مطالب قضائية بعزله.. لماذا يتمسك المنقلب بوزير الزراعة رغم فساده المفضوح؟

- ‎فيتقارير

ملف فساد وزير زراعة السيسي ممتلئ بالوقائع والكوارث أمام القضاء، عن وقائع مخالفات وفساد بالجملة متهم بارتكابها خلال توليه منصبه الوظيفي، قبل توليه منصبه الوزاري مباشرة، وتغاضي الجهات السيادية والتحريات الأمنية عنه عند اختياره وزيرا.
ملف الفساد مرفق في دعوى قضائية أقيمت في مجلس الدولة تطالب بعزل وزير الزراعة "السيد القصير" من منصبه الوظيفي، الذي كان يتقلده وقتها كرئيس للبنك الزراعي المصري، قبل تقلده منصبه الوزاري مباشرة، وذلك لارتكابه وقائع فساد ومخالفات مالية وإدارية بالجملة، تمثل فسادا ماليا وإداريا، وتسببه في خسائر وتدني مستوى البنك، وارتفاع مديونياته، وإضراره بالمال العام، وذلك بالاشتراك مع رئيس قطاع الجيزة بالبنك، وتغاضي الجهات السيادية والتحريات الأمنية عن كل هذه الجرائم التي ينظرها القضاء وتعيينه وزيرا للزراعة.

بحسب مصادر قانونية، الدعوى القضائية مقامة من قبل مسئولين في البنك الزراعي، وهم كل من "رئيس وحدة التنمية والائتمان بالبنك الزراعي المصري فرع أوسيم محمد مصطفى عبد الكافي عبد الواحد، وأخصائي ائتمان بالبنك الزراعي المصري فرع أوسيم نيكسون عزت توفيق أبانوب، وصراف خزينة بالبنك الزراعي المصري فرع أوسيم أحمد إبراهيم محمد داود"، وقد أقيمت الدعوى من المحامية رضا بركاوي بصفتها وكيلة عنهم.
الدعوى التي كشفت عن وقائع الفساد، حملت الرقم (24197 لسنة 72 شق عاجل)، واختصمت كلا من رئيس الوزراء ووزير الزراعة ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي، وطالبت بعزل رئيس البنك الزراعي بناء على المخالفات التي كشفوا عنها، وبدلا من ذلك يتم تعيينه وزيرا للزراعة بدلا من عزله ومحاكمته. وذكرت الدعوى في بدايتها أنه في غضون شهر مارس 2016 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين "السيد القصير" رئيسا للبنك الزراعي المصري، وذلك بعد ترشيحه من قبل وزير الزراعة، وكان الغرض من تعيينه هو إنقاذ البنك من كبوته وتعثره المالي، إلا أن "القصير" زاد الأمر سوءا وازداد تعثر البنك بكافة فروعه، واستغل منصبه في الإضرار بالمال العام، وقام بتوزيع المناصب على "المحاسيب والمقربين" منه بالمخالفة للقوانين، وازدادت مديونية البنك، وارتكب العديد من المخالفات، وفقا لنص الدعوى القضائية.
وكشفت الدعوى عن الجرائم التي تمثلت في أنه قام بتعيين "المقربين والمحاسيب" كمستشارين له بعد بلوغهم سن المعاش، بما يتنافى مع مصلحة البنك، فقد قام بتعيين "رياض نجيدة" رئيس قطاع الرقابة والتفتيش، و"طه محمد طه" مستشار قطاع مكتب رئيس مجلس الإدارة، بالإضافة إلى العديد من المستشارين مما شكل عبئا ماليا على البنك، لتعيينهم بمبالغ مالية ضخمة، حيث خصص سيارة "فارهة" لكل مستشار بإيجار شهري قدره 17 ألف جنيه، على الرغم من الحالة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. كما أوضحت الدعوى أن الدولة قامت بإطلاق المشروع القومي للحماية "البتلو"، وخصصت له وزارة المالية في المرحلة الأولى مبلغ 100 مليون جنيه من إجمالي 300 مليون جنيه، لرفع الإنتاجية من اللحوم الحمراء، إلا أن "السيد القصير"، والمسئول عن توزيع مراحل المشروع بالمحافظات خالف جميع الأعراف المعمول بها.

