“كورونا” يعصف باحتياطي مصر النقدي ..”5.4″ مليار دولار تراجعًا خلال مارس

- ‎فيتقارير

جاء إعلان البنك المركزي، التابع لحكومة الانقلاب، عن انخفاض صافي الاحتياطي الأجنبي للبلاد من 45.51 مليار دولار إلى 40.1 مليار دولار خلال شهر واحد، ليمثل كارثة كبرى تؤكد أن استمرار أزمة وباء كورونا في طريقها للعصف بكل ما أسسه الانقلاب العسكري خلال السنوات الماضية.

وبرر البنك هذا التراجع الكبير باستخدام 5.4 مليار دولار من الاحتياطي النقدي خلال شهر مارس الماضي بذريعة مساندة الإجراءات الاقتصادية للدولة، وتعزيز قدرتها على الوفاء بالالتزامات الخارجية من دون تأخير.

وبحسب بيان البنك المركزي مساء أمس الثلاثاء، فإن هذا التراجع الكبير جاء بهدف تغطية احتياجات السوق المصرية من النقد الأجنبي بعد تراجع الاستثمار الأجنبي بشكل حاد، وكذلك المحافظ الدولية، فضلا عن ضمان استيراد السلع الاستراتيجية، وسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية”.

وخلال السنوات الماضية تباهى رئيس الانقلاب وأركان حكومته بهذه الطفرة في الاحتياطي النقدي، رغم أنها لم تحدث لأسباب تعود إلى زيادة الإنتاج، بل إلى التوسع في الاستدانة والاقتراض، ما ينسف أي معنى للتباهي والتفاخر.

وبحسب بيانات البنك المركزي، فقد ارتفع الدين الخارجي من 43 مليار دولار منتصف 2013م إلى حوالي 110 مليارات دولار حتى سبتمبر 2019م، كما ارتفع الدين المحلي من 1.4 تريليون جنيه إلى 4.18 تريليون جنيه في سبتمبر الماضي. وتكشف الأرقام أن السيسي وحده اقترض ثلاثة أضعاف كل ما اقترضه جميع حكام مصر منذ أكثر من ستين سنة.

عدم استقلالية الاقتصاد

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي أحمد ذكر الله أن سياسات الحكومة المصرية الاقتصادية غير المدروسة جعلت الاقتصاد المصري غير مستقل، وجعلته أيضا مرهونا بالتمويل الخارجي من ناحية، ومصادر الدخل الخارجية كالسياحة والعمالة المصرية وقناة السويس من ناحية أخرى.

وأكد ذكر الله، في تصريحات إعلامية، أنه ليس أمام حكومة الانقلاب سوى التمويل الخارجي، مشيرا إلى وجود سحب كبير من أذون الخزانة المحلية منذ بداية الأزمة، وظهر في انخفاض متوال لقيمة الجنيه، وارتفاع تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية رغم حديثها عن عدم الاعتماد على إصدار سندات جديدة، واعتمادها فقط على السندات الخضراء.

وأشار إلى أن أسواق القروض الدولية لم تعد مثل الماضي، فالعالم في طريق البحث عن السيولة لتساعده على الخروج من أزمة كورونا وتداعياتها السلبية، إضافة إلى ارتفاع متوقع في أسعار سلاسل الغذاء العالمية نتيجة ضعف سلاسل التوريد المختلفة.

كورونا يعصف بكل شيء

وبحسب المحلل الفرنسي “جان بيار سيريني” في موقع “أورويان 21” الإخباري الفرنسي، فإن مصر تجد نفسها في مواجهة تحديات جديدة؛ من بينها مديونية ضخمة يصعب يوما بعد الآخر سدادها، وانهيار السياحة بسبب فيروس كورونا. كما يبدو أن إجراءات الحجر الصحي- التي تأخرت- لن تقدر على وقف الوباء.

ويرى سيريني، في تحليله المنشور في 29 مارس الماضي، أن الخطة التي أعلنتها سلطات الانقلاب لمكافحة الأزمة غير كافية، ويشير في هذا الصدد إلى أن ما يزيد التحديات على السيسي هو الصعوبات المالية التي تواجهها عائلة آل سعود، التي تمثل السند العربي الرئيسي للسيسي، حسب تعبير الكاتب.

وحول تضخم الديون في عهد السيسي يتساءل الباحث الفرنسي عما إذا كان الاقتصاد المصري صلب العود بما يكفي كي يواجه ديونا مثل هذه؟ ويجيب بأنه إذا تفاقمت الأزمة، فإن احتياطي الصرف- البالغ قيمته 45 مليار دولار- لن يمنح السيسي سوى هدنة قصيرة، وعليه بعدها- طال الأمد أم قصر- أن يواجه المواعيد النهائية لسداد القروض.

وبحسب الكاتب، فإن مصادر الدخل القومي المصري أصابها عطب كبير، فتحويلات المصريين بالخارج والتي بلغت نحو 30 مليارا العام الماضي في طريقها للتقلص بشدة على وقع تداعيات كورونا، وعائدات السياحة التي حققت نحو 13 مليار دولار في 2019 في طريقها للانهيار الكامل، وتراجع إيرادات قناة السويس مؤكد بعد أن حققت نحو 6 مليارات دولار العام الماضي؛ استنادا إلى تباطؤ مستوى التجارة العالمية وغلق المدن والمناطق الصناعية على مستوى واسع من العالم. أما المساعدات الخارجية فهي تتراجع، في حين تتزايد إيرادات الغاز لكنها غير مستقرة.

ويستطرد الكاتب في توضيح حال الاقتصاد المصري، فيقول إن أبرز المشاكل أن صادرات مصر لا تغطي سوى ثلث وارداتها، وأن الفشل الذريع لخطة صندوق النقد الدولي تمثل في عدم مساعدة مصر على زيادة حجم صادراتها، التي لم تتجاوز ستة مليارات دولار، مقابل واردات بقيمة 18 مليار دولار.

ويضيف أن آراء خبراء صندوق النقد باتت مختلفة عن قادة الجيش الذين يحكمون مصر؛ فالخبراء يوصون بموجة إصلاحات جديدة تركز على دعم القطاع الخاص، في حين لا يكترث الجيش بالمدنيين، ويفضل بناء عاصمة جديدة في قلب الصحراء بتكلفة مجهولة، تتراوح تقديراتها بين خمسين وثلاثمئة مليار دولار.