رغم اختلافهم.. هل اتفق المصريون على خيانة السيسي وقلة أدب مرتضى منصور؟

- ‎فيتقارير

انهارت الرياضة كما ينهار كل شئ في مصر وإنّا لله وإنّا اليه راجعون، ولسنا وحدنا من يذكر الله فحتى الفاسدون يعلقون فسادهم على مشجب القضاء والقدر، وهو ما قاله مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك وعضو برلمان الدم، مستشهدا في غير محله بأن إرادة الله فوق كل شيء وهي من منعت الزمالك للوصول إلى الملعب يوم أمس الإثنين، مهددا أنه في حال تعرض له أحد ولو بالقانون سيغادر مصر ويعتزل المحاماة والبرلمان!

ولا تزال الرياضة في مصر بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، تعاني من أزمة تضرب ملاعبها منذ نحو تسع سنوات، إثر المجزرة الدامية التي دبرتها سلطات الانقلاب وسقط فيها 92 من مشجعي أكبر ناديين، الأهلي والزمالك، في إستادي بورسعيد والدفاع الجوي.

وسمحت هذه الأحداث سلطات الانقلاب بالتوغل في هذا المجال، بتحديد حضور الجماهير من عدمه، أو باختيار استادات بعينها للعب المباريات، أو حتى بقرارات التأجيل أو وقف النشاط بالكامل، ما سبب خسائر فادحة لعدد من الأندية، وقلل بشكل ما الاهتمام بالدوري الأكثر شعبية في الشرق الأوسط وإفريقيا.

مرتضى ظل العسكر!

وزعم رأس الفساد الرياضي في مصر، مرتضى منصور، خلال مداخلة هاتفية مع رأس التطبيل الإعلامى أحمد موسي، ببرنامج “على مسئوليتي”، والمذاع عبر فضائية صدى البلد المملوكة للداخلية، أن لاعبي فريقي الزمالك والأهلي غاضبون من المباراة السابقة، وكان يجب أن يتم تأجيل المباراة.

وأضاف منصور، أن عمرو الجنايني رئيس اللجنة المؤقتة في اتحاد الكرة، السبب في كل ذلك، مؤكدا أنه سيتوجه إلى المحكمة الرياضية الدولية لتقدم شكوى ضد الجنايني، وكأن مشكلة مصر والمصريين ذابت وانصهرت في لقاء الزمالك والأهلي، وكأن الجنايني هو من قام بانقلاب 30 يونيو 2013، وقتل الرئيس الشهيد محمد مرسي، وأعدم ثمانية أبرياء أمس الإثنين في قضية ظالمة تدعى “تفجير الكنائس”.

ولكل عصابة انقلاب منظومة من المحامين تشكل مدخلاً لها إلى السلطة القضائية، هذه المنظومة تسارع إلى الدفاع عن مصالح العصابة وتحقيق مكاسب قانونية مهمّة له، بل تساعدها في التصدّي للمعارضة والشعب، هذا الأمر ظهر واضحا في مصر بعد ثورة 25 يناير، إذ أصبح المحامون عنصرا أساسيا في التحضير للانقلاب.

وبات هؤلاء المحامون جزءا مهمّا من المنظومة المتواطئة التي خدمت النظام العسكري بعد الثورة واستمرّت حتى وصوله إلى الحكم في يوليو 2013، فمن دونهم، لا يستطيع القضاء أن يتخذ قرارا بسن قوانين جديدة تخدم مصالح عصابة الانقلاب، ولا أن يلاحق أي تيار سياسي أو شخصية معارضة.

يكمن الدور الرئيسي لهؤلاء المحامين في رفع قضايا في هيئة مجلس الدولة أو المحاكم الأخرى تطالب بسن قوانين جديدة تخدم حكومات الانقلاب، وبملاحقة جماعات معارضة أو شخصيات بعينه.

الدعاوى القضائية

وعانت الكثير من التيارات السياسية المناوئة للانقلاب، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، من ويلات الدعاوى القضائية التي قدمها هؤلاء المحامون، حتى إن بعض الشخصيات السياسية اختفت من المشهد السياسي بعد انقلاب 30 يونيو 2013 نتيجة ذلك.

وبرز محامون كثر خلال اعوام الانقلاب في مجال السياسة، في مقدّمهم نبيه الوحش، وسمير صبري، ومرتضى منصور، ونبيل لوقا بباوي وغيرهم، وذلك عن طريق الدعاوى القضائية التي لاحقوا بها المعارضة أو الشخصيات السياسية والإعلامية الشهيرة.

هؤلاء المحامون كانوا حصان طروادة، استطاعت عصابة الانقلاب أن تصل بواسطته إلى النظام القضائي الذي تسيطر عليه، واحدهم وهو مرتضى منصور كان وراء عملية الإلهاء التي من تفاصيلها تواجد لاعبو الأهلي في ملعب المباراة، إلا أن لاعبي الزمالك لم يصلوا بداعي تعطل الحافلة أعلى كوبري أكتوبر.

ليعلن الحكم إلغاء اللقاء بعد مرور 20 دقيقة، ويترك تحديد النتيجة للجنة المسابقات، في أكبر عملية إلهاء للتغطية على أحكام الإعدامات وعلى رضوخ جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي لشروط إثيبوبيا في ملء سد النهضة، وخلاصتها عطش المصريين.

ولأن حادثة “تعطيل الأتوبيس” كانت بالأساس أكبر عملية إلهاء تم تدبيرها بين مرتضى وأطراف من أجهزة سيادية ترعى مصالح الانقلاب، كشفت عضو اللجنة الخماسية في اتحاد الكرة سحر عبد الحق عن ما حدث لحافلة الزمالك خلال سيرها باتجاه ستاد القاهرة لخوض مباراة القمة 119 أمام الأهلي في المباراة المؤجلة من الأسبوع الرابع للدوري المصري.

وقالت: “الأمن كان متواصلا معنا أثناء سير حافلة الزمالك والأمر كان واضحا برغبتهم في عدم الوصول للملعب”، وتوقفت حافلة الزمالك عند أحد الأكشاك القريبة من مقر النادي لشراء زجاجات مياه معدنية، وبعدها سلكت كوبري أكتوبر، ثم توقف الأتوبيس مجددا لإصلاح ما يوحي أنه عطل بالأتوبيس.

ونقلت صحيفة “الوطن” عن مصدر أمني قوله إن السلطات المختصة وأجهزة الأمن أخلت الطريق تماما لتمكين الأتوبيس من السير دون تعطل أو توقف، بالتنسيق مع الخدمات التي كانت بالطريق وصولا حتى ستاد القاهرة.

وأضاف المصدر “الأتوبيس كان يسير على سرعة 40 كم في الساعة فقط. ثم سلك الأتوبيس اتجاه رمسيس وتوقف للمرة الثالثة بإحدى محطات الوقود، ودخل عدد من اللاعبين دورة المياه، ثم دخل أحد الإداريين مسجد برمسيس يرافقه لاعبين من الفريق لأداء صلاة العشاء”.

كما أكدت عضوة اللجنة الخماسية أن “كل شيء موثق بالصور والفيديوهات. حافلة الزمالك سارت في طريق خطأ من الأساس ولم تذهب نحو ستاد القاهرة. الأمر كان واضحا برغبة الزمالك في عدم الوصول للملعب”.

سيطرة العسكر

تمتلك أندية الجيش والشرطة المصرية فقط، 9 استادات أو أكثر، تتسع لربع مليون متفرج. بينما لا يمتلك أي من الأندية الأخرى أي استاد؛ فالأهلي، النادي الأكثر شعبية وبطولات على مستوى الدولة والقارة الأفريقية، لا يزال يدفع إيجار ملعبه، التتش، ومقره الرئيسي في الجزيرة لمحافظة القاهرة، منذ الأربعينات.

كما يقع الجزء الخاص بملعب الزمالك، حلمي زامورا، في منطقة تابعة للأوقاف، وكلا الملعبين لا يخوض عليهما الفريقان مباريات رسمية، فيضطران إلى استئجار ملاعب الدولة التي يسيطر عليها العسكر، وهو الحال ذاته مع الأندية الأخرى والجماهيرية، التي تستغل ملاعب المحافظات بنظام الإيجار أو التمرين من مديريات الشباب والرياضة.

وبينما يتم لعب عدد من المباريات من دون جماهير، تحشد ملاعب الجيش والشرطة المجندين لتشجيع أنديتها، وتستغل وقوع عدد من اللاعبين في فترة التجنيد لاستقطابهم إليها من دون مقابل، وقد حدث ذلك مع لاعبي الزمالك أيمن حفني والسابق عبد الستار صبري، اللذين قضيا تجنيدهما ضمن صفوف نادي طلائع الجيش.

وفي وقت سابق، ألقت الشرطة العسكرية القبض على لاعب المنيا السابق عمرو عثمان، بدعوى تخلفه عن أداء الخدمة بعد تألقه مع ناديه، وهي الواقعة التي سردها اللاعب قائلاً: “طلائع الجيش كلموني وقالولي تعال امضي بالفلوس اللي أنت عايزها ورفضت، كلموني أكتر من مرة قالوا لو مجتش هنحبسك، بعتولي شرطة عسكرية وبهدلولي البيت وعرضت أهلي للخطر أكتر من مرة، ولكن أجبرت أن أمضي، أنا موضوعي زي أيمن حفني بالضبط ولو أي حد مكاني هيعمل إيه؟”.

سطوة أندية الجيش والشرطة أيضاً طالت اتحاد الكرة، الذي ألغى الهبوط في موسم ثورة 25 يناير 2011، بتعليمات من مسؤول في المجلس العسكري، بسبب صراع الأندية العسكرية على الهبوط.

وهذا ما اعترف به نائب رئيس الاتحاد سابقاً أحمد شوبير، بينما اتهم نادي الجونة الاتحاد بمحاباة نادي الداخلية في موسم 2015؛ فكان الفريقان في ذيل جدول الدوري، بينما أشركت الداخلية لاعباً مقيداً في صفوف الإنتاج الحربي، وانتهى مسلسل الأزمة باعتماد هبوط الجونة إلى “دوري المظاليم”.

لوائح الفيفا تمنع وجود أندية تابعة لمؤسسات الدولة في دورياتها، إلا أن مصر، كما سوريا والعراق، لا تزال تشرك أندية الجيش والشرطة في منافساتها.

وفي السياق نفسه، اعتبر المحلل الرياضي خالد بيومي، أن القائمين على الرياضة في مصر لا يعرفون أسس هذه الرياضة، التي تعتمد في المقام الأول على الاقتصاد، ثم الاستثمار، والجانب الأمني في الناحية الأخيرة.

وأضاف: “معظم دول الربيع العربي تقيم مبارياتها بجمهور، على الرغم مما تمر به من أزمات، لأن وسائل إعلامها أيضاً لا تمتلك الانتشار وطرق الشحن التي يستخدمها الإعلاميون المصريون، الذين يعدون من بين كوارث الرياضة المصرية، لتعمّد بعضهم إثارة الجماهير بغرض زيادة نسب المشاهدة لا أكثر”.