قتلته الكورونا.. هل احتُجز “العصار” في ثلاجة السيسي كما فعل بأمه؟

- ‎فيتقارير

"ختم حياته بتوريط المصريين في ديون صفقات السلاح"، تأكد أمس الاثنين، هلاك محمد العصار مسئول بيزنس صفقات السلاح داخل عصابة المجلس العسكري، بعد صراع مع مرض السرطان كتبت الكورونا نهايته، وألمح مراقبون أن سبب هلاك الجنرال إصابته بفيروس كورونا، الذي أودى بحياة عدد من الضباط الكبار في عصابة 30 يونيو.
وكان العصار عضوا في عصابة المجلس العسكري، خلال ثورة 25 يناير بمصر، وكان مسؤولا عن ملف العلاقات الخارجية بالمجلس، والاتصال بالقوى السياسية المصرية، كما كان أحد القيادات العسكرية المشاركة، في مشهد الانقلاب، ليلة الـ 30 من يوليو عام 2013.

وفي 25 سبتمبر 2019 اثناء الاحتجاجات التي عمت مصر لرحيل السفيه "السيسي"، والتي قادها المقاول والفنان محمد علي، طار "العصار" إلى الإمارات في إطار ترتيب دعم السفيه السيسي في حالة حدوث ثورة شعبية واسعة النطاق، وهو ما يوضح جزءا كبيرا من مشهد الانقلاب العسكري الذي تديره أبو ظبي بمصر.

في الثلاجة..!
وعلى غرار ما قام به السفاح عبد الفتاح السيسي عند وفاة أمه، عندما أمر بالتكتم على الخبر ووضع جثة والدته في الثلاجة لأسبوعين إلى حين انتهاء جميع احتفالات وسهرات افتتاح ترعة قناة السويس الجديدة، بعد ذلك أعلن الخبر وجرت مراسيم الدفن، تأجل الإعلان عن وفاة العصار إلى حين تشييعه بترقية عسكرية وحزمة من الحوافز والتكريمات لن تفعه في قبره.

وأمس الأحد، انتشرت أنباء عن وفاة "العصار" لكنّ المتحدث الرسمي لوزارة الانتاج الحربي نفى تلك الأنباء، وقال المتحدث إنه لا صحة حول الخبر المتداول عن صحة الفريق محمد العصار وزير الدولة للإنتاج الحربي وهو في حالة صحية مستقرة، قبل الإعلان عن وفاته رسمياً اليوم.
وجاء هلاك العصار، بعد أيام من قرار السفيه السيسي بترقيته إلى رتبة فريق فخري، مع منحه وشاح النيل، وكان لـ"العصار" دور بارز في الانقلاب على الرئيس المنتخب الشهيد محمد مرسي.

والعصار هو أحد الأعضاء البارزين في عصابة المجلس العسكري، الذي حكم مصر في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، ويشغل منصبه الوزاري منذ 19 سبتمبر 2015، إذ شغل في السابق منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح، وهو يعد المسؤول الأول في تربح الجنرالات من وراء صفقات التسليح على مدار العقدين الأخيرين، لا سيما مع الولايات المتحدة.
ويعد العصار بمثابة "كاتم أسرار" صفقات وميزانيات التسلح في الجيش المصري، كجزء من عقيدة ثابتة تقوم على السرية في كافة النشاطات المتعلقة بالشؤون العسكرية، وقد حرص السفيه السيسي على وضعه على مقربة منه، خصوصاً أنه من اللاعبين الأساسيين في عملية إطاحة الجيش بالرئيس الشهيد محمد مرسي، كونه أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً تشهده البلاد.

يقول الناشط السياسي أحمد شوقي: "العصار أسهم بشكل كبير فى القضاء على ثورة شعبية كل ما  كانت تريده عيش حرية وكرامة إنسانية، وكرس للموجة الثانية من حكم عسكرى دموى جاء نتيجة انقلاب غاشم ذهب العصار ربه ليحاسبه على على كل ما اقترفه فى حق ومصير بلد شارك فى رجوعه للخلف عقود".
ويقول محمود بليلة: "ع فكرة ميت من أسبوعين قبل ما يتكرم والسبب كورونا ومحدش قال لكي يمنعو البلبلة داخل الجيش والشارع بسبب الفيرس واحتمال نهاية طنطاوي قريبا وبنفس السبب".

ويقول تهامي حسين: "يالا خليه يشيل ويعبى وسيحاسب عند ملك الملوك لا هينفع ترقيه ولا دياولو، أصبح جثة هامدة مثله مثل من مات والفرق فى الشرف والأمانة والإخلاص عقبال اسمه ايه شاهين فاكرين لما قال فى التسريب احنا فى التزوير ملناش نظير علشان يزور سجن د مرسى، ربنا ينتقم منهم يا رب".

الحرس القديم
وبعد ثلاثة أعوام على ثورة 25 يناير خرج "العصار" من تشكيلة عصابة المجلس العسكري الأولى، وتم الإعلان وقتها عن تشكيلة جديدة تمامًا، ولم يتبق فيها من أعضاء التشكيلة الأولى سوى القليل منهم الفريق صدقي صبحي سيد، اللواء أركان حرب طاهر عبد الله طه رئيس الهيئة الهندسية، اللواء أركان حرب محمد فريد حجازي، واللواء أركان حرب علي فهمي.
هذه التغيرات التي طرأت على تشكيلة المجلس العسكري، دفعت البعض إلى القول إن هناك محاولة للتخلص من الحرس القديم بصورة راقية ومنهم "العصار" دون إساءة لأي منهم، بينما فسر آخرون تعيين البعض في مناصب مدنية بأنها محاولة لـ"غسيل" سمعتهم بصورة سياسية، لا سيما بعد الأضواء التي سلطت على كثير منهم لتورطهم في العديد من المجازر الدموية التي ارتكبها الجيش ضد المدنيين في أكثر من واقعة منذ 2011 وحتى الآن، مرورًا بحادثة المنصة والحرس الجمهوري ورابعة والنهضة والفتح ورمسيس، وما سبقها في محمد محمود وماسبيرو وميدان التحرير وغيرها من ميادين مصر.

وتخرج العصار في الكلية الفنية العسكرية عام 1967، وشارك في حرب الاستنزاف، ثم في حرب السادس من أكتوبر كأحد عناصر سلاح المهندسين العسكريين، وارتقى في المناصب داخل الجيش حتى أصبح رئيساً لهيئة التسليح، وهي المسؤولة عن التعاقد على صفقات الأسلحة، ودخولها وخروجها من الخدمة.
وأحيل العصار للتقاعد في عام 2003، إلا أن وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي، استحدث له منصب مساعد الوزير لشؤون التسليح، ليعود إلى الخدمة مرة أخرى في المنصب الذي شغله في عهد كل من المخلوع حسني مبارك، والشهيد محمد مرسي، والسفيه عبد الفتاح السيسي.

وفي مشهد الغدر بالرئيس الشهيد مرسي، تواجدت 15 شخصية، بينها السفيه السيسي وزير الدفاع، ورئيس الأركان صدقي صبحي، ورئيس جبهة الإنقاذ محمد البرادعي، والكاتبة سكينة فؤاد، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء حامد عبد الله، وتواجد أيضا شيخ الأزهر أحمد الطيب، وبابا أقباط مصر تواضروس الثاني، وأمين عام حزب النور السلفي جلال المرة، ومؤسس حركة تمرد الإماراتية محمود بدر، واللواء عسكري محمد العصار، وقائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، والفريق عبد المنعم التراس والفريق أسامة الجندي من قادة الجيش.

الباشا لازم يمشي!
من جهته قدم خالد القزاز، مساعد الرئيس الشهيد محمد مرسي للشؤون الخارجية وقتها، والذي يعتبر من أهم أعضاء فريق الرئاسة أيام مرسي، شهادته بشأن الساعات الأخيرة لحكم الرئيس، وسرد كيف اعتُقل على إثر اتصال اللواء محمد العصار بهم ليقول إن وزير الدفاع يومها، عبد الفتاح السيسي، يقول إن “الباشا لازم يمشي”.
وكشف القزاز أنه في يوم 29 يونيو استدعى الرئيس مرسى وزير الدفاع السيسي ومعه ثلاثة من المجلس العسكري، وكان اللقاء حول الاتفاق النهائي للخروج من الأزمة السياسية مع المعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ، وخرج الجميع من هذا اللقاء على “خريطة واضحة”، ورجع الرئيس إلى القوى المؤيدة له فوافقت على الاتفاق باستثناء حزب النور.

وبعد الانقلاب على حكومة الإخوان المسلمين واستيلاء العسكر على السلطة، وإرجاء الولايات المتحدة تسليم شحنات الأسلحة المتعاقد عليها مع مصر، برز دور العصار في التقارب مع روسيا، كما شهد تدشين صفقات سلاح عنوانها الأبرز الترضية والبحث عن شرعية للانقلاب، مع كل من فرنسا والصين وإيطاليا.

وتعرف ثوار التحرير على بطش وإجرام "العصار" عقب ثورة 25 يناير، كأحد أهم قيادات عصابة المجلس العسكري، حيث ظهر على شاشات التليفزيون برفقة اللواء محمود حجازي، وذلك في محاولة لتبرئة الجيش من قتل المتظاهرين في أحداث ماسبيرو.
ومع أن الضحايا حينها مدنيون، إلا أن "العصار" حذر من أن القوات المسلحة لن تسمح بحدوث اعتداءات على الجيش مرة أخرى، وفي يونيو 2012 ومع بداية خطة الخداع الاستراتيجي والتي قادها السفيه السيسي، ظهر "العصار" برفقة اللواء محمود حجازي مع الإعلامي عماد أديب، للتأكيد على تسليم المجلس العسكري السلطة التنفيذية كاملة للرئيس المنتخب محمد مرسي، والإشارة إلى احتفاظ المشير حسين طنطاوي بمنصبه كوزير للدفاع في الحكومة الجديدة، تحت مبرر عدم إحداث تغييرات بالقوات المسلحة في تلك الفترة الحرجة وقبل وضع الدستور الجديد.

كما صرح باحتفاظ عصابة المجلس العسكري بشكله وقادته، حتى انتخاب مجلس شعب جديد، ونقل السلطة التشريعية إليه، وعودة القوات المسلحة لدورها الأساسي في حماية أمن البلاد، لكنها لم تعد لذلك.. ولم يعد العصار ورفاقه لحماية مصر بل قاموا بذبحها ونهب خيراتها ورهن سيادتها والتنازل عن جزرها وثرواتها للمحتل الصهيوني.