قبل يومين قال وزير الصحة الفرنسي، إن بلاده خالية تمامًا من فيروس كورونا بعد شفاء كل المصابين، واليوم بلغ عدد الحالات المؤكدة الحاملة للفيروس 38، أما في مصر فقد تم الإعلان عن حالةٍ قبل أن تخرج وزارة الصحة في حكومة الانقلاب وتعلن شفاءها، وأن مصر باتت أقوى من الفيروس، فهل من تفسير لذلك؟.
دلالة التطور الإعلامي في أي دولة هي عدم وجود وزارة للإعلام أو للثقافة؛ لأن هذا الموضوع تُرك للقطاع الخاص، وأصبح الإعلام الخاص عينا على الأداء الحكومي، وليس مجرد وزارة ومجموعة موظفين، هم فعليًّا ناطقون رسميون باسم الحكومة، خصوصا لو كانت الحكومة ذاتها عبارة عن سكرتارية للعسكر.
والغريب في الأمر أن مصر شأنها شأن شعوب دول المنطقة العربية رفضت الشيوعية، ولكنها عبر حكومات انقلاب العسكر منذ عهد عبد الناصر تبنت كل أساليبها، خصوصا الإعلامية، وحتى بعد سقوط سور برلين أبقينا النموذج السوفييتي قائمًا حتى اليوم في القنوات الرسمية.
التعتيم!
ومع انفتاح في القنوات الفضائية الخاصة، والمملوكة لرجال المال في مصر، أحد المختصين في الإعلام كتب عن إعلام العسكر، وكم هو ما زال متخلفا، من حيث أنه يتوسع في سرد ممل لوصول زعيم إلى مصر، ويتحدث عن تفاصيل إجراءات الاستقبال والتوديع، ولكن عندما يأتي الأمر للحديث عن فحوى ونتائج الزيارة، فالخبر يقول: “إن الزعيمين قد ناقشا ما فيه مصلحة الشعبين! وأحيانًا يضيفون لها بأنهم ناقشوا القضية الفلسطينية!”.. وهذا كل شيء!.
وما لا يدركه مسئولو إعلام الانقلاب، هو أن تلك الحال قد دفعت الكثير للتحول إلى القنوات الإخبارية الأخرى، على حساب قنوات العسكر التي تتبنّى سياسة التعتيم، ذلك التعتيم الذي وصل إلى عدم الإعلان عن مصابي كورونا في مصر.
وأعلنت أكثر من دولة في العالم عن اتساع وباء فيروس كورونا، وقالت لجنة الصحة الوطنية في الصين، إن هناك 29 حالة وفاة جديدة داخل البلاد، ناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد الذي انتشر داخل المدن الصينية منذ ديسمبر الماضي.
وفي تحديثها اليومي للإحصاءات المتعلقة بتفشي الفيروس، أوضحت اللجنة ارتفاع حصيلة الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس القاتل إلى إجمالي 2744 حالة وفاة.
ومن باب فرض سياسة التعتيم، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أحد أذرع العسكر في السيطرة على الإعلام، توجيه عقوبة “لفت نظر” إلى 16 موقعا إلكتروني وصفحة على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن نشر أخبار حول وقوع إصابات بفيروس كورونا في مصر على غير الحقيقة، وأنذر المجلس بتوقيع العقوبات القانونية المقررة عند تكرار المخالفة.
من جهته يقول عضو مجلس الأمة الكويتي: “تواصلت مع وزير الصحة وأبلغته بأن هناك أنباء عن انتشار الكورونا بشكل كبير في مصر مع تعتيم إعلامي.. وحاليا كثير من المقيمين المصريين سيرجعون إلى الكويت للالتحاق بعملهم بعد العطلة.. ومنهم مدرسون.. طلبت منه التحقق من هذا الانتشار حتى إن استدعى الأمر وقف الرحلات الجوية”.
ويقول الناشط محمود متولي: “سوف يتم من آخر الأسبوع القادم فتح الرحلات من وإلى الصين بأمر من كلب اليهود؛ حتى يتمكن كورونا من الوصول إلى مصر في أقرب وقت ممكن، علمًا بأن جميع الدول علّقت الرحلات من وإلى الصين، ماذا يفعل السيسي بشعبه والشعب لم يحرك له ساكنا؟ شباب وبنات بالمعتقلات وإعدام بالجملة وتهجير.. والشعب منتظر إيه؟”.
ويقول الناشط سعيد مرزوق: “بعد الضربة الاقتصادية للصين بسبب فيروس كورونا لن تجرؤ دولة أن تعلن العدد الحقيقي للمصابين بالدولة، وفى البلد اللى بيحكمها نظام فاجر غشيم متكبر مثل نظام السيسي لن يعلنوا حتى لو أطاح الفيروس بنصف الشعب”.
كورونا داخل مصر
والتزامًا بسياسة العسكر في التعتيم على انتشار حالات كورونا في مصر، زعم الدكتور أحمد طه، مدير مستشفيات قصر العيني بجامعة القاهرة، أن ما يتردد عن وجود إصابات بفيروس كورونا داخل مستشفيات قصر العيني عار تمامًا من الصحة، وليس له أي أساس أو سند، ولا يمت للواقع بأي صلة.
وأكد “طه”، في تصريح صحفي، “عدم إغلاق مستشفيات قصر العيني غرفة واحدة بسبب كورونا وليس جناحًا كما تداولت مواقع إخبارية على الإنترنت”، متابعًا: “لن نخفى شيئًا على الشعب المصري، وعند وجود أى إصابات بفيروس كورونا سيتم التعامل معها بكل شفافية ومصداقية كاملة” .
وزعم مصطفى مدبولي، رئيس مجلس وزراء الانقلاب، أن عصابة العسكر حريصة على اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا، في ضوء بعض الإصابات التي ظهرت في عدد من الدول المحيطة، ومن بينها تشديد الإجراءات الاحترازية والفحص الطبي في المطارات والموانئ تجاه القادمين من كل الدول.
وزعم مدبولي أنه يتم التنسيق اليومي مع منظمة الصحة العالمية، وتطبيق تعليمات المنظمة بهذا الشأن، مؤكدا أن تقارير المنظمة تؤكد خلو مصر من الفيروس، وأن الدولة لن تخفي شيئًا في هذا الخصوص وتتعامل مع هذا الملف بكل الشفافية.
ومن باب الاستهلاك الإعلامي وخداع الشعب، عرض اللواء عاطف عبد الفتاح، أمين عام مجلس وزراء الانقلاب، تقريرا حول نتائج عمل اللجنة العليا لمتابعة واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وزعم أن الإجراءات تتضمن حصر وتحديد الأطقم الطبية اللازمة للتعامل وتأهيلها، وحصر وتحديد الأجهزة والمستلزمات الطبية سواء للمستشفيات الميدانية أو للمواطنين، وإعداد حملات توعية مستمرة عبر وسائل الإعلام المختلفة، مع نشر وتوزيع نشرات دعائية توضح كيفية الوقاية من فيروس كورونا.