“رقم قومي لكل شقة”.. ويتوالى إبداع نهب المصريين في جمهورية الموز العسكرية

- ‎فيتقارير

"هتدفع يعني هتدفع"، يتذكر المواطن المصري تلك العبارة المقيتة التي تفوّه بها الديكتاتور السفاح عبد الفتاح السيسي إبان صعوده على العرش فوق جماجم المصريين، وربما تعد تلك العبارة أحد مفاتيح حلّ ألغاز المرحلة النهبوية التي تفرضها عصابة الانقلاب على الشعب.

وبواقع 2000 جنيه واجبة الدفع فرضت حكومة الانقلاب على كل مصري يتكوم هو وأسرته بين أربعة جدران، أن يشتري نموزج "شهادة رقم قومي" لشقته مهما يكن بؤس المكان والحي الذي يسكن فيه، وربما في المستقبل يلزمه أن يستخرج لها شهادة ميلاد ودفتر تطعيم ضد شلل الأطفال!

خادم العسكر

وخرج الفاسد المتهم في قضايا مالية "مصطفى مدبولي" رئيس مجلس خدام العسكر، وشمر عن ساعديه وقال إن كل وحدة سكنية وعقار في مصر سيكون لهما شهادة ورقم قومي، متابعًا: "بعد تطبيق قانون التصالح لن يسمح بالتعامل مع أي شقة غير صادر لها شهادة من الدولة".

وزعم "مدبولي"، أنّ عصابة الانقلاب مدركة للظروف وترغب في تحقيق الهدف، والصالح من القانون وقف النزيف الذي استمر طوال 40 عامًا، على حد قوله. وأوضح رئيس خدام العسكر أنه بالتنسيق مع كل الإدارات المحلية وأجهزة المدن الجديدة، يتم استلام كل الطلبات التي يتقدم بها المواطن، بغض النظر إن كانت مكتملة أم لا.

وتابع "مدبولي": "المواطن بيقدم طلب ومعاه مستندات، بنستلمها وبنسلم المواطن نموذج 3، وبمجرد ما يستلم نموذج 3 بتقف تماما أي إجراءات ممكن تتاخد ضد المخالفة، من إجراءات هدم، وهيدي فترة سماح لمدة شهرين عشان المواطن يكمل الورق بتاعه، وقدم النهارده الطلب وأي ورق في حوزتك وخد نموذج 3 اللي بيأمنك".

ويقول الناشط مراد تيمور :" هيطلعو بطاقة رقم قومى لكل شقة في مصر اجبارى كل واحدة ب 2000 جنية ، مصر فيها كم مليون شقة ويعملو كام 100 مليار..ويطلع علينا معيط قروض اخر السنة يقولنا حققنا نمو 7%".

وعلى خط التطبيل للنهب الذي يمارسه العسكر دخل نواب برلمان الدم، وقال النائب بدوي النويشي، وكيل لجنة الإدارة المحلية في البرلمان التابع للمخابرات الحربية : "قانون التصالح هدية من الحكومة للمواطنين لتقنين أوضاع العقارات والمباني المخالفة، وما أصدرته الحكومة بالتعاون مع البرلمان في هذا الملف، فرصة ذهبية للمواطنين، ويجب الإسراع لاستغلالها قبل إنتهاء فترة التصالح".

وزعم النويشي، أن قرار حكومة الانقلاب بإصدار رقم قومي لكل عقار، مهم ودليل عدم إدانة أو مخالفة العقار أو المبنى، مشيرًا إلى أن سيكون عبارة عن بطاقة تحتوي على رخصة المبنى ورقم الترخيص وموضح بها السلامة الإنشائية، والارتفاع الذي يجب أن يكون عليه المبنى ولا يتخطاه. وأشاد النويشي، بقرارات عصابة العسكر خاصة المتعلق بإصدار رقم قومي لكل مبنى، والذي سيسهم بزعمه في عدم وجود مخالفات بناء في المستقبل، كما أنها تعد طمأنة للمشترى بأن المبنى غير مخالف، وهو بمثابة رخصة للعقار.

