لماذا تجاهل السيسي زيارة قبر الساحر “شامان”؟

- ‎فيأخبار

  كتب: سيد توكل
بالطبع لن يعرف من هو الساحر "شامان" إلا من شاهد حلقات مسلسل قيامة أرطغرل، أما علاقة رئيس الانقلاب بهذا الساحر فهي علاقة تاريخية، بدأت منذ أن دق الساحر "شامان" الطبول للانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، في 30 يونيو 2013، فمن يكون ذلك الساحر؟.

في إسقاط لا يخلو من الطرافة، عقد نشطاء على الفيس بوك مقارنة بين "شامان" ساحر المجرم المغولي "بايجو نويان"، الخصم اللدود للبطل أرطغرل، والكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، ساحر الناصرية وملهم زعيم النكسة جمال عبدالناصر، وأحد المحرضين على انقلاب عبدالفتاح السيسي.

العقيدة الشامانية!

وشهدت مقبرة عراب الانقلاب الراحل محمد حسنين هيكل غياب أفراد عائلته أو الصحفيين والإعلاميين أو مسئولي الانقلاب، عن مقر المقبرة، بالتزامن مع حلول الذكرى الأولى لوفاته؛ وذلك بخلاف ما جرت العادة مع مشاهير المجتمع.

وكان لـ"هيكل" دور بارز في تزييف الوعي الشعبي، سواء من خلال كتاباته في الصحف أو برامجه الحوارية في الفضائيات المحلية والعالمية، وخاصة في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري، حيث كان يكتب خطابات قائد الانقلاب السيسي ويبرر جرائمه بحق المصريين.

وفي اعتراف نادر على لسان اللواء الانقلابي "حسام سويلم"، نشره في مقال بعد خلع مبارك، بعنوان "لا لعودة هيكل.. وكفانا دجلا"، يقول فيه:" أثارني وأغضبني أن يفتح الأهرام صفحاته مرة أخرى ليروج من خلالها حسنين هيكل خداعاته وتضليلاته وافتراءاته أمام شباب مصر الذين لم يعاصروا الحقبة الناصرية السوداء، والتي كان هيكل فيها كاهن عبدالناصر، الذي روّج لسياسات عبدالناصر، وحوَّل هزائمه إلى انتصارات، وديكتاتوريته وحكمه الفردي إلى ديمقراطية".

وتابع "لقد كان عهد عبد الناصر كله هزائم، بدءا بهزيمة مصر في حرب 1956، ثم هزيمة انفصال الوحدة مع سوريا 1959، وبعدها هزيمة مصر في حرب اليمن 1962، وأخيرا كانت الهزيمة الكارثية 1967، هذا هو التاريخ الحقيقي لفترة حكم عبدالناصر لمصر الذي يحاول هيكل أن يؤلهه ويبرر هزائمه بدعاوى وذرائع واهية".

وأضاف "ففي مقالة له أثناء حرب اليمن تحت عنوان "من فوق جبال صرواح" يبرر فيها هيكل توريط عبدالناصر للجيش المصري في مستنقع اليمن التي خسرت فيها مصر أكثر من 30000 من خيرة شبابها وكانت تنفق فيها مليون جنيه يوميا، يزعم هيكل في هذه المقالة أن عبدالناصر كان أبعد نظرا من بريطانيا وفرنسا وأمريكا؛ لأنه أدرك أهمية ما في بطون أراضي وجبال اليمن من ذهب ونحاس ونفط سيستغلها لصالح مصر!.

وتابع: "سؤال آخر: من الذي يتحمل مسئولية هزيمة انفصال الوحدة مع سوريا 1959، أليس هو عبدالناصر الذي كلّف حبيب قلبه المشير عبدالحكيم عامر بتولي ملف سوريا، فكان الانفصال؟ ثم هل يستطيع هيكل أن ينكر أن قرارات عبدالناصر التي أدت إلى هزيمة 1967 كانت كلها قرارات فردية وعفوية فاشلة، بدءا بقرار تعبئة الجيش في سيناء في 15 مايو، بينما ثلث الجيش على مسافة آلاف الأميال؟.

صانع الفراعنة

وعلى طريقة وفاة "شامان" ساحر نويان، شقت بلطة الموت رأس "هيكل" ساحر عبدالناصر، بعد أن شارك في انقلاب الثالث من يوليو 2013، رحل الصحفي العربي الأبرز في القرن العشرين وصانع أسطورة جمال عبدالناصر، بهدوء على فراشه يوم 17 فبراير 2016 عن عمر يُناهِز الـ93 عاما.

وتتناقل الروايات امتناعه عن تناول الطعام والدواء في أيامه الأخيرة، التي استفحل فيها المرض، كأنما يسمح للموت أخيرًا أن يغزو جسده التسعيني.

لم يكن هذا الغياب النهائي هو الغياب الأول لـ«الأستاذ» كما يُطلق عليه بهاليل الناصرية، فقد أرَّخ هو نفسه لعدة مرات سابقة فكر فيها أن «يغيب ولا يختفي» على حد قوله؛ كانت المرة الأولى عقب وفاة جمال عبدالناصر في سبتمبر 1970، والثانية كانت عقب خلافه مع أنور السادات في منتصف السبعينات، والثالثة كانت في 2003 بمناسبة عبوره للعقد التاسع من عمره، وهي اللحظة التي كتب فيها ما «استئذان في الانصراف: رجاء ودعاء.. وتقرير ختامي»، وهو مقال طويل نشره في الأهرام منتصف سبتمبر 2003 ثم وسَّعه إلى كتاب قصير نشرته الشروق في نهاية نفس العام.

لكن في كل مرة يتضح أن حضوره وغيابه كان يُخطَّطُ بحساب خبرة العمر الطويل مع السلطة والإعلام، والموقع الغامض الذي اختاره بينهما ليس كمثقف سلطة تقليدي، بل كصانع لها، لكن ليس مشاركًا فيها بشكل يسمح بتحميله المسئولية وربما مسائلته، وقد حوَّلت هذه الخبرة مرات الاحتجاب تلك إلى ما يشبه المناورة، فحتى مع احتجابه قبل الأخير الذي أعلنه في 2003، كان هو نفسه من عاد إلى بؤرة الضوء بتفجيره للحديث العلني عن تجهيز جمال مبارك لوراثة الحكم عن والده في عام 2005، ثم أصدر- عقب سقوط مبارك.