فلويد.. والرئيس المؤمن

- ‎فيمقالات

في الوقت الذي تصف أمريكا نفسها بأنها أم الديمقراطية والحرية، وهي ليست كذلك، حيث كشفت حادثة مقتل المواطن الأمريكي الأسود “جورج فلويد” عن عورة هذا الكيان العنصري، وأسقطت عنه ورقة التوت التى تدثّر بها لعقود. وقد كانت رؤية الشعب المتحضر، وهو يسرق وينهب ويخرب، رسالة لكل من انخدع بحضارة أمريكا حينا من الدهر.

احتجاجات الشارع الأمريكي، هل هى فعلا بسبب مقتل “جورج فلويد” أم أن هذه الحادثة تعد القشة التي قصمت ظهر البعير؟ إنها تراكمات العنصرية، وتداعيات كورونا، وما خلفته من فضيحة- بجلاجل- للنظام الصحي الأمريكى، ووفاة أكثر من مائة ألف شخص، فضلا عن وجود أزمة اقتصادية خانقة، وبطالة أصابت الملايين من الذين فقدوا وظائفهم، كل هذه الأسباب مجتمعة أسهمت بدور كبير في حالة الفوضى والهمجية، وسرقة المحال، وتكسير وحرق سيارات من قبل البيض والسود على حد سواء.

وعلى طريقة حكام العرب، تعهد “ترامب” بالاستعانة بالجيش لوقف الاحتجاجات التى عمت العديد من المدن الأمريكية. وعندما خرج ” ترامب من مخبئه السرى، توجه إلى كنيسة مجاورة للبيت الأبيض, حاملا في يده نسخة من الإنجيل, في محاولة مفضوحة لتوظيف الدين في السياسة، ولحشد أنصاره من الإنجيليين، الذين يعول عليهم كثيرا في الفوز بولاية ثانية.

والسؤال هنا لبنى علمان وبنى ليبرال من الأعراب، عندما يرفع ترامب الإنجيل لمخاطبة الإنجيليين فهذا أمر مشروع، لكن عندما يرفع الإسلاميون المصحف فهو خلط بين الدين والسياسة؟ أليس هذا استخداما للدين في السياسة؟ أم أن مشكلتكم فقط هى مع الدين الإسلامي؟!! تخيلوا لو أن الرئيس محمد مرسي- رحمه الله- رفع المصحف في وجه من هاجموه وعارضوه من “جبهة خراب مصر” ماذا كان سيقول إعلام مسيلمة الكذاب؟ وبالرغم من أن “ترامب” رفع الإنجيل، لكن يبدو أن الرياح جاءت بما ما لا تشتهى السفن الترامبية. فقد انتقد كبير أساقفة الكنيسة “مايكل كاري” استخدام ترامب الكنيسة التاريخية لالتقاط الصور، وكتب على موقع تويتر “لقد استخدم مبنى كنسيا والإنجيل المقدس لأغراض سياسية حزبية”.

والمرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية “جو بايدن” قال في تغريدة له على تويتر: إنّ ترامب يطلق الغاز المسيل للدموع على متظاهرين سلميين ويطلق عليهم الرصاص المطّاطي.. من أجل صورة”. وتعهد بالشروع في استئصال “العنصرية المؤسساتية” خلال أيامه المئة الأولى في السلطة إذا هزم ترامب في انتخابات الثالث من نوفمبر.

وأضاف أن “الكراهية تختبئ، هذا كل ما في الأمر. لكنها لا تختفي. وحين يقوم شخص في السلطة بإذكاء نار الكراهية، فهي تخرج إلى العلن” “ما يقوله الرئيس مهم، إنه يشجع الناس على إخراج ما لديهم من حقد”. واعتبر أن “ترامب جزء من المشكلة ولن يكون أبدا جزءا من الحل”.

قائد الشرطة فى هيوستن على شبكةCNN  الإخبارية، قال لمذيعة الشبكة: “دعينى أقول هذا لرئيس الولايات المتحدة، نيابة عن رؤساء الشرطة في هذا البلد: من فضلك، إذا لم يكن لديك شيء بناء لتقوله، أبق فمك مغلقا”. حاكم نيويورك: استخدام ترامب الجيش ضد الأمريكيين من أجل صورة تذكارية في كنيسة “عار”.

وكم كشفت هذه الأزمة عن الخداع الذى مارسته أمريكا لعقود من الزمن، من تقديم دروس الحرية والديمقراطية، والإنسانية الزائفة التي صدرتها للشعوب المغلوبة على أمرها. واتهم ترامب حركة “أنتيفا” بالوقوف وراء أعمال العنف والسطو والتدمير، التي تصاحب اندلاع المظاهرات الغاضبة. وهى منظمة يسارية مناهضة- في الأساس- للأفكار الرأسمالية والنيوليبرالية، وتعادي “الأفكار الفاشية والنازية واليمين المتطرف”.

كما أنه قال: إن “نيويورك سقطت بين أيدي الرعاع واللصوص والبلطجية واليسار الراديكالي، وكافة الأنواع الأخرى من الحثالة، ووضعاء القوم”. وقد يخرج ترامب غدا ليعلن على طريقة القذافى، أنه سيتعقب المحتجين على قتل “جورج فلويد” في شبر شبر.. بيت بيت.. دار دار.. زنقة زنقة.. فرد فرد!.

ولم يكن ترامب وحده من يتهم الآخرين بالوقوف خلف الاحتجاجات التى عمت عدة مدن أمريكية. فقد ادعت بعض الشخصيات اليمينية المؤثرة بأن الملياردير الأمريكي المجر “جورج سوروس” يمول الاحتجاجات للتحريض على “حرب عرقية” وإسقاط ترامب. وقد شارك أنصار “كيو آنون” نظرية مؤامرة حول انقلاب سري “للدولة العميقة” ضد ترامب .

وانتشرت مزاعم على الإنترنت حول تورط روسيا في الاحتجاجات. وتشير تغريدات حظيت بآلاف المشاركات إلى أن روسيا كانت متورطة في وفاة جورج فلويد، كجزء من عملية عسكرية أو مؤامرة مدروسة. كما كانت هناك ادعاءات لا أساس لها من الصحة بأن المتظاهرين المؤيدين للاستقلال من هونغ كونغ متورطون بطريقة أو بأخرى.

وغرّد رئيس تحرير صحيفة “جلوبال تايمز” الصينية قائلا: “من الواضح أن مثيري الشغب في هونغ كونغ هم العقل المدبر للاحتجاجات العنيفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة”. كما أن شماعة الإخوان المسلمين كانت حاضرة وبقوة أيضًا، فقد قال أحد البهاليل الأعراب من آكلى الكبسة: إن “هيلاري كلينتون” ومواطنًا أمريكيًا من أصل فلسطيني ينتمي لجماعة الإخوان يدعى “حمدي الصواف” يقفان وراء إشعال مظاهرات أمريكا لإسقاط ترامب في الانتخابات القادمة.

ومغفل آخر من أعراب الكبسة يقول: “طلعت كل مظاهرات أمريكا بسبب واحد فلسطيني، صاحب المحل اسمه “محمود أبو ميالة”، الأسمر، دفع له 20 دولارا، والفلسطيني بلغ الشرطة، إنها مزورة، انقتل الأسمر، وانحرقت أمريكا، وترامب قاعد يهدد، ومحمود أبو ميالة قاعد يتفرج”… ولا فى عنصرية ولا يحزنون، والفلسطينى هو السبب في كل ما حدث!”.