ولم يتأخر قضاة الفرعون عن نصرته وتأييد قرارته الظالمة بحق المصريين، وقال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة وزراء العسكر، إن تسجيل الشقق بالشهر العقاري يترتب عليه صدور رقم قومي لها. وزعم قاضي الفرعون أنه من مصلحة الجميع تسجيل الشقق لاستخراج الرقم القومي، مشيرًا إلى أنه بدون هذا الرقم لن يتم التعامل على الخدمات الحكومية، فضلًا عن أن تسجيل الشقة وبيعها لن يحدث إلا بموجبه، على حد قوله.

السيسي مرعوب

ويواجه الآلاف خطر إزالة منازلهم في القرى المصرية، والتي تختلف قصصها من شخص إلى آخر، إلا أن الرابط بينهم هو قيامهم بالبناء كما اعتادوا دون الحصول على ترخيص بالبناء من السلطات المحلية، وهو أمر كان منتشرا في الريف وتغض سلطات الانقلاب النظر عنه.

ووصف وكيل لجنة الإسكان بمجلس الشعب سابقا، عزب مصطفى، خطاب حكومة السفاح السيسي الأخير "بالمهادن"، قائلا: "الحكومة تتخوف من الغضب العارم المنتظر من الشعب المصري"، مشيرا إلى أن "حكم محكمة القضاء الإداري يلزم الحكومة بتعويض من قامت بهدم منازلهم". مؤكدا أن "القرارات الأخيرة بهدم المنازل هي إرغام للمواطنين على شراء أراض ووحدات من الدولة وعمل بيزنس جديد، ونؤكد أن مصر الآن تعيش أسوأ فترة من فقر وجهل وقهر حتى أصبحت سجنا كبيرا لسكانها، والعنوان الكبير للمرحلة هو الفشل الاقتصادي والاجتماعي وكذلك الانسداد السياسي".

ووفق مصطفى، فإن هناك "تغيرات سياسية قادمة مثل الانتخابات الأمريكية وغيرها، وكذلك الصراع الخفي بين سدنة الحكم القائم، وقد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن يوم 20 سبتمبر لأن هناك غضبا شعبيا عارما فالقرارات الأخيرة ألحقت الأذى والضرر بأكثر من 80 بالمئة من الشعب المصري".

من جهته قال رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إسلام الغمري، إن "الاستخفاف بالشعب المصري من قبل السيسي واستناده للقبضة الأمنية في مواجهة الشعب ظناً منه أن ذلك كفيل بإخضاع وتركيع المصريين هو سراب خادع فالغضب المتراكم عند الشعب يتزايد بشكل غير مسبوق وقد تتحول الطاقة الشعبية المكبوتة لبركان يثور ربما دون مقدمات".

وأضاف: "إزالة المنازل والوضع المعيشي المزري الذي يعاني منه السكان قد رفعت حالة السخط الشعبي لدرجة غير مسبوقة، ولعل ذلك ما دفع رئيس الحكومة للتراجع عما وجه به السيسي بأن يتولى الجيش تنفيذ الهدم دون شفقة أو رحمة، ولعل مؤشرات الغضب الأولية والتي عبرت عنها بعض المظاهرات العفوية والتي ربما تتزايد عقب حملة – مش عايزينك – وكذلك دعوات التظاهر يوم 20 سبتمبر تكون هي السبب في تراجع الحكومة".

وختم حديثه متسائلا: "هل يأتي هذا التراجع بعد فوات الأوان؟ وهل سيفاجئ الشعب النظام بما لم يحتسب؟ لا شك أن كل الخيارات أصبحت مفتوحة ولا يمكن لأحد أن يتنبأ بحجم الغضب الشعبي إلى أين سيصل؟ وهل ستنجح السلطة في احتوائه؟ ولكن اليقين أن مصر على أبواب ثورة حتمية قد تندلع في أي لحظة".