شاهد| هجوم عدن.. هل يُعد تحولا في استراتيجية الحوثيين في الحرب باليمن؟

- ‎فيعربي ودولي

قُتل نحو 40 شخصا في اليمن، بينهم قائد اللواء الأول في قوات الحزام الأمني المدعوم إماراتيا، منير اليافعي، في هجوم على معسكر غرب عدن، وتبنى الحوثيون الهجوم وقالوا إنه جرى بصارخ باليستي وطائرة مسيرة، كما أكدوا ضربهم بصارخ باليستي أهدافًا عسكرية في الدمام شرق السعودية .

وبحسب تقرير بثته قناة “الجزيرة”، فبالنسبة للحكومة اليمنية فإن الهجوم الذي شنه الحوثيون صباح الخميس على معسكر قوات الحزام الأمني، المدعومة إماراتيا في عدن، يؤكد أهمية وقوف ما سمتها “جميع القوى الوطنية” في صف واحد لمواجهة مشروع إيران وأدواتها في اليمن، والإشارة هنا إلى خروج القوات المدعومة من أبو ظبي، ومن بينها القوات التي استهدفها هجوم، صباح الخميس، على سلطة الحكومة الشرعية بل ومواجهة القوات النظامية كما حدث في أكثر من مناسبة.

بيد أن هجوم عدن ليس الوحيد الذي شنه الحوثيون، الخميس، في إطار ما يبدو تحولا في استراتيجيتهم، فقد قالوا إنهم ضربوا أيضا وبصاروخ باليستي أهدافا عسكرية في الدمام شرق السعودية، بينما أكد أحد قادتهم أن الصواريخ الباليستية ستكون الغالب على هجماتهم خلال الفترة المقبلة.

“لا يوجد مكان آمن هنا حتى لو كنتم في معقلكم ومعسكركم”.. تلك هي الرسالة التي يوجهها الحوثيون لقوات الحزام الأمني، ففجأة وبشكل صاعق يهاجمون عرضًا عسكريًّا لقوات الحزام في معسكر الجلاء بمنطقة البريقة بعدن، يطلقون عليه صاروخًا باليستيًّا متوسط المدى بالتزامن مع طائرة مسيرة فتكون المذبحة.

وبحسب الحوثيين لم يكن العرض بريئًا، فمن خلاله كانت قوات الحزام تستعد وتحضر للزحف باتجاه مواقع حوثية في محافظتي الضالع وتعز، ما يعني أن الهجوم استباقي في رأيهم، على أن ذلك ليس كل شيء كما قالوا، فثمة هجمات أخرى أو بنك أهداف جديد، كان هجوم معسكر الجلاء افتتاحه، وتشمل الأهداف قادة قوات الأحزمة والنخب التي شكلتها الإمارات في جنوب البلاد ودربتها ومولتها، وقالت إنها أذرعها الضاربة في اليمن قبل الانسحاب وبعده.

ويعتقد أن الهجوم أكبر من أن يكون رسالة وحسب، فهو يعني فتح جبهة جديدة عنوانها تصفية ذيول الوجود العسكري الإماراتي في البلاد، فلا يكفي حديث أبو ظبي عن الانسحاب واعتماد استراتيجية جديدة عنوانها السلام، بل عليها أن تدفع الثمن، بغض النظر عما يتردد من فتح قنوات بين الجماعة وأبو ظبي أو بين الأخيرة والإيرانيين، أي أن الانسحاب لا يعني هدنة مفتوحة بالنسبة لجماعة تريده ذليلا وجزءًا من ثمن باهظ على الإماراتيين دفعه إذا أرادوا تجنب الأسوأ، والأسوأ هو أن يصبحوا أهدافًا معلنة للحوثيين سواء داخل أراضيهم في الإمارات على غرار ما يحدث للسعوديين، أو داخل اليمن من خلال استهداف أذرعهم في جنوبي البلاد حيث أماكن سيطرتهم هناك، وبالتحديد في عدن العاصمة المؤقتة للشرعية .

وثمة ما هو رمزي في هجوم عدن، فقد قتل فيه واحد من كبار القادة العسكريين للانفصاليين الجنوبيين الموالين لأبو ظبي، وهو العميد منير اليافعي، ترك منصة الاحتفال خلال العرض العسكري لتحية أحد الضيوف فوقع الانفجار وأصيب فيه وقُتل، وقد جرى كل ذلك بينما كانت أعلام تحالف الرياض أبو ظبي والانفصاليين الجنوبيين ترفرف على المنصة، وثمة فرق موسيقية تستعد للعزف .

لقد حوّل الهجوم الاحتفال إلى مأتم كبير ومذبحة دامية، ويرى البعض أن اختيار الحوثيين هذا المعسكر الحصين هدفًا لهجومهم وضربهم جنوده في لحظة احتفائهم بقوتهم العسكرية واستعراضها علنا، يحمل الكثير من الدلالات بشأن استراتيجية الحوثيين في الفترة المقبلة، وهي الاستراتيجية التي يؤكد ما أعلنوه عن هجوم صاروخي على مدينة الدمام في عمق الشرق السعودي، أنها تتجه نحو شمولية المواجهة وفتح جبهات عدة في الوقت نفسه .

وبحسب الحوثيين، فإن إطلاق الصاروخ الباليستي الذي وصف بالمطور على الدمام كان تجربة واختبارا لقوة الصاروخية وآمالها، أي أنه يدشن قواعد اشتباك جديدة تتجاوز جازان ونجران الحدوديتين إلى مناطق أبعد في عمق الأراضي السعودية، ويفترض أن يكون الصاروخ قد قطع نحو 1300 كم ليضرب هدفه، وهي مسافة كبيرة جدا تكرس تحولا نوعيا في ساحة الحرب ونوعية أهدافها.

يحدث هذا بينما تتغير استراتيجية بعض الدول المنضوية في تحالف الرياض، فإذا هي تنفضّ عن السعوديين وتتقرب إلى طهران، تاركة ولي العهد السعودي وحيدا أمام صواريخ الحوثيين وهجماتهم.