مجزرة الدعاة.. لماذا قتل ابن زايد 30 داعية في اليمن؟

- ‎فيتقارير

رغم أزمة الحرب في اليمن وتبعاتها الخطيرة التي أسفرت عن قتل 91 ألف يمني، بحسب منظمات دولية، فإن هناك جرائم مروعة لتحالف القتلة الذي تقوده الرياض وتشارك فيه الإمارات باليمن، وتعتبر الإمارات أهم شريك وحليف عسكري للسعودية في حربها التي تخوضها في اليمن، منذ مارس 2015، حيث خلفت تلك الحرب الآلاف من القتلى، بالإضافة إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب تقرير للأمم المتحدة، ما ولد استياءً دوليًا واسع النطاق ضد الرياض وأبوظبي.

وخسرت الإمارات كثيرًا خلال السنوات الخمس التي شاركت فيها في حرب اليمن ضد الحوثيين، سواء من جنودها أو من سمعتها الخارجية التي أصبحت سيئة جدًا، وكذا الخسائر المادية، إلا أن النيابة العامة في عدن وجهت تهمة الضلوع بالقتل والتخطيط لعمليات اغتيال بحق دعاة وسياسيين يمنيين، لرجل الإمارات الأول بالجنوب، هاني بن بريك، وقالت النيابة العامة اليمنية إن “التحقيقات تكشف ضلوع ابن بريك بالتخطيط لعمليات اغتيال لدعاة وسياسيين في اليمن”.

أذرع أبوظبي

وزادت النيابة العامة بالقول إن “ابن بريك المدعوم إماراتيا يقف وراء تصفية 30 داعية في اليمن”، ومن شأن التهم الموجهة لابن بريك في حال صدورها وثبوتها في المحكمة توجيه حكم الإعدام له ولمعاونيه، وتأتي هذه التهم لابن بريك بعد تصاعد المطالبات الشعبية بمحاسبة قتلة العلماء والساسة اليمنيين، واتهام ابن بريك بالوقوف خلفها بدعم من الإمارات.

ومنذ شهور ينفذ أهالي المعتقلين والمخفين قسريا في اليمن اعتصامات مفتوحة في مدينة عدن؛ للمطالبة بالإفراج عن ذويهم في السجون السرية التي تديرها القوات الإماراتية وحلفاؤها في المدينة الساحلية الجنوبية، وشهدت عدن مظاهرات هتفت بشعارات تناهض السجون السرية واستمرار اختفاء واعتقال أبناء المدينة، ورفع المتظاهرون لافتات لأول مرة، تتهم القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات هاني بن بريك، بقتل العلماء ومشايخ الدين في عدن.

وجاءت هذه الوقفة استجابة لدعوة أطلقها أهالي المعتقلين والمخفين في سجون عدن، التي تديرها القوات الإماراتية وقوات محلية أخرى مدعومة منها، وقال بيان صادر عن المحتجين: إن “هذه الخطوة التصعيدية التي سوف تستمر أتت عقب تجاهل للمطالب الحقوقية والإنسانية للمختطفين منذ أكثر من 19 شهرا”.

قتل حمساوي

وتمضي جرائم الإمارات باليمن خطوة أبعد من قتل الدعاة، فبعد أربعة أيام من اختطافه وتعرضه للتعذيب الشديد، وضعت أجهزة المخابرات الإماراتية الموجودة في اليمن حدًا قاسيًا لأحد الفلسطينيين العاملين بالمجال الإنساني، بقتله بدم بارد ورمي جثته في شوارع مدينة مأرب في اليمن.

الشاب الفلسطيني “سليم معروف”، البالغ من العمر 36 عامًا كان شاهدًا على الجرائم التي ترتكبها القوات الإماراتية في اليمن، بعد اختطافه من قبل قوات يمنيه مسلحة موالية للإمارات من داخل المطار، ووضعه في سجونها لمدة 4 أيام تحت التعذيب والتحقيق الشديدين.

وبحسب عائلة الشاب “معروف”، والتي تسكن في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، فإن القوات الإماراتية العاملة في اليمن كانت المسئولة الأولى عن اختطاف وتعذيب وقتل ابنها “سليم” وبدم بارد، ودون أي رأفة لجنسيته أو حتى النظر للعمل الإنساني الذي كان يقوم به طوال 15 عامًا.

التفرغ لحفتر!

ويبدو أن تداعيات تخفيض الإمارات قواتها في اليمن لن تقتصر على زعزعة تحالفها مع السعودية، في مرحلة تشهد توترًا شديدًا مع إيران، بل قد تمتد إلى تقليص سياستها في المنطقة القائمة على التدخل، مقابل حديث عن رغبة إماراتية في “التفرغ” للملف الليبي، وفق خبراء.

بوتيرة متسارعة، تتردد أنباء عن نية أبو ظبي الانتقال في اليمن من “استراتيجية عسكرية” إلى خطة تقوم على تحقيق “السلام أولاً”، في ظل حديث عن تدخل مسؤولين سعوديين، لمحاولة ثنيها عن قرار الانسحاب، وشعور الرياض “بخيبة أمل كبيرة”.

كلفة الحرب الكبيرة في اليمن، يراها خبراء سياسيون وعسكريون سببًا رئيسًا في قرار أبوظبي تخفيض قواتها، ضمن مراجعة شاملة لسياساتها الخارجية، تمهيدًا لإعادة تموضع إقليمي استراتيجي، وعزا الخبراء ذلك إلى كون الإمارات ليست بـ”الدولة الكبيرة”، التي يمكنها التعاطي مع أكثر من ملف في آن واحد، وهو ما أظهرته أوراقها المبعثرة في المنطقة، التي تشهد استقطابًا حادًا في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لتداعيات القرار، توقع خبيران عسكريان “انسحاب تدريجي” إماراتي من الملفين الليبي والسوداني، خلال الفترة المقبلة، لكن خبيرًا آخر بالشأن الليبي استبعد نية أبو ظبي الانسحاب من البلد العربي الغني بالنفط ليبيا، وربط بين تراجعها في اليمن ورغبتها في “التفرغ” للملف الليبي، عبر دعم حليفها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد قوات شرقي ليبيا، وتعاني ليبيا، منذ 2011، من صراع على الشرعية والسلطة، يتركز حاليًا، بين حفتر وحكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليًا.