قاعدة برنيس وتحولات العلاقات الإماراتية المصرية من الاستعمار الاقتصادي إلى العسكري

- ‎فيتقارير

وسط التهليل الكبير لإعلام السيسي بافتتاح قاعدة برنيس على البحر الأحمر، وتنفيذ مناورة “قادر 2020” بأسلحة إماراتية تظهر لأول مرة في مصر، يبدو بالأفق العسكري التوغل الإماراتي داخل أخطر مكون من مكونات الجيش المصري وهو السلاح.

ووفق خبراء عسكريين، تبدو السيطرة العسكرية للإمارات حول القرار الاستراتيجي المصري واضحة، فبعد السيطرة على الاقتصاد المصري عبر ثلة من القروض والدعم والرشاوى من الرز الخليجي الذي دخلت منه الإمارات لقلب مصر عبر السيسي وعباس كامل، وهو ما تجلى في رهن الاقتصاد المصري للإمارات ببيع الأراضي الاستراتيجية المصرية في إقليم قناة السويس وعلى الحدود الغربية، وفي مناطق وسط مصر والصعيد، وفي سيناء ومرسى مطروح والعلمين، جاء الاحتلال العسكري للقرار المصري، للمرة الثانية عبر الاحتلال الجوي لقاعدة براني غرب مصر، التي تستضيف جيشًا من الأسلحة الإماراتية على الحدود الليبية.

وأوجد السيسي للإمارات وجيشها قاعدة عسكرية لتمارس نفوذها العسكري في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، والموانئ الجنوبية في اليمن والصومال وجيبوتي، باستخدام الجيش المصري في تنفيذ أجندات السيطرة على الموانئ والخطوط الإقليمية البحرية في المنطقة.

وخلال الأيام الماضية، استضافت مصر مناورات عسكرية ضخمة في البحر المتوسط تحت اسم “قادر 2020″، تزامنا مع افتتاح قاعدة “برنيس” العسكرية قرب ساحل البحر الأحمر، وسط ترحيب إماراتي – إسرائيلي.

ووفق المتحدث العسكري، جاء افتتاح برنيس بعد أكثر من عامين على افتتاح قاعدة “محمد نجيب”، لتصبح القاعدتان نقطتي تمركز للجيش.

وتقع القاعدة على ساحل البحر الأحمر بالقرب من الحدود الدولية الجنوبية شرق مدينة أسوان، وتبلغ مساحتها 150 ألف فدان، وتضم قاعدة بحرية وقاعدة جوية ومستشفى عسكريا، وعددا من الوحدات القتالية والإدارية وميادين للرماية والتدريب لجميع الأسلحة.

وتضم القاعدة رصيفا تجاريا، ومحطة استقبال ركاب، وأرصفة متعددة الأغراض وأرصفة لتخزين البضائع العامة وأرصفة وساحات تخزين الحاويات، بالإضافة إلى مطار برنيس الدولي ومحطة لتحلية مياه البحر.

لكن الحضور الإماراتي اللافت في حفل افتتاح “برنيس”، بمشاركة ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد”، حمل رسالة أخرى حول طموحات الإمارات لتمديد نفوذها إلى إفريقيا عبر البوابة المصرية، لحماية مصالح أبو ظبي في مناطق مثل السودان، والبحر الأحمر، ومضيق باب المندب.

وتفيد تقارير عبرية، بأن مصر حصلت على مساعدات من الإمارات والسعودية لإقامة القاعدة العسكرية، كجزء من استراتيجية مشتركة لنشر القواعد العسكرية على طول سواحل البحر الأحمر، لتحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة.

وفي يوليو2017، كان “بن زايد” الزعيم العربي الوحيد المشارك في افتتاح قاعدة “محمد نجيب” قرب الحدود الليبية، وهي إشارة لا تخطِئها عين، ليكون السيسي رأس حربة لأهدافها في المنطقة.

