دراسة: وثيقة محمد علي مقدمة لحراك ثوري يلوح في الأفق

- ‎فيتقارير

أكدت دراسة أنه وفقًا لتقديرات سياسية، فإن وثيقة الفنان والمقاول محمد علي التي طرحها أخيرًا وتضمنت 8 مبادئ عامة و11 بندًا تتوافق مع حراك شعبي يلوح بالأفق السياسي، في ظل انكسار حاجز الخوف، الذي تحقق في تظاهرات 20 سبتمبر الماضي، بفعل تفاعلات سياسية دولية ومحلية، من تقارب للمعارضين السياسيين، وتحقيقهم انتصارات حقوقية وسياسية على النظام الانقلابي في المحافل الدولية، كالأمم المتحدة، أو في برلمانات بعض الدول، وأيضًا بإعلان محمد علي وثيقته توافق قوى سياسية معارضة عليها، أو بالإعلان عن مجموعة العمل الوطنية.

وقالت الدراسة التي جاءت بعنوان "وثيقة محمد علي للتوافق.. خطوة بطريق استعادة الثورة المصرية قبيل ذكراها التاسعة" أعدها موقع وصفحة "الشارع السياسي Political Street": إن الداخل المصري يموج بالعديد من التفاعلات التي تقود لمرحلة جديدة من الحراك الثوري، سواء بتضرر ملايين المصريين من الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة، وارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات، مع تلويح جديد برفع أسعار الوقود في يناير الجاري، وفق آلية التسعير التلقائي، والتي تدخلت جهات استخبارية في إعلان تأجيلها في الوقت الحالي، انتظارا لما بعد مرور الذكرى التاسعة لثورة يناير 2011.

تململ جهات عسكرية

وأوضحت الدراسة أن الوثيقة تأتي وسط تململ داخل المؤسسة العسكرية، عبرت عنه الكثير من القرارات السياسية للسيسي، بإعادة قيادات عسكرية جرى الإطاحة بها، إلى المشهد مرة ثانية، كالفريق أسامة عسكر، الذي أعيد للعمل كقائد لعمليات القوات المسلحة، بعد سنوات من تجميده، ورئيس الأركان السابق محمود حجازي، الذي أسند إليه مهمة الإعلام، بعد فشل عباس كامل ومحمود السيسي في إدارته في الفترة الماضية، وأيضًا الإفراج عن سامي عنان بعد سنوات من حبسه، بجانب حركة تدوير واسعة للقيادات العسكرية العليا والوسطى، من قبل السيسي، الذي وصلته تقارير عدة من المخابرات الحربية حول حالة الغضب المتنامي لدى قيادات الجيش إثر الفساد الكبير المعلن عنه في فيديوهات المقاول محمد علي، فيما يخص القصور الرئاسية.

وأضافت أنه بجانب ذلك رفضت قيادات عسكرية الدخول في مغامرة كبيرة بالتدخل العسكري المباشر والمعلن بليبيا كما يريد السيسي حاليا.

صراع أجنحة

وقالت الدراسة إنه وعلى الرغم من أن مصر لم تشهد إلى الآن أي دعوات لافتة حاشدة للتظاهر والاحتجاج أو الاحتفاء داخل البلاد لإحياء الذكرى، لكنَّ هناك تململا واسعا في عدة قطاعات مهمة وحيوية في البلاد؛ بسبب السيطرة الهائلة لـ"السيسي" وأبنائه وعدد محدود من الدائرة اللصيقة به على كافة مقدرات الأمور.

وأكدت الدراسة أن التغييرات الجارية في المشهد السياسي والإعلامي، تحمل إشارات إلى وجود صراع أجنحة بين الأجهزة الأمنية المصرية، إضافة إلى تزايد معدلات الانتحار في الشارع المصري، وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وإصرار الحكومة على رفع الدعم وزيادة أسعار كافة الخدمات والمرافق، ما يعني أن الشارع المصري لا يحمل ودًّا أو تأييدًا للنظام الحاكم، وأنه قابع على فوهة بركان.

