لماذا يعطل السيسي تشريع “نائب رئيس” رغم نص تعديلاته اللادستورية عليه؟

- ‎فيتقارير

الحديث عن تعامل سلطة الانقلاب مع دساتيرها التي وضعتها بنفسها، بأسلوب التجاهل وعدم الاحترام، لا يحتاج لبرهان، ومع هذا فمن المهم القاء الضوء علي تخبط سلطة الانقلاب وتمريرها ما يحلو لها من قوانين وتأخير اخري لبيان حجم المهلبية التي تدار بها البلاد.

فقد حرك الانقلاب مجلسه للنواب صنيعة المخابرات، بالريموت كونترول لكي يسرع طبع سلسلة قوانين تتعلق بالتعديلات اللادستورية التي تم تمريرها إبريل من عام 2019، خصوصا قوانين إخضاع القضاة والجمعيات الاهلية، ولكنه أخر قوانين اخري تتعلق بمنصب نائب رئيس الجمهورية، الذي استحدثته تعديلاتهم لدستورهم المزيف.

فقد استحدثت التعديلات مادة تسمح للسيسي بتعيين نائب أو أكثر له ويحدد صلاحيات كل منهم!!، على أن يحل النائب أو أحدهم محل السيسي "إذا حال مانع موقت مثل المرض أو السفر أو الموت دون مباشرة الأخير سلطاته.

فحال قُتل او اصيب السيسي بمرض عضال لا يسمح له بالحكم او سافر يتولى نائبه السلطة أما في حالة المانع الدائم كالتنحي، فهو يستوجب إجراء انتخابات عاجلة كما ينص دستورهم.

ويبدو أن هذه المادة وضعت خصيصا ضمن مخاوف الاجهزة الامنية للانقلاب من محاولة اغتيال لقائد الانقلاب وتحسبا للفوضى التي قد تحدث خصوصا أنه تم استبعاد تولي رئيس البرلمان السلطة في هذه التعديلات واسناد الامر لرئيس الوزراء، أو لاسترضاء أطراف عسكرية اخري تم تهميشها.

سر تأجيل تعيين النائب؟

يمكن الحديث عن عدة توقعات يعتقد أنها سبب تعطيل قائد الانقلاب تشريع نائب الرئيس علي النحو التالي:

  1. أن السيسي لا يرغب في وجود أي نائب له يسحب منه البساط بأحاديث اعلامية لأنه مصاب بمرض نفسي اسمه "حب الظهور" والحديث في الميكروفون ولا يريد لأحد أن ينافسه في ذلك.
  2. تعيين نائب للسيسي قد يشجع أطراف في المجلس العسكري والدولة العميقة على التخلي عن السيسي أو تغييبه عن الصورة بقتله حال تأزمت الامور في ظل توقعات ثورة شعبية دموية تندلع في أي لحظة في ظل افقار الشعب ضمن خطة السيسي لسحق غالبية الشعب بدعاوي الاصلاح الاقتصادي.
  3. تعيين نائب للرئيس ورغم ان السيسي سيحدد صلاحياته في امور تافهة ديكوريه كما فعل رؤساء مصر السابقين، يبدو انه يستهدف تعيين قادة عسكريين تخلص منهم السيسي او سيسعى للتخلص منهم في هذا المنصب كنوع من التوازن وحسم الصراع بين اجهزة المخابرات واعضاء المجلس العسكري.
  4. استحداث منصب النائب جاء احترازيّاً لاستخدامه في حال وقوع أزمة سياسية كثورة 25 يناير 2011 أو تعرض حياة السيسي لخطر ما، ليضمن انتقال السلطة إلى شخص موثوق به في دوائر صناعة القرار الحالية بشكل سلس، ولكن تعيينه بالفعل يعطي رسائل للداخل والخارج أن السيسي مهدد بالقتل وهو فأل سيء لا يرغب السيسي ان يثار اعلاميا.
  5. المادة الخاصة بنائب للسيسي تمت صياغتها لتبدو كأن تعيينه ليس إجباريّ، وأنه حق مستحدث للسيسي لاستخدامه إذا احتاج إليه، لذلك يقول ترزيه قوانين السيسي أنه حتى ولو لم يتم اصدار قانون نائب السيسي او تعيين السيسي نائب له لا يعطل هذا أحد مواد دستورهم، ولكنهم لا يقولون لماذا تم استحداث هذه المادة إذن في الدستور إذا كانوا لن يحتاجون لها؟!

