كاتب أمريكي يكشف حقائق عن “تيران وصنافير”

- ‎فيأخبار

كتب رانيا قناوي:

كشف مقال منسوب لصحفي استخباراتي أمريكي هو توم فريدمان، أن المشهد الحالي في مصر هو مشهد انكشاف لحقائق كانت خافية عن الناس خلال الفترة الماضية بعد انقلاب 30 يونيو، موضحا أن السنوات الثلاث الماضية كشفت أن تجريفاً كامل للسياسة حدث في مصر مرة ثانية، بل أصبحت السياسة تمارس الآن، وبعد ست سنوات من ثورة ٢٥ يناير الكبرى على طريقة بير السلم، مشيرا إلى أن الطريقة التي أدار بها النظام الحاكم في مصر مسألة "تيران وصنافير" تؤكد هذا.

وقال فريدمان، إن هناك غموضا وأسرارا كثيفة تحيط بموضوع تيران وصنافير، ولا أحد يعرف بالضبط لماذا اندفعت مصر والسعودية فجأة نحو هذا المنزلق الخطر، معتقدا أن إسرائيل تقف وراء هذه المسألة لأنها الطرف الوحيد المستفيد، خاصة أن القضية تمس الأمن الوطني المصري في الصميم لاسيما الأمن القومي العربي ولها علاقة مباشرة بتطورات الصراع العربي الإسرائيلي وبالمحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية وفقا للرؤية الإسرائيلية، حيث إن تيران وصنافير هما الممر الطبيعي والمنفذ البحري الوحيد لخليج العقبة ومن يسيطر على مضيق تيران يستطيع التحكم في الخليج برمته.

ونبه على أن هذا الممر تسبب في إشعال ليس فقط حرب ٦٧ وإنما عدة حروب مع إسرائيل. ووجود معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل تلتزم فيها مصر بحرية مرور السفن المتجهة إلى إسرائيل لا يعني أبدا أن مضيق تيران أصبح مياهاً دولية أو أنه خرج عن نطاق السيادة المصرية. وبدون سيطرة مصر على هاتين الجزيرتين تصبح سيناء كلها مكشوفة أمنياً، وتصبح تحت سيطرة الأهواء والتقلبات المزاجية الإسرائيلية.

وأعرب عن ظنه أن خيوط المسألة المتعلقة بنقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية غزلت في إسرائيل، ويمكن السعودية من الحصول على جائزة كبرى ويظهرها بمظهر الدولة الكبيرة المؤهلة لقيادة المنطقة، حيث تم إسناد هذا الإنجاز إلى الأمير محمد بن سلمان لتقديمه للرأي العام وكأنه الشاب المؤهل لقيادة السعودية بل والمنطقة كلها في المستقبل، حيث كان لافتاً للنظر ان يوقع محمد بن سلمان بنفسه على إتفاقية تعيين الحدود البحرية التي وقعها رئيس الوزراء عن الجانب المصري بالمخالفة للدستور، وذلك بدلاً من ولي العهد السابق محمد بن نايف وكان هذا شيئاً غريباً.

وكشف فريدمان أنه حين تتسلم السعودية السيادة على جزيرتي تيران و صنافير سيطلب منها على الفور أن تتعهد لإسرائيل في وثيقة مكتوبة بسريان نفس الترتيبات الأمنية المنصوص عليها في معاهدة السلام مع مصر. فالجزيرتان يقعان ضمن المنطقة “ج” المنزوعة السلاح. وإدراجهما في معاهدة كامب ديفيد يعد دليلاً إضافياً قاطعاً على مصريتهما، قائلا: "لو كان لدى إسرائيل أدني ذرة شك بأن هاتين الجزيرتين ليستا مصريتين ما كانت سلمتهما إطلاقاً لمصر وهذا يعني أن إسرائيل منذ لحظة التوقيع على معاهدة السلام كانت على يقين بمصرية الجزيرتين".

وأجاب فريدمان على سر تلهف إسرائيل لهذه الدرجة على تسليم الجزيرتين للسعودية ، بأن إسرائيل ستطلب من السعودية ورقة مكتوبة تلتزم فيها بنفس الترتيبات الأمنية المتعلقة بالجزيرتين في معاهدة السلام مع مصر، و ربما تكون الخطوة الأولى على طريق يسمى بـ "صفقة القرن". فتطبيع علاقة إسرائيل مع السعودية سيكون مجرد بداية لتطبيع العلاقة مع كل الأقطار العربية. خصوصاً تلك التي ترى أن إيران وليس إسرائيل أصبحت هي العدو الأخطر على المنطقة، وثانيها أن انتزاع الجزيرتين من السيادة المصرية وفرض السيادة السعودية عليهما في ظروف تمر فيه مصر بأزمة إقتصادية طاحنة سيضع بذورا لخلافات سعودية مصرية على المستوى الشعبي يمكن لإسرائيل إستغلالها في المستقبل، وثالثها، أن مضيق تيران سيتحول في هذه الحالة إلى ممر مائي دولي، لأنه يبعد عن السعودية مسافة لا تسمح لها بالإدعاء بأنه يدخل ضمن نطاق الأراضي الإقليمية للسعودية بعكس الوضع حين تكون الجزيرتين، خاصة تيران، تحت السيادة المصرية.

وبهذا يصبح الطريق ممهدا أمام إسرائيل لإقامة أي مشروعات تنافس بها قناة السويس، وهي مشروعات جاهزة بالفعل.

وأكد أنه يصعب التنبؤ بسلوك وتصرفات السيسي. ومع ذلك يمكن القول بثقة أن الأمور أصبحت تدار في مصر بمزيج من الجهل والغرور، وعندما يجتمع الجهل والغرور في مكان واحد فمن الطبيعي أن تقرع كل أجراس الخطر، وبعنف. ولا علم لدي بما إذا كانت أصوات أجراس الخطر قد وصلت إلى مسامع السيسي وأنه بدأ يتبينها ؟، مضيفا أنه من المؤكد إذا قام بتسليم تيران وصنافير للسعودية، دون غطاء قانوني من المحكمة الدستورية العليا، وتم رفع العلم السعودي فوق الجزيرتين، فسيتعامل معه الشعب المصري بإعتباره رجلاً فرط في التراب الوطني، وسيصبح أمر سقوط نظامه مسألة وقت.

وأكد أن النظام نجح تماماً في القضاء على ما تبقى من المعارضة المصرية المنظمة، مع ضرورة الأخذ في الإعتبار أن مصر ليس بها أحزاب سياسية حقي
قية منذ عام ٥٢ بإستثناء لحظات قصيرة جداً جرت فيها محاولات لتشكيل أحزاب قوية لكنها أُجهضت على الفور. وهذا معناه أنه لا توجد في مصر قوى سياسية حقيقية منظمة علي الأرض. كما ان المعارضة المنظمة الوحيدة التي كانت موجودة في الشارع كانت جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها الآن موجودة في السجون أو محاصرة. والباقي كله صالونات فكرية نخبوية أو أحزاب ورقية.

للأسف لم يُمنح الشعب المصري في أي مرحلة من تاريخه فرصة حقيقية لممارسة السياسة التي تتطلب توافر الحريات ووجود مجتمع مدني قوي. لكن هناك دائماً جزء غاطس من جبل الثلج الذي لا نرى إلا قمته، فلم يتوقع أحد أن تتحول مظاهرة أو وقفة ٢٥ يناير الى ثورة شعبية عارمة. لذا لا أستبعد إندلاع أي شرارة في آي لحظة فيشتعل الحطب الجاف الذي يغطي كل الساحات ويحدث الحريق الكبير.