محفزات الربيع الجديد

ولفتت الدراسة إلى أن اشتعال جذوة الربيع العربي مجددًا في السودان والجزائر ولبنان والعراق، قد يكون محفزًا نحو استعادة أجواء يناير، شريطة اصطفاف حقيقي بين رفقاء الثورة، وإبداع آليات جديدة للحراك، الذي سيوجه حتمًا آلة أمنية شرسة، وقبضة حاكمة قوية، باتت تفتش هواتف المواطنين قبل منازلهم بحثًا عن معارضيها، وتشهد البلاد خلال الشهور الأخيرة، حالة تأهب أمني، بدا جليًّا في إطلاق حملات اعتقال ضارية طالت الآلاف، وتوسع في اعتقال الفتيات، والأكاديميين، والحقوقيين، والصحفيين، خاصة من تيارات ليبرالية ويسارية.

وتزامنت حالة التصعيد الأمني، مع تعديل وزاري محدود لم يطل الوزارات السيادية، وحركة محافظين موسعة سيطر عليها لواءات جيش وشرطة، وتغييرات في أجهزة المخابرات والحرس الجمهوري والديوان الرئاسي؛ في محاولة لترتيب بيت الحكم من الداخل، ورأب الصدع الذي سمح بعودة المتظاهرين لميدان التحرير، استجابة لدعوات محمد علي في 20 سبتمبر.

انتقادات للوثيقة

واستعرضت الوثيقة غياب الخطوات أو البنود المتعلقة بقواعد التعاطي مع الواقع السياسي، وهو ما عبر عنه الكاتب والمحلل المصري وائل قنديل، بمقاله بـ"العربي الجديد"، "وثيقة العشرين تريليون دولار": بحثت عن جديدٍ فيها يخص اللحظة الراهنة، فلم أجد إلا قفزًا إلى المستقبل، أخشى أن يكون تهرّبًا من استحقاقات الحاضر، التي هي قنطرة المستقبل، يمارسه صناع "الوثيقة"..

ولكن الاتفاق على شكل المستقبل كان رهانًا لمحمد علي خلال مؤتمره الإعلامي بلندن، بقوله: إن الشارع المصري والمؤسسات المؤيدة لطرح "علي" والمؤيدين لطرحه بالداخل، لن يتحركوا ميدانيًا أو سياسيًا إلا إذا اطمئنوا للمستقبل وخطواته القادمة.

وقالت: "من خلال تاريخ الثورات، فإن طرح الرؤى والتوافق عليها بمثابة بذور للثورة والحراك السياسي المستقبلي، الذي قد ينتظر اللحظة السياسية المناسبة، سواء تأخرت أو تقدمت، وهو ما يستشهد به الخبراء، ومقتضيات الثورات العربية، فكما طرح البرادعي رؤيته للمشروع الوطني في 2008، وتطور وفق الأحداث المصرية إلى أن وصل للحظة ثورية توافق فيها الجميع، وتحركوا ميدانيا لخلع نظام مبارك في يناير 2011.

وأشارت إلى أن وثيقة محد علي تتحدث بإسرافٍ عن شكل الدولة المصرية وقوامها بعد رحيل عبدالفتاح السيسي، وتعرض على الناس (ماكيت) دولةٍ عصريةٍ ديمقراطيةٍ حديثة، في مرحلة ما بعد السيسي، لكنها لم تتناول ما قبل إزاحة السيسي وكيفية إزاحته، أو عناصر القوة اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بحسب وائل قنديل.

توثيق الوثيقة

وقالت الدراسة إنه يأتي الإعلان عن وثيقة الفنان والمقاول محمد علي، مؤخرا، ضمن الحراك السياسي الذي أطلقه علي في 20 سبتمبر 2019، والتي حركت المياه الراكدة في المجتمع المصري، بتظاهرات شعبية جرى قمعها ووقفها في 27 سبتمبر الماضي، بقبضة أمنية شديدة، ما زالت تمسك المجتمع المصري من كافة توجهاته واتجاهاته وفاعليه.

وأضافت أن الوثيقة تأتي تنفيذا لدعوة أطلقها المقاول المعارض في 20 نوفمبر الماضي لإعلان ما أسماه "المشروع الوطني الجامع للمعارضة"، واعتبرت الوثيقة الجديدة أن هدفها "توحيد القوى المعارضة" ضد عبد الفتاح السيسي، قبل أسابيع من الذكرى التاسعة لثورة يناير.

وركزت أبرز بنود الوثيقة التي طرحت الجمعة الماضية، وتتضمن 8 مبادئ عامة و11 بندا للأولويات على تغيير النظام الحاكم بمصر، والإفراج عن السجناء السياسيين.