فضائح في جلسة محاكمة نظام السيسي بمجلس حقوق الإنسان في جنيف

- ‎فيتقارير

تعرضت سلطة الانقلاب لإحراج جديد وفشل في الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وحتى الدستور الذي وضعه الانقلابيون، فيما يخص مجال حقوق الإنسان.

وتلقّى وفد سلطة الانقلاب انتقادات واسعة خلال الحوار التفاعلي بالأمم المتحدة، مساء الخميس 12 مارس الجاري 2020، في الجلسة المخصصة لاعتماد تقرير الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري، ضمن فعاليات الدورة الـ43 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.

وكان وفد الانقلاب، برئاسة مندوب مصر في الأمم المتحدة، مطالبًا بالرد على 372 توصية وملاحظة لـ112 دولة، مقدمة منذ شهر نوفمبر الماضي 2019، في هذه الجلسة التي شاركت فيها 10 منظمات حقوقية، تتحدث فيها عن سجناء الرأي والظلم باستخدام الحبس الاحتياطي والاعتقالات ومخاطر انتشار فيروس كورونا بينهم.

وكعادته زعم مندوب مصر في جنيف أمام مجلس حقوق الإنسان، أن حكومة الانقلاب تقوم “بتوفر حماية للمدافعين عن حقوق الانسان من الجرائم التي تقع عليهم من آخرين”، وزعم احترام سلطة الانقلاب لحقوق المصريين وحقهم في التعبير رغم تكميم السيسي الأفواه”.

ولذلك استنكر مركز القاهرة لحقوق الانسان– في بيان له- نهج سلطة الانقلاب المضلل خلال المراجعة الدورية الشاملة لملفها الحقوقي أمام الأمم المتحدة.

نهج مضلل

وقدم مركز القاهرة ثلاث مداخلات شفهية مشتركة في الجلسة المخصصة لاعتماد تقرير الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري بـجنيف أمام المجلس، تسلط الضوء على تدهور حالة حقوق الإنسان في البلاد هي:

  1. توظيف التشريع المصري لمكافحة الإرهاب بشكل منهجي لإضفاء الشرعية على الحملة المستمرة لإسكات واستئصال المجتمع المدني المستقل ومواجهة الصحفيين والأحزاب السياسية، وتبرير حملة واسعة لإسكات كل أصوات المعارضة السلمية، فضلا عن استخدامه كذريعة للتقاعس عن تحسين ظروف الاحتجاز المتردية والقاتلة في مصر.
  2. نهج الحكومة المصرية المضلل خلال عملية المراجعة على نحو يهدف إلى تزييف الوقائع وتضليل المجلس بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر. فعلى سبيل المثال ادّعت الحكومة المصرية أن التوصيات بشأن أعمال التخويف أو الانتقام ضد المتعاونين مع الأمم المتحدة وآلياتها “غير صحيحة من الناحية الواقعية”، بينما وصف تقرير للأمين العام للأمم المتحدة مصر بأنها دولة تمارس “نمطًا من الأعمال الانتقامية” ضد أولئك المتعاونين مع آليات الأمم المتحدة.
  3. إن 37 مدافعًا عن حقوق الإنسان على الأقل ممنوعون من السفر بسبب عملهم الحقوقي، الأمر الذي حال دون مشاركتهم بشكل عملي في عملية الاستعراض الدوري الشامل، على نحو يقلل من سلامة ومصداقية العملية، رغم ادّعاءات الحكومة بأن “أي شكل غير مبرر قانونًا من أشكال الحرمان من الحرية يعد محظورا في جميع الظروف”، في الوقت الذي اعتقلت فيه المئات من منتقدي الحكومة السلميين بشكل غير مبرر قانونًا، وهو ما طال، فقط منذ نوفمبر 2019، الصحفيين والبرلمانيين السابقين والمحامين والأكاديميين ونشطاء حقوق الإنسان والديمقراطية.

ردود مضحكة

وردًّا على توصية تركيا التي تطالب بتحقيق فوري ونزيه وشامل وشفاف لتوضيح سبب وفاة الرئيس الراحل «محمد مرسي»، ردت سلطة الانقلاب بأن مصر تعتبر توصية أنقرة “توصية عدائية” دون أن يكلف نفسه عناء الرد.

