رسالة الفن بين العنصرية والتطبيل والتفاهة

- ‎فيمقالات

يقولون إن للفن رسالة إيجابية يقدمها للجمهور لرفع وعى وثقافة المواطن، والاهتمام بقضاياه الجوهرية، وعلاج المشاكل والأمراض الاجتماعية المتفشية في المجتمعات، وتقديم الحلول المناسبة لها.

وهذا كلام رائع لكنّ الحقيقة عكس ذلك، فمن يتابع ما يقدمه مشخصاتية الفن في بلادنا من الابتذال والإسفاف والتقليد الأعمى للغرب ونشر المفاسد والشرور، يعلم أن هؤلاء المشخصاتية ما هم إلا سبب كل بلاء، بما أشاعوه في الأمة من الفحشاء والمنكر واللهو والعبث والغفلة عن الله في الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب.

وللأسف أصبح المشخصاتية ولاعبو كرة القدم هم رموز المجتمع، حتى قال بعض الوزراء: ''أصبح الحكام يغبطون الفنانين ولاعبي الكرة على هذه المكانة التي يحصلون عليها عند الناس''.

ولله در الشيخ "محمد الغزالى" أديب الدعوة الثائر– رحمه الله- حين قال في كتابه الرائع "الحق المر": "نظرت إلى ميدان الفن فى ظل هذا الغزو فرأيته يرحب باحتساء الخمر والطرب فى مجالسها فيغنى موسيقار الأجيال لعلي محمود طه مع عشيقة إيطالية قصيدة الجندول، إن الحبيب نهم إلى شرب الخمر "كلما قلت له خذ قال هات"، أما هو فيقول إن عشيقه "ذوب فى كأس عطره"، وعندما ينتشى يقول "قلت والنشوة تسرى فى لساني هاجت الذكرى فأين الهرمان"؟، الهرمان بشر حال أيها السكران!".

وفى قصيدة "كيلوباترا" يقول "ليلنا خمر"، ويبحث عن حبيبه سائلا: "هل رأيتن فتى غض الإهاب أسمر البشرة كالخمر فى النور المذاب"؟، والذين احتفوا بهذا الغناء، وهتفوا له هم الذين قال فيهم شوقى:

هتفوا لمن شرب الطلا فى تاجهم .. وأصار عرشهمو فراش غرام

ومشى على تاريخهم مستهزئا .. ولو استطاع مشى على الأهرام

وماذا بعد السكر؟

بقي الغناء للكفر والشك فى وجود الله واعتبار الحياة شرودا ليس له هدف "جئت ولكنى لا أدرى من أين أتيت، ولقد وجدت قدامى طريقا فمضيت".

مضى إلى أين؟

ليس يدرى! إنه ملحد تائه، ومغنى هذا السخف تمنحه الدولة لقب لواء، ولقب دكتور، ليجيء بعد ذلك كامل الشناوى فيغنى له فنان آخر "قدر أحمق الخطى".

وتمضى رسالة الفن فى الطريق الذى رسمه الغزو الثقافى لتجيء جماعة من الممثلين والممثلات تتهجم على العقائد والآداب!.

إن للفن العالى رسالة أخلاقية عالية يقول فيها أبو تمام:

ولولا خلال سنها الشعر ما درى .. بُغاة العلا من أين تؤتى المكارم؟

أما السكر والكفر وشتم القدر فأمل إسرائيل لسحق أمة، وإماتة دين.

وفى كل أزمة يظهر هؤلاء المشخصاتية باعتبارهم أصحاب الكلمة؛ لتضليل الناس والتطبيل للطاغية، ومن لا يذكر مواقفهم المخزية إبان ثورة 25يناير، حينما ساندوا مبارك ووقفوا ضد الثورة، وضد شباب التحرير، ولم ترق قلوبهم لدماء الشهداء وصرخات المصابين، وأطلقوا الأكاذيب، فهؤلاء لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية، فمنهم من اعتبر المظاهرات "قلة أدب"، ومنهم من اعتبر شباب التحرير عملاء لإيران، ويأكلون وجبات كنتاكى.

وقد أحسن شباب الثورة صنعا عندما ضمنوا هؤلاء المشخصاتية الفاسدين في قوائم العار، لتظل نقطة سوداء شاهدة على كذب وخداع هؤلاء المطبلاتية، إنها قائمة العار الحقيقى؛ لأن كل من دافع عن نظام فاسد هو مثله فاسد، وكان بلا شك مستفيدا من هذا النظام بشكل أو بآخر.

وكما قال نليسون مانديلا:

لا يدافع عن الفاسد إلا فاسد.

ولا يدافع عن الساقط إلا ساقط.

و لا يدافع عن الحرية إلا الأحرار .

ولا يدافع عن الثورة إلا الأبطال.

وكل شخص فينا يعلم عن ماذا يدافع.

وظلوا يتباكون على نظام مبارك، الذى شجع التفاهات والعري والرقص والمجون والكرة، لإلهاء الشعب عن قضاياه الحقيقية!.

ومن مواقفهم المخزية أيضا، عندما طلب قائد الانقلاب تفويضا للقتل وسفك الدماء، بزعم محاربة الإرهاب المحتمل، تسارع الراقصون والراقصات إلى الشوارع لمنح القاتل تفويضا بالقتل!

وقال وكيل نقابة المهن التمثيلية آنذاك، تعليقا على دعوة التفويض: إنه يؤيد هذه الدعوة ويدعو جميع الفنانين بضرورة توقف تصوير الأعمال الفنية يوم الجمعة، للمشاركة في فعاليات هذه المليونية لمواجهة الإرهاب والعنف الذي تواجهه مصر.

هل هذا هو الفنان صاحب الحس المرهف، والمشاعر الصادقة، الذي يمنح القاتل تفويضا بالقتل؟!!

وكم ذهب هؤلاء الأراجوزات والطبالون والراقصون يغنون للطغاة، ليس في مصر وحدها، بل ذهبوا إلى سوريا والعراق وليبيا.

ومع أزمة كورونا، اختفى هؤلاء المشخصاتية والمطبلاتية ولاعبو الكرة، ومن نطق منهم نطق سفها وعنصرية، لتنكشف حقيقة رسالتهم الخداعة.

فقد تحدثت مشخصاتية كويتية، تدعى "حياة الفهد" بعنصرية عن الوافدين، وطالبت برمي من يصاب منهم في الصحراء!. قائلة: "إن الكويت لم تعد قادرة على احتمال الضغط على المشافي في ظل أزمة كورونا التي تعاني منها".

”على شنو ديارهم ما تبيهم واحنا نبتلش فيهم.. إحنا وصلنا لمرحلة إننا ملينا خلاص، اطلعهم واقطهم برا والله، واقطهم بالبر.. أكلوا الخير ولعبوا واستأنسوا بس يروحون“.

بالطبع هذا التصريح لا يعبر عن شعب الكويت، ولا عن دولة الكويت صاحبة الأيادى البيضاء في أعمال البر والخير المعروفة.

وفى ظل الكوارث والجوائح الطبيعية، لا يمكن لدولة الكويت أن تتخلى عن مواقفها الإنسانية النبيلة مع المواطنين ولا المقيمين.