تاريخ نائب الرئيس في مصر

شهدت مصر تعيين 18 شخصاً في منصب نائب رئيس الجمهورية، من بينهم 15 عسكرياً و3 مدنيين وقد تم الغاء هذا المنصب في دستور العام 2012، ولم يعين الرئيس الراحل محمد مرسي نائبا له بموجب ذلك.

وفي يناير 2010 قال الدكتور مصطفى الفقي، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب أنه "لا بد من موافقة أمريكا وعدم اعتراض إسرائيل على رئيس مصر القادم"، ما يفسر اسباب تحالفهم مع الانقلابيين للانقلاب علي الرئيس مرسي، ويكشف في الوقت ذاته كيف أصبح السيسي العوبة في ايديهم، فما بالك سيكون وضع نائبه؟

فرئيس مصر كان قبل ثورة 25 يناير، "شوخشيه" أو "شرابة خردة" أو "كرة" يشوطها الأمريكان، وبعد انقلاب السيسي بدعم امريكي وصهيوني واضح أصبح قائد الانقلاب مجرد منفذ لأوامر الامريكان، او مندوب لهم في رئاسة مصر، لذلك تراجع الدور المصري وأصبح الكثير من المواقف والسياسات التي تتبناها مصر مجرد صدي للأوامر الامريكية والصهيونية ما يجعل النائب مجرد تابع للعميل السيسي في العمالة لأمريكا واسرائيل.

ولكن في الآن ذاته لا يعني عدم استخدام الرئيس له أن إحدى موادّ الدستور معطّلة وغير معمول بها، مؤكّداً أنّ مجلس النوّاب غير مختص بالبحث في قضيّة تعيين نائب لأنّ ذلك النائب يستمدّ صلاحيّاته من الرئيس مباشرة لا من خلال منح النوّاب الثقة له.

من يكون خليفة السيسي؟

لأن هذا المنصب أيا كان الخلاف حوله سيتم اسناده لمسئول عسكري او أمنى تحسبا لأي طوارئ ينتج عنها غياب السيسي عن الصورة، أو كنوع من توازن السلطات المتصارعة، فمن الطبيعي توقع تعيين مسئول عسكري أو أمنى سابق.

لهذا ترشح التوقعات وزير الدفاع السابق صدقي صبحي، زميل السيسي في الانقلاب علي الرئيس مرسي، أو رئيس أركان القّات المسلحة السابق محمود حجازي، صهر السيسي، أو وزير الدفاع الحالي محمد زكي الذي شارك الانقلاب باحتجازه الرئيس محمد مرسي بدلا ان يحميه.

وهناك ايضا مدير المخابرات الحالي عباس كامل، وهو لواء سابق في المخابرات الحربية والرئيس السابق للهيئة الهندسية للقوات المسلحة كامل الوزير وغيرهم.

وكان السيسي بدأ بالفعل بإيفاد بعض المسؤولين إلى بعض الزيارات بالنيابة عنه، كان آخرها إيفاد مساعد رئيس الجمهوريّة لشؤون الحوكمة والرئيس السابق لهيئة الرقابة الإدارية محمد عرفان، في 27 تموز إلى تونس لتقديم واجب العزاء بالرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، ما يشير أيضا لأنه أحد المرشحين وهو ايضا عسكري سابق لأن الجيش بانقلابه في 3 يوليه 2013 اثبت واكد أنه لن يقبل باي مدني يتولى حكم مصر.