وسبق أن قال فريق أممي تابع للجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، معني بالاحتجاز التعسفي، إن الرئيس الشهيد مرسي احتُجز في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها “وحشية”، وتعرض للكثير من الانتهاكات الحقوقية، وخلص إلى أن “وفاته يمكن أن تصل إلى حد القتل التعسفي”.

ومنعت سلطات الانقلاب إقامة جنازة للرئيس الشهيد محمد مرسي، وأجبرت أسرته على دفنه في جنح الظلام تحت حراسة أمنية مشددة، لمنع مشاركة أي من أنصاره في تشييع جثمانه.

وفي وسائل الإعلام تم تجاهل خبر وفاته، مع ذكر اسمه فقط من دون أن يسبقه أي لقب (رئيس)، وخرجت الصحف في اليوم التالي للوفاة بين متجاهلة وأخرى سبقت اسمه بالخائن في خبر صغير بالصفحات الداخلية وصفحة الحوادث!.

ورفضت السلطات تسليم الجثمان لأسرته، حيث تم تغسيله في مستشفى السجن بحضور 9 من أفراد عائلته، وتم أداء صلاة الجنازة عليه داخل السجن أيضا بحضور 10 أشخاص فقط في منتصف الليل، قبل أن يتوجه الجثمان فجرًا إلى المقابر وسط حراسة أمنية مشددة لمنع مشاركة أي من أنصاره في تشييع الجثمان.

ورفضت سلطات الانقلاب طلبًا بدفنه بمقابر أسرته في قرية العدوة بمحافظة الشرقية تنفيذًا لوصية الرئيس الراحل، بينما سمحت بدفن مبارك في مقبرته التي تصل إلى ألف متر.

وردًّا على توصية هولندا بالإفراج عن جميع المعتقلين بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير عبر الإنترنت، وتوصية السويد بالكف عن تقييد حرية المجتمع المدني، وقرارات تجميد الأموال وحظر السفر، والاعتقال التعسفي، رد مندوب السيسي قائلا: إن مصر تعتبر هذه التوصيات «خاطئة وقائعيا بدعوى أنه “لا أحد يُسجن في مصر بسبب ممارسة الحق في حرية التعبير”.

وردًّا على توصية قطر بـ”وقف ممارسة الاعتداءات على حرية الرأي والتعبير، واعتقال الصحفيين، ومنع الوصول إلى مواقع الإنترنت الإخبارية، ومصادر المعلومات”، ردت سلطة السيسي عبر مندوب مصر في الأمم المتحدة بالزعم أن مصر تعتبر توصية الدوحة “توصية عدائية” وتجاهل الرد على الانتهاكات نفسها.

رفض التوصيات 

أيضا ردا على توصية الأرجنتين وقف عمليات الإعدام للمحكوم عليهم بهذا الحكم، والنظر في إلغاء العقوبة تمامًا من تشريعاتها الوطنية، ردت حكومة السيسي بأن القاهرة «ترفض» هذه التوصية، وتعتبرها “غير مقبولة”.

ورفض الانقلاب توصية النمسا الداعية إلى تعديل المادة 122 من «قانون الطفل»؛ لضمان عدم محاكمة الأطفال إلى جانب الكبار، وقال إن القاهرة «ترفض» هذه التوصية رغم رصد العديد من الانتهاكات ضد الاطفال، والطفولة المُهدرة على يد النظام الحالي، وآخرها في شهر فبراير الماضي حين ظهر 13 طفلا من محافظة السويس في نيابة أمن الدولة العليا، بعد إخفائهم قسريًا لمدد متفاوتة وصلت إلى أكثر من شهرين، وقد تم التحقيق معهم على ذمة قضية سياسية تحمل رقم 1530 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.

وتعرض هؤلاء الأطفال أثناء فترة اختفائهم للضرب المبرح والصعق بالكهرباء لإجبارهم على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليهم.

وهؤلاء الأطفال تتراوح أعمارهم ما بين 13 و16 عامًا، وهي مرحلة عمرية مهمة في بناء شخصية الطفل، وبالتالي ستؤثر هذه الانتهاكات التي تعرضوا لها أثناء فترة إخفائهم القسري بشكل سلبي في بناء شخصياتهم، مما يعود بعد ذلك على المجتمع بشكل متردٍ.