قتل وقمع واعتقال وحجب وإغلاق.. الصحافة المصرية سنوات كبيسة تحت حكم العسكر

- ‎فيتقارير

تعيش الصحافة المصرية سنوات كبيسة منذ الانقلاب العسكري الدموي في 3 يوليو 2013 فنظام عبد الفتاح السيسي بحكم أنه نظام انقلابي دموي فرض نفسه على الشعب المصري وصادر إرادة المصريين لجأ إلى قتل وتصفية واعتقال الصحفيين وإغلاق الصحف والفضائيات وحجب المواقع الإخبارية وقمع حرية الرأي والتعبير

ورغم تعدد تلك الجرائم وكثرتها يفلت مرتكبوها من العقاب لأنهم يعملون بتوجيهات من نظام العسكر وأوامره بهدف استمراره فى الحكم رغم رفضه من غالبية المصريين.

ومع احتفال العالم أمس باليوم العالمي لمناهضة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين  يثار التساؤل كيف يستعيد الصحفيون المصريون حقوقهم وهل أفلت من ارتكبوا جرائم بحقهم من العقاب؟

يشار إلى أنه منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، لقي عشرة صحفيين حتفهم بالقتل عبر الآلة العسكرية ورصاص الشرطة، حسب رصد حقوقي للمرصد العربي لحرية الصحافة، فيما لم يتم محاسبة أحد من مرتكبي تلك الجرائم، رغم مرور 6 سنوات.

ووقعت أولى جرائم قتل الصحفيين بحق المصور أحمد عاصم 8 يوليو 2013، قبل نحو شهر من مجزرة فض اعتصام “رابعة العدوية” بالقوة.

ولحق عاصم أربعة صحفيين يوم فض رابعة هم أحمد عبد الجواد (صحفي بالأخبار)، وحبيبة عبد العزيز (صحيفة إكسبرس Xpress الأسبوعية)، ومصعب الشامي (مصور بشبكة رصد)، ومايك دين مصور شبكة “سكاي نيوز”.

وقتل خمسة صحفيين آخرين منذ ذلك الحين وحتى الآن، وهم تامر عبدالرءوف (مدير مكتب جريدة الأهرام بدمنهور)،ومحمد الديبفي (مذبحة سيارة ترحيلات أبو زعبل)، وميادة أشرف (جريدة الدستور)، ومصطفى الدوح (مصور)، ومحمد حلمي.

كما يقبع صحفيون تم اعتقالهم في ظروف تتعلق بأداء مهنتهم في سجون الانقلاب العسكري في ظل ظروف إنسانية صعبة.

79 صحفيا وإعلاميا

وفي آخر تقاريره سبتمبر الماضي، أكد المرصد العربي لحرية الصحافة، أن هناك نحو 79 صحفيا وإعلاميا رهن الحبس، و27 آخرين قيد التدابير الاحترازية بعد إخلاء سبيلهم، مشيرا إلى استمرار الاحتجاز التعسفي والاعتداءات البدنية على الصحفيين.

وذكر التقرير انه من المعتقلين العاملين بالتليفزيون: المخرج إبراهيم سليمان (القناة الخامسة)، وعمرو الخفيف (مدير الهندسة الإذاعية)، وأحمد علي عبده (منتج أفلام وثائقية)، وخالد حمدي وعبدالرحمن شاهين قناة (مصر 25)، وسيد موسى قناة (أمجاد)، وشادي أبو زيد مراسل تلفزيوني، ومدحت عيسى التلفزيون المصري، ومحمود حسين قناة الجزيرة.

ومن رؤساء التحرير السابقين، مجدي أحمد حسين (الشعب الجديد)، وبدر محمد بدر (الأسرة العربية)، وعادل صبري (مصر العربية).

ومن الصحفيين الناشطين: الصحفي والبرلماني محسن راضي، وحسام مؤنس، وهشام فؤاد، وخالد داود، وإسماعيل الإسكندراني، ومعتز ودنان، وأحمد أبو زيد، وحسن القباني، ويسري مصطفى.

ومن المصورين: خالد سحلوب (شبكة رصد)، وعمرو جمال، ومحمد الحسيني، وغيرهم.

ومن الصحفيات: آية علاء حسني، وعبير الصفتي، وعلياء عواد مصورة (شبكة رصد)، وفاطمة عفيفي.

لجنة الحريات

وبالتزامن مع “اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”، أصدرت نقابة الصحفيين بيانا، مؤكدة تضامنها مع الصحفيين المحبوسين، ودعمهم بكل سبل الدعم القانونية والنقابية، وطالبت بسرعة الإفراج عنهم.

كما طالبت لجنة الحريات بالنقابة، في بيان لها بالكشف عن مكان الصحفي حسن القباني المختفي منذ 4 أشهر والإفراج عنه، هو وكافة الزملاء المحبوسين على ذمة قضايا النشر والرأي.

وأشارت إلى وضع الصحفي عادل صبري المحبوس منذ أكثر من عام، والصحفي معتز ودنان صاحب الحوار الشهير مع المستشار هشام جنينة، الذي تحدث عن وجود فساد بالمؤسسة العسكرية، والذي قادهما للحبس معا.

