلامة مضيئة لبلد يعشق أبنائه العمل والكفاح ولكننا في هذه الظروف الحرجة القهرية أملنا فيكم كبير ان نقف جميعا على خط واحد لمحاربة والقضاء على هذا الفيروس الكوروني الوبائي اللعين وستنجحون”.

وأضاف أن جروب” خليك بالبيت.. استشيرنا أطباء دمياط”، تبرع من قامات طبية عملاقة وزملاء أفاضل لهم كل تقدير واحترام تبرعوا للإجابة على اسئلة واستفسارات شعب دمياط العظيم الطبية والدوائية والمعملية والوقائية؛ وذلك نظرا للظروف الصعبة للذهاب للمستشفى أو إرباك أطبائنا المشغولين بمكافحة فيروس كورونا الوبائي اللعين وتقليل التجمعات في العيادات الخارجية التي قد تصيب الجميع من انتشار الفيروس وتفعيل مبادرة الزم بيتك.

بينما دشن هاني بدوي أحد شباب قرية سيف الدين التابعة لمركز الزرقا حملة بالجهود الذاتية لتطهير وتعقيم المساجد وكافة المؤسسات والمصالح الحكومية بالقرية إضافة إلى الشوارع والحواري، مؤكدا أن كافة المطهرات من كحول وكلور تم شراؤها بالجهود الذاتية.

وفي مدينة دمياط دشن محمد العرباني أحد الأهالي مبادرة لتعقيم المساجد والمصالح الحكومية بالجهود الذاتية كما دعا أي شخص يريد شراء كميات من الكحول والمطهرات أن يتواصل معه لشرائها من أحد المصانع بسعر التكلفة.

السيسي والسبوبة..!

بينما أعلن محمد توفيق صاحب محل ملابس بقرية الشيخ درغام التابعة لمركز دمياط عن مبادرة خير وهى تنازله عن مستحقاته لدى المتعاملين معه حيث أنه يتعامل بالقسط وكتب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أن هذه المبادرة ليست مِنَه عليهم ولكن مثلما كسب منهم لا بد ويقف معهم.

بينما أعلن تامر سلامة أحد المواطنين على صفحته الشخصية أنه مستعد لمساعدة أى شخص غير قادر على مغادرة منزله بتدبير احتياجاته من السوق أو الدواء من الصيدلية وتوصيلها للمنازل مساعدة منه لأبناء بلده فى هذه الازمة.

وطالب سلامة كل المواطنين بعمل قائمة سوداء بالتجار وأصحاب المحلات الذين استغلوا الازمة ورفعوا اسعار المنتجات والسلع ومقاطعتها، كما قامت جمعية منار السبيل الخيرية برئاسة المحاسب تامر فايد رئيس مجلس الإدارة بالتعاون مع محافظة دمياط بتطهير وتعقيم كافة مواقف السيارات بمدينة دمياط.

من جهته يقول الإعلامي أسامة جاويش: “كعادته يتوارى عن الأنظار وقت الأزمات ويختفي من المشهد في زمن الكوارث، ويترك الناس ضحية الشائعات والأخبار المتناثرة من هنا وهناك حتى تبلغ القلوب الحناجر، ويغرق الناس في مياه الأمطار وتنتشر كورونا في المحافظات وبين طلاب المدارس، وتقفز أعداد الإصابات متجاوزة حاجز المائة مصاب، وتعلن منظمة الصحة العالمية أن الوباء استشرى لتفتح باب التبرعات والدعم الكبير للدول الأكثر عرضة للخطر”.

وتابع: “عندها فقط يظهر الجنرال عبد الفتاح السيسي كمنقذ ومخلص للشعب المصري من الفيروسات والعواصف والأمطار، فيصدر قراره بتعليق الدراسة وبتخصيص مائة مليار جنيه مصري (6.38 مليار دولار) أمريكي لمواجهة فيروس كورونا”.

ويقول جاويش: “من أين لك هذا؟ هو سؤال المائة مليار جنيه في بلد موازنة الصحة فيها بلغت 60 مليارا من جنيهاته، شاملة الصرف الصحي، ومع عجز كلي في الموازنة المصرية تجاوز 8 في المائة، وفي وجود رئيس لا يفوت فرصة أو خطابا إلا وذكر الشعب المصري بفقره، وبأنه لا يملك ولا يستطيع أن ينفق أو يطور أو ينقذ البنية التحتية المنهارة بالأساس”.

وتابع: “يجب أن نسأل من أين جاء السيسي بتلك المليارات وما هو مصدرها. الكثيرون راهنوا منذ اليوم الأول لانتشار فيروس كورونا وإنكار النظام المصري بشكل دائم وجود أية حالة في مصر، مع اتباعه سياسة التكتم التام ثم الفضيحة أمام الحالات التي ظهرت تباعا في دول أخرى بعد عودتها من مصر”.

وشدد الإعلامي جاويش على أن “كل ذلك دفع البعض إلى الرهان على أن السيسي لن يعلن انتشار كورونا في مصر إلا بعد إعلان منظمة الصحة العالمية وجود أموال وتبرعات ودعم للدول الأكثر عرضة للخطر. وكعادة السيسي الباحث دوما عن الأرز أيا كان مصدره، فقد اعترف الرجل لينال نصيبه من الأموال”.

وطرح سؤالا مفاده: “من هي الجهة التي ستشرف على إنفاق المائة مليار؟ هو التساؤل الثاني الذي أثار فضولي بعد إعلان السيسي. ففي مثل هذه المواقف يلجأ السيسي إلى جهة واحدة فقط يثق بها ثقة عمياء، وهي من تستلم الأموال وتشرف على الأمر، بل والأكثر من ذلك هي من تملي التعليمات على مؤسسات الدولة للقيام بدورها”.

وختم بالقول: “ما لفت انتباهي أمران حدثا مباشرة بعد إعلان السيسي، أولهما هو مانشيت في أحد المواقع الإخبارية المصرية أن “القوات المسلحة تتعهد بتعقيم الدولة المصرية من فيروس كورونا”، وثانيهما أن رئيس أركان الجيش المصري محمد فريد قد عقد عدة اجتماعات سريعة في الأربع والعشرين ساعة الماضية مع سلاح الحرب الكيماوية والبيولوجية وقيادات هيئة الإمداد والتموين. وهنا لن أتعجب أبدا عندما أجد قيادات الجيش وجنوده قد انتشروا ملثمين في محافظات مصر يحملون رشاشات التعقيم ويرتدون ملابس التعقيم، فقد أعلنوا الحرب على الفيروس والمقابل مائة مليار جنيه”.