صراع أجهزة بين المخابرات والأمن الوطني للسيطرة على القطاعات الحيوية

- ‎فيتقارير

جدل داخلي وتكوينات كبيرة كشفتها تفاصيل رسالة مسربة من قبل المخابرات العامة، حول دورها القادم في السيطرة والهيمنة على الشارع والمؤسسات الحيوية، بذريعة ما حدث من مظاهرات للمصريين في “هبّة 20 سبتمبر 2019″، بعد دعوة من رجل الأعمال والممثل محمد علي عبد الخالق المقيم في إسبانيا.

وتحت عنوان “سرى للغاية”، أرسل جهاز المخابرات العامة مخاطبات لكافة الإدارات الحكومية في المحافظات والمدن المختلفة، طالبهم فيها بتحديد المسئولين الذين يمكن مخاطبتهم بشكل مباشر في حالات الطوارئ والأزمات، أو توجيه تعليمات تتعلق بالخدمات المختلفة للمواطنين.

وأضافت المصادر أن الجهاز أرسل تلك المخاطبات للإدارات الحكومية المسئولة عن المرافق المختلفة، من مياه وكهرباء وغاز ومواصلات، بالإضافة إلى المؤسسات التعليمية، بهدف السيطرة على كافة المرافق المختلفة.

تبعات طرد “محمود”

يأتي ذلك على إثر وقائع الطرد المفاجئ لـ”محمود”، نجل زعيم سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، من جهاز المخابرات إلى بعثة خارجية فى موسكو كملحق عسكري، بعد تسببه فى فوضى وعدم إحكام سيطرته على الشارع المصري وفق ما طلبت منه سلطات الانقلاب.

مسئول بارز فى مؤسسة حكومية كبرى قال: “كنا نأخذ التعامل أخيرًا في تلك الأمور، أو تلقّي تعليمات بشأن القرارات الحكومية، أو توجهات الدولة، من مسئولين في جهاز الأمن الوطني، لوجود ضابط مكلف من الجهاز بمتابعتنا على كافة المستويات”.

وأوضح المسئول الحكومي أن “المخاطبات الآتية من المخابرات العامة لم تحمل أي إشارة بأنهم الجهة الوحيدة التي يجب أن نتعامل معهم، أو إلغاء تعاملنا مع جهاز الأمن الوطني، ولكنها أكدت أنها جهة مخوّل لها متابعة العمل والتدخل وقت الطوارئ والأزمات، وهو ما يستتبعه ضرورة تحديد الأشخاص المسئولين في تلك المهمة”.

وأضاف أنه “بخلاف ذلك فوجئنا بضابط الجهاز الوطني الذي يتابعنا، يسأل عمّا إذا جاءنا خطاب من المخابرات أم لا. وهو ما يعني أنها لا تأتي بالتنسيق بينهم، ويسأل كيف سنتعامل مع الموضوع، وكانت تساؤلاته تحمل لهجة سلبية”.

جمهورية الضباط

ويشكِّل الموقع النافذ للقوات المسلّحة المصرية داخل الدولة، كونها الحكم النهائي للسياسة في مصر، القاعدة الوطيدة التي لا غنى عنها لإحكام السيطرة على المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بالدفع بلواءات وعسكريين متقاعدين فى مناصب عليا لضمان الولاء للجيش والقوات المسلحة.

الرئيس الأسبق السادات أصدر قانونًا لسنة 1978 في محاولة منه لتقليص وجود الجيش في الحكومة، بعد أن كان رجالاته متنفذين فيها أثناء حكم عبد الناصر، القانون يعطي للرئيس حق تعيين وفصل من يشغلون المناصب العليا من الوزراء والمحافظين ورؤساء الشركات التابعة للحكومة والتابعة للجيش، لكنَّ نفس القانون استخدمه المخلوع محمد حسني مبارك لإعادة العسكريين من قيادات وضباط الجيش وخاصة المخابرات.

فى المقابل، أوضح المسئول الحكومي أنه “قبل ثورة 25 يناير 2011 كان جهاز أمن الدولة هو المتحكم الأول والأخير، وهو الذي يتعامل معنا بشكل مباشر، ولم نكن نسمع بالأساس باسم جهاز المخابرات العامة أو المخابرات الحربية، وبعد الثورة كانت الأمور أكثر انفتاحا، وغاب الأمن الوطني عن المشهد وباتت الأمور تسير بشكل إداري وفقا للهيكل الإداري داخل كل وزارة أو جهة حكومية، حتى جاءت أحداث 30 يونيو/حزيران 2013، وما استتبعها من تغييرات، وعادت الرقابة الأمنية والتدخلات الأمنية، ولكن هذه المرة كانت لأجهزة سيادية أخرى بخلاف الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً)”.

العسكر يحكمون الوزارات والهيئات

وسبق أن تم نشر تقرير يكشف هيمنة العسكر على المقاليد الداخلية، وذلك فى وجود 18 لواء في “الإسكان” و20 مسئولا في “النقل” قادمين من الجيش و37 من قيادات “البيئة” من العسكريين و5 لواءات وعميد يتحكمون في رغيف خبز المصريين .

المعروف أن عدد الوزارات المدنية بالإضافة إلى مجلس الوزراء هو 28 وزارة، بعد استبعاد وزارتي الدفاع والداخلية، كما أن هناك 59 هيئة مدنية في الجهاز الإداري للدولة، وتوجد من بينها هيئتان فقط تابعتان لوزارة الداخلية هما “صندوق التصنيع وإنتاج السجون”، “وصندوق مشروعات أراضي وزارة الداخلية”، وهيئتان مثلهما تابعتان لوزارة الدفاع والإنتاج الحربي هما “الهيئة العربية للتصنيع” و”هيئة الخدمات العامة للقوات المسلحة”.

أما باقي الهيئات وعددها 56 هيئة فهى إما تابعة لوزارات مدنية أو لمجلس الوزراء “كهيئة قناة السويس”، ورغم هذه الطبيعة المدنية للهيئات الـ56 المتبقية فإنه غالبا ما يظهر قادة عسكريون سابقون على رؤوس مجالس إدارتها.