كذلك اعتبر “بن زايد” أن القاعدة تعد دعما لحرية الملاحة وأمنها في منطقة البحر الأحمر، إضافة إلى تعزيز الأمن والسلم، ليس فقط على المستوى الإقليمي، وإنما على المستوى العالمي أيضا.

في سياق آخر، طرح محلل الشؤون العربية الإسرائيلي “إيهود يعاري” رسالة أخرى، مفادها أن “برنيس” ستساعد أيضا في الحفاظ على أمن السفن من وإلى (إسرائيل)، ومنع إيران من أن تحاول عبر حلفائها الحوثيين باليمن تهديد مسار السفن المؤدي أيضا إلى العقبة (الأردنية) وإيلات (الإسرائيلية).

وتفضل تل أبيب أن يبقى البحر الأحمر تحت تأثير التحالف المصري الإماراتي السعودي، في مواجهة التهديدات الناتجة عن السيطرة الإيرانية عليه.

ويأتي افتتاح القاعدة بعد أسبوع من توقيع ميثاق تأسيس مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، والذي يضم السعودية ومصر والسودان وجيبوتي والصومال وإريتريا واليمن والأردن. ويهدف المجلس إلى التنسيق والتشاور بشأن الممر المائي الحيوي، في ظل تحديات إقليمية، ومخاوف من تزايد النفوذ الإيراني التركي في المنطقة.

أسرار السيطرة الإماراتية

في غضون ذلك، كشف مصدر عسكري مصري، في تصريحات صحفية اليوم، عن أن تأسيس قاعدة برنيس العسكرية في منطقة البحر الأحمر، هدفه توفير مقر دائم للقوات البحرية التابعة للتحالف، بقيادة السعودية، في اليمن، منوها إلى أنه تقرر سحب جميع القوات البحرية المصرية الموجودة بالقرب من السواحل اليمنية، والتي تعمل تحت قيادة المملكة، وإعادة تمركزها في القاعدة العسكرية المصرية الجديدة.

وبحسب المصدر، فإن مهمة القوات البحرية، التي كانت موجودة قبالة السواحل اليمنية، اقتصرت على مراقبة السفن والبواخر من وإلى الموانئ اليمنية، وتحديدا الحديدة، من دون التورط في اشتباكات مسلحة مع أي من الأطراف الأخرى، مستطردا أن تلك القوات شاركت في عملية إطفاء قارب حربي سعودي اشتعلت فيه النيران.

وأشار المصدر إلى أن الأوامر التي وردت من القيادة العامة للقوات المسلحة تقضي بانسحاب القوات البحرية من المياه الإقليمية اليمنية، وتمركزها في قاعدة برنيس.

أسلحة إماراتية!

وأوضح المصدر أن حجم ونوعيات الأسلحة التي ظهرت على مسرح العمليات خلال مناورة “قادر 2020″، واختتامها بتدشين قاعدة برنيس، تتجاوز القدرات المصرية وأضاف أنه على مدار أسبوع كامل تم نقل عدد من المقاتلات والقاذفات الجوية من الإمارات إلى مصر، حتى تظهر على مسرح عمليات المناورات، لإيصال رسالة تهديد لتركيا التي تسعى خلال الفترة الراهنة إلى نقل قوات عسكرية إلى ليبيا، لمواجهة النفوذ الإماراتي والسعودي في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

وأوضح المصدر أن موقع القاعدة تم اختياره بعناية فائقة، وتجهيزه بتعاون وتمويل إماراتي-سعودي، في أعقاب توقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره السوداني المخلوع عمر البشير، اتفاقاً بشأن جزيرة سواكن السودانية المطلة على البحر الأحمر في مواجهة السواحل السعودية، والتي حصلت أنقرة على حقوق تطويرها، وسط حديث عن تأسيس قاعدة تركية فيها. وتنشط كل من الإمارات والسعودية في القرن الأفريقي، في حين تسعى أبوظبي لمحاصرة النفوذ التركي في تلك المنطقة، عبر السيطرة على أكبر عدد من القواعد العسكرية.