ديمقرطية الدواعش ودواعش الديمقراطية (2)

- ‎فيمقالات

لم أكن أتوقع أبدًا أن يصل الحقد على الإسلام والمسلمين لهذه الدرجة من التدنى والسقوط، ومحاربة الإسلام في شخص الإخوان المسلمين، واتخاذ الطعن في الجماعة ستارًا للتغطية على الأهداف الخبيثة لهؤلاء الحاقدين.
فقد ظهرت حمالة الحطب "عبير موسى" في تونس حاملة لوحة مكتوبا عليها "بيننا وبين الإخوان المسلمين 14 قرنًا من الزمن! لن يمروا".
وهذه تقصد أن الإخوان سوف "يُرجعوننا" للخلف 14 قرنًا من الزمان، عندما كانت شريعة الإسلام تحكم بين المسلمين في الدماء والأموال والأعراض. عندما كان خليفة المسلمين يقول: لو عثرت بغلة في العراق لسُئل عنها عمر لمَ لم تمهد لها الطريق. عندما كان ينام الخليفة في ظل شجرة. أو كما كان الرشيد يخاطب الغمام، أنه أينما وقع، فسوف يأتى خراجه إليه.

يا من رأى عمرَ تكسوه بردته    —    والزيتُ أدمٌ له والكوخُ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقًا    —    من بأسه وملوكُ الروم تخشاه
هي الشريعة عين الله تكلؤها     —    فكلما حاولوا تشويهها شاهوا
سل المعالي عنا إننا عربٌ      —    شعارنا المجد يهوانا ونهواه
هي العروبة لفظٌ إن نطقت به    —    فالشرق والضاد والإسلام معناه
استرشد الغربُ بالماضي فأرشده    —    ونحن كان لنا ماضٍ نسيناه
إنّا مشينا وراء الغرب نقبس من    —    ضيائه فأصابتنا شظاياه
بالله سل خلف بحر الروم عن عرب    —    بالأمس كانوا هنا ما بالهم تاهوا
فإن تراءت لك الحمراء عن كثبٍ   —    فسائل الصرح أين المجد والجاه
وانزل دمشق وخاطب صخر مسجدها   —    عمّن بناه لعل الصخر ينعاه
وطف ببغداد وابحث في مقابرها    —    علّ امرأً من بني العباس تلقاه
أين الرشيد وقد طاف الغمام به    —     فحين جاوزَ بغداد تحداه

وصدق الله تعالى حين قال في أمثال هؤلاء الحاقدين على الإسلام: "قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ" سورة آل عمران. (118).

إنهم أحفاد أبى جهل وحمالة الحطب، وسجاح التميمية، يتحدثون عن ثأر عمره ١٤ قرنا من الزمن، أي منذ بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. فالقضية ليست قضية إخوان مسلمين، ولا النهضة ولا الغنوشى، ولا أردوغان، إنما القضية هى عداوة وكراهية الإسلام، مهما تدثّروا بشعارات فارغة لذرِّ الرماد في العيون!

العلماني العربي، أمره عجيب وغريب، يؤمن بحرية اللباس إلا الحجاب، ويؤمن بحرية الرأي إلا الفتوى، وإذا لم تقبل بعلمانيته فأنت داعشى.
الحقيقة أنه هو الداعشي ولو زعم غير ذلك، فإنه داعشى حليق اللحية والشارب!!

كما يزعم العلمانى العربى أنه لايكره الإسلام وليس ضد الإسلام.
لكنه لا يعترف بمرجعية القرآن! ولا يعترف بالسنة! ويحارب الفقه! ويرفض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! ولا يريد تحكيم الشريعة الإسلامية في الاقتصاد ولا في السياسة ولا في أي مناحي الحياة! ويشمئز من الحجاب والنقاب! ويمارس الإقصاء في أحط صوره. ومع ذلك يقول لك إنه ليس ضد الإسلام!!

العلمانيون العرب لا يحترمون نتائج الصناديق إلا إذا جاءت بأصحاب القمامات الفكرية من أتباعهم، التى مهمتها تخريب الأوطان لصالح الأعداء.

وعندما رفعت حمالة الحطب لوحتها، وجدنا من يتعاطف معها في بلاد الحرمين، وينعتونها بالمرأة الحديدية التى هزت عرش الإخوان تارة، والتى قضّت مضاجع الإخوان تارة أخرى.

هؤلاء الحمقى والمغفلون، لا يعلمون أن تأسيس جماعة الإخوان المسلمين كان في عشرينيات القرن الماضى، أما الذي بينكم وبينه 14 قرنًا فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفجر انطلاق الدعوة الإسلامية، هذه هى الحقيقة يا أتباع سجاح!!
فأى بطولة لسجاح العصر، التى باعت نفسها للطاغية بن على، قبل الثورة وبعد سقوط سيّدها باعت نفسها لعيال زايد لتقود الثورة المضادة، لإجهاض التجربة الديمقراطية الوليدة، لذلك يعتبرونها أيقونة الأعراب!

هؤلاء أحفاد "أبو عامر الراهب" الذى تنصّر في الجاهلية، وعندما قدِم الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة مهاجرًا واجتمع المسلمون حوله، بارز الرسولَ والمسملين بالعداوة، وذهب إلى كفار قريش يمالؤهم ويتفق معهم على محاربة الرسول-صلى الله عليه وسلم- ومن معه، ويوم أحد حفر الحفر، التى وقع الرسول- صلى الله عليه وسلم- في إحداها، فجُرح وجهه وكسرت رباعيته وشج رأسه الشريف.

وعندما بدأت المعركة، حاول استمالة الأنصار إلى جيش المشركين، لكن الأنصار لم يسمعوا له وقالوا له "لا أنعم الله بك علينا يا فاسق يا عدو الله"، ونالوا منه وسبوه فرجع إلى مكانه.
وبعد غزوة أحد ذهب يطلب النصرة من هرقل ملك الروم وكتب إلى رجال من قومه ليكونوا عونًا له إذا جاءت جيوش الروم إلى المدينة، فاستجاب له بعض ضعاف الإيمان، فأسسوا مسجدًا وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصلي بهم. وعندما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، أخبره الوحى بأنه مسجد ضرار؛ فبعث من يهدمه.

العلماني ينظر إلى الشريعة الإسلامية، باعتبارها شريعة عنصرية، وتنبذ الطرف الآخر،  وفيها نصوص لا توافق العقل، ولهذا السبب يرى أننا شعوب متخلفة نعيش على أطلال ١٤٠٠ سنة هجرية مضت، والدول العلمانية الديمقراطية تتقدم.
وعندما تسأل هذا العلمانى، وهل دساتير الدول العربية تحكم بالشريعة الإسلامية؟ لا يملك إلا أن يهرش في رأسه مندهشًا من هول الصدمة!!