مأساة المعتقلين وذويهم.. عرض مستمر في عهد السيسي وعصابته

- ‎فيحريات

"خارج مصر المنتقدون يتحدثون بحرية وداخلها العائلات تدفع الثمن"، هكذا استهل الكاتب ديكلان وولش تقريره في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وقال إن المسئولين في مصر يسجنون أقارب المعارضين البارزين للسيسي في المنفى.

وضرب الكاتب مثلا بأحدث محاولات النظام العسكري في مصر لإسكات كل المعارضة في الخارج، بما تعرضت له أسرة المدون المصري عبد الله الشريف ردا على ما نشره، في مارس الماضي، من مقطع فيديو مروع لضابط في الجيش، وهو يقطع إصبع جثة شاب مجهول ويضرم فيها النار، حيث اقتحمت قوات الأمن منزل عائلة الشريف في مدينة الإسكندرية واعتقلت شقيقيه.

وأشار والش إلى ما تقوله منظمات حقوق الإنسان، من أن نظام السيسي الذي خنق كل نقد داخلي يحاول الآن إسكات المنتقدين في الخارج بسجن ذويهم في مصر، وأنها منذ بداية العام الماضي اعتقلت أقارب نحو 15 معارضا في المنفى، حيث حطم رجال الأمن الأبواب الأمامية وصادروا النقود وجوازات السفر، وأجبروا الوالدين على تسجيل فيديو يشجبون فيه نجلهم، وتمت إذاعته على الفضائيات، واحتجزوا آباء وإخوة، واتُّهم العديد منهم بالإرهاب وسُجنوا.

وأضاف "والش" أن السيسي سجن معارضيه داخل مصر وقهر وسائل الإعلام، واستحوذت أجهزة مخابراته على حصص في أكبر شبكات التلفزة الخاصة، وحجبت أكثر من 500 موقع إلكتروني، بل راقبت المسلسلات التلفزيونية الشهيرة التي يلتف حولها المصريون حاليا خلال شهر رمضان المبارك.

ومع ذلك أردف الكاتب أن قبضة النظام الحديدية على وسائل الإعلام المصرية والمواد المشابهة التي تبثها كل القنوات الخاصة والموالية له، ربما تكون قد ساعدت دون قصد في تعزيز صورة وسائل الإعلام والمدونين المقيمين في الخارج، مستشهدا بما قاله المحاضر في سياسات الشرق الأوسط بكلية دورتموث، عز الدين فشير، بأن النظام المصري يقدم هدية لمعارضيه من الإسلاميين، بحسب وصفه.

وأوضح أنه إذا كانت كل القنوات التلفزيونية تقول الشيء نفسه، وجميع الصحف تحمل العنوان، نفسه فأنت بحاجة على الأقل إلى شخص يسخر من النظام، وهم يجدون ذلك في هذا المنافذ الإعلامية التي تبث من الخارج .

وفي السياق ذاته أثارت صورة الدكتورة ليلي سويف، أستاذ الرياضيات بجامعة القاهرة ووالدة الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، وهي تفترش الأرض أمام السجن انتظارا لزيارته والاطمئنان عليه، غضبا واسعا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد دخول علاء عبد الفتاح يومه الثلاثين مضربا عن الطعام؛ احتجاجا على حبسه احتياطيا وحرمانه من الزيارات، فيما تتفاقم مأساة والسجون المصرية كل يوم، وسط غموض عن وضع السجناء بعد منع الزيارات بقرار من وزارة الداخلية، منذ منتصف مارس الماضي، للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، على حد زعمهم، وكذلك تعنتهم مع الأهالي ومنع دخول الأطعمة والأدوية وأدوات النظافة، مما يعرض حياة السجناء للخطر.

مأساة المعتقلين

وقال محمود جابر، مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، إن صورة والدة علاء عبد الفتاح وهي تفترش الأرض أمام السجن في انتظار السماح لها بإدخال الأدوية لولدها تلخص مأساة المعتقلين وذويهم في مصر بشكل عام، وهي نموذج من النماذج التي تفترش الأرض في مصر كلها في انتظار زيارة ذويهم داخل سجون الانقلاب، والذين يزيد عدهم على 60 ألف معتقل .

وأضاف جابر، في مداخلة هاتفية لبرنامج ليالي وطن على قناة وطن، أن سلطات الانقلاب رأت أن منع الزيارة إجراء احترازي، خاصة السياسيين، لأنهم بالأساس ممنوع عنهم الزيارات، لكنها تمثل كارثة بحد ذاتها؛ لأنه أغلق على الأمراض والبيئة غير الصحية والوضع المتردي للسجون المصرية، مضيفًا أن العديد من المنظمات الحقوقية قدمت تقارير سيئة حول الأوضاع داخل السجون المصرية، وكيف أنها تمثل بيئة غير صالحة لأن يعيش فيها كائن حي .

واستنكر جابر قرار منع الزيارات الذي فرضته سلطات الانقلاب بدعوى الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، مضيفا أن هذه العزلة ومنع الدواء زادت من معاناة المعتقلين بعد منع الطعام الخارجي والأدوية، ما دفع المعتقلين إلى اللجوء إلى طعام السجن غير الآدمي، كما منعت عنهم التواصل، كما منعت دخول الأدوية التي لا تتوافر داخل السجن، وهناك حالات وفاة وقعت خلال الفترة الماضية جميعها تشوبها شبهات جنائية، ولم تجر النيابة العامة أي تحقيقات في حالات الوفاة، وكان آخرها وفاة الفنان الشاب شادي حبش.

عبث بحقوق الإنسان

وأوضح أن الواقع المصري وممارسات الحكومة وسكوتها عن احتفالاتٍ وتجمعاتٍ، وسماحها لهذه التجمعات دون تعليق يمثل قمة التناقض والعبث بحقوق الإنسان، مضيفا أن عبد الفتاح السيسي أصدر قانونا جديدا يحرم فيه فئة كبيرة من العفو الرئاسي، تحت ما سماه قضايا الإرهاب، في الوقت الذي تطالب فيه المنظمات الحقوقية بالإفراج الشرطي عنهم.

وأشار جابر إلى أن جميع دول العالم بدأت تنخفض فيها حالات الإصابة بكورونا، بينما ترتفع الأعداد في مصر، ما دفع المنظمات الحقوقية لإطلاق نذير وإنذار خطر بأن انتشار الوباء في السجون يمثل كارثة إنسانية، مضيفا أن أنباء وردت حول ظهور حالات إصابة بكورونا داخل السجون، وسط تكتم شديد من سلطات الانقلاب.