خريطة الانتهاكات

كما أطلق المرصد المصري للصحافة والإعلام خريطة الانتهاكات الإعلامية، بعنوان: “قتل وانتهاك.. وإفلات من العقاب” بهدف تسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون، ومدّ الرأي العام والمجتمع بالبيانات اللازمة من أجل الضغط على المؤسسات المعنية للقضاء على هذه الانتهاكات ومحاسبة الجناة.

ورصدت المرصد في الفترة من 1 نوفمبر 2017 وحتى 30 سبتمبر 2019، 398 انتهاكاً بحق الصحفيين والإعلاميين، ولم تقم السلطات المعنية بمحاسبة الجناة القائمين بتلك الانتهاكات، وهو ما يساهم في تشجيع الجناة على ارتكاب مزيد من الانتهاكات.

وذكر المرصد أن 10 صحفيين لقوا مصرعهم خلال أربعة أعوام في الفترة من (2011 – 2014)، ولم يتم تقديم الجناة إلى المحاكمة، عدا حالة واحدة، وهو ما يعزّز سياسة الإفلات من العقاب التي تبث الثقة في نفوس الجناة لارتكاب مزيد من حالات القتل بسبب ضمان عدم تقديمهم أو تعرضهم للمحاكمة.

في اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، يطلق المرصد المصري للصحافة والإعلام، خريطة الانتهاكات الإعلامية

وأكد المرصد أنّه على الرغم من الجهود الدولية حول العالم، لا تزال حرية الصحافة في العالم في مهب الريح، ولا يزال الصحفيون يتعرضون، في بلاد متزايدة، لأنواع شتّى من الانتهاكات. وتبقى الدول العربية هي أعلى منطقة بين مناطق العالم من حيث نسبة حالات القتل التي وقعت ضد الصحفيين، إذ تشير البيانات إلى أنه قتل حوالي ألف و10 صحفيين حول العالم في الفترة (2006- 2017) وقع منها ما يقارب 340 حالة قتل في المنطقة العربية وحدها.

وأكد أنه لا يزال الوضع القانوني في مصر يحتاج إلى بعض التعديلات؛ فعلى الرغم من أن القانون قد كفل حرية التعبير وحرية الصحافة والإعلام في بعض المواد، إلا أن مواد ونصوصا أخرى تُفرغ تلك الحريات من مضمونها الحقيقي.

وأشار إلى أن مصر ما زالت تصنّف ضمن أسوأ البلاد المنتهكة لحرية الصحافة والإعلام في العالم. مؤكدا ان حرية الصحافة والإعلام ما زالت منقوصة في المجتمع، وما زال الصحفيون والإعلاميون يتعرضون لانتهاكات عدة تتمثل في المنع من التغطية، وتكسير المعدات، والحجز.

انتهاكات السجون

وحول إفلات من أجرموا بحق الصحفيين من العقاب قال قطب العربي الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة سابقًا: “للأسف قتلة هؤلاء الصحفيين ما زالوا طلقاء”.

وأضاف: رغم مرور ست سنوات على قتل10 صحفيين، منهم 4 في يوم واحد يوم فض اعتصام رابعة في 14 أغسطس 2013، لا يزال قتلة هؤلاء الصحفيين طلقاء بعيدا عن يد العدالة، رغم أن بعضهم تم تصويره أثناء القتل بعدسة المصور الصحفي الراحل أحمد عاصم.

وأشار إلى أن قتلة الصحفية ميادة أشرف لا يزالون طلقاء بينما تم تحميل التهمة لآخرين.

وأكد العربي أنه سبق هؤلاء جميعًا إفلات القتلة الحقيقيين للصحفي الحسيني أبوضيف في ديسمبر 2012، والصحفي أحمد محمود الذي قتل يوم 29 يناير 2011.

وحول دور النقابة في تلك الأزمة، أشار إلى تقرير المرصد العربي لحرية الصحافة، الذي أكد أن نقابة الصحفيين ما زالت تتجاهل هذا الملف قانونيا ونقابيا.

وأوضح أن انتهاكات السجون مستمرة بحق الصحفيين، وما زالت معاناتهم متواصلة مذكرا بالوضع الصحي السيئ للمصورة علياء عواد في سجن النساء بالقناطر، وحبس الصحفيين حسام مؤنس وهشام فؤاد في ظروف غير صحية، واستمرار معاناة الكاتب الصحفي مجدي حسين الصحية.

“القباني” وزوجته

وتعدّ قضية الصحفي حسن القباني وزوجته آية علاء من القضايا ذات البعد الإنساني؛ حيث اعتقل في22 يناير 2015، لنحو 3 سنوات، ليتم إخلاء سبيله في نوفمبر 2017، وليظل نحو عامين رهن التدابير الاحترازية.

ولم تكد تنتهي قضية القباني، حتى اعتقلت زوجته الصحفية آية علاء، أثناء ذهابها لتأدية واجب العزاء لأسرة الرئيس الشهيد محمد مرسي في مدينة الشيخ زايد، 17 يونيو الماضي، لتقوم ميليشيات الأمن بعدها بثلاثة أشهر باعتقال زوجها مجددا في 17 سبتمبر الماضي.