حيث قام بالتوزيع بنظام "الأهواء" واختص مسقط رأسه بمحافظة الغربية بنصيب الأسد بمبلغ 53 مليون و982 ألف و500 جنيه من إجمالي مبلغ الـ 100 مليون جنيه المخصصة للمرحلة الأولى من المشروع، في الوقت الذي خصص فيه مبلغ 10 مليون و22 ألف و500 جنيه فقط لمحافظات الصعيد كلها، وهو ما يعد تصرفا في أموال الدولة طبقا لأهوائه الشخصية دون مراعاة الفقراء والمحافظات الفقيرة، وبالمخالفة للقواعد واللوائح. وقام "القصير" أيضا بتعيين "معتز عبد النبي" في منصب مدير إدارة الأمن قطاع الجيزة، برغم ارتكابه لمخالفات مالية جسيمة وصدور قرار بالتحفظ على أمواله من البنك المركزي.
وأوضحت الدعوى أن الصندوق التأميني للعاملين بالبنك الزراعي المصري والذي تتعدى استثماراته المليار جنيه، والقائمين عليه يحصلون على أجور رغم مخالفة ذلك للقانون، والأدهى من ذلك عدم الإعلان عن استثمارات الصندوق والقيمة الفعلية الموجودة على الرغم من أن هذا الصندوق ملكية خاصة للعاملين، حيث يتم احتجاز جزء من مرتباتهم لصالح هذا الصندوق حتى يحصل كل موظف بعد خروجه على المعاش على مبلغ مالي، وغياب الشفافية في هذا الأمر يثير العديد من التساؤلات حول استثمارات الصندوق والعائد منها وكيف يتم التصرف فيها، خاصة وأن رائحة الفساد قد تفشت.
وذكرت الدعوى أن "القصير" قام بتعيين "سمير عبده قاسم عيسى" في منصب رئيس قطاع الجيزة بالبنك الزراعي المصري، وذلك دون مسابقة ودون امتحانات وذلك بالمخالفة للقانون، على الرغم من وجود كفاءات كثيرة بالبنك، وذلك لكونه من المقربين منه. وأوضحت الدعوى أن البنك في عهد "القصير" تعثر في سداد المديونيات وازداد سوء ولا تظهر بادرة إصلاح واحدة ف يه، وجميع هذه الأ مور تجعل قرار تعيينه قد تنافى مع المصلحة العامة، وهي المنشودة في أي قرار إداري، خاصة وإنه لم يستطع القضاء على الفساد المنتشر في كافة قطاعات البنك.

مخلفات عام 2018
كما كشفت الدعوى أن "سمير قاسم" المعين من قبل "القصير" في منصب رئيس قطاع الجيزة بالبنك الزراعي المصري، ارتكب العديد من المخالفات على الرغم من أنه عين في بداية عام 2018، مستغلا علاقته برئيس البنك الذي قام بتعيينه، حيث قام باستغلال سلطته وقام بتعيين "محمود شاكر إبراهيم" رئيسا للحسابات بالبنك فرع قرية أوسيم، على الرغم من أن الأخير كان متهما في مخالفات مالية جسيمة، وكان "قاسم" عضوا باللجنة التي حققت في مخالفات رئيس الحسابات المعين، وذلك على الرغم من أن القانون يحظر تعيين من سبق اتهامهم في مخالفات مالية، في مناصب لها علاقة بالماليات. واستغل "قاسم" سلطته، وقام بإيقاف 4 من صغار الموظفين بالبنك فرع أوسيم دون تحقيق، ولوح باستخدام سلطته وأنه يملك من العلاقات والسلطات التي تمكنه من الزج بهم في السجون. وقام بإرغام مقيمي الدعوى بالتوقيع على إقرار بمسئوليتهم عن أي نقص بأموال البنك، وهددهم بالفصل في حالة عدم التوقيع، كما قام بإبعاد اللجنة المشكلة من البنك الرئيسي عن موقع الحدث بالبنك فرع أوسيم، بالمخالفة للقانون، إذ كيف للجنة أن تدرس ملفات البنك دون أن تكون في مكان الملفات. وأصدر قرار إيقاف 7 موظفين بالبنك، إلا أنه لم ينفذ سوى على صغار الموظفين، وظل كلا من رئيس الحسابات في البنك وكذلك مدير البنك على الرغم من أن وجودهم بالبنك يؤثر على كافة الملفات بالبنك خاصة وأنه جعل من رئيس الحسابات وهو المتهم الأول بالتلاعب في حسابات العملاء، أمينا على الخزنة وترك الملفات وكافة المستندات تحت يده مما يشكل خطورة على هذه الملفات. كما قام باضطهاد مقيم الدعوى الثاني كونه مسيحي الديانة ورفض إخلاء طرفه على الرغم من أن اللجنة المشكلة من البنك الرئيسي طلبت من المدعي الثاني إخراج جميع الملفات وتركها على المكاتب، وكان ذلك يوم 18 يناير 2018، ومنعه من دخول البنك ومباشرة عمله، ومن ثم أصبحت الملفات دون رقيب أو حسيب، وعرضه للتلف والتلاعب. لماذا يتمسك السيسي بالفاسدين؟

الاتهامات الموجهة
ورغم الاتهامات الموجهة للقصير والتي تطفي لعزله من وظيفته العامة، إلا أن السيسي يتمسك به، في إقرار برعاية السيسي ونظامه للفاسدين، والذين يسهل قيادتهم وإجبارهم على تنفيذ تعليمات النظام حتى لو كانت خاطئة، وهو ما يمكن قراءته من خلال العديد من ملفات الفاساد المتجرة حول السيسي، سواء في مشاريع القصور الرئاسية أو العاصمة الإدارية أو مشروع الجلالة والعلمين.

وعرف عن القصير العديد من المواقف والتصريحات المؤيدة لكل سياسات السيسي، سواء في الإزالات وهدم المنازل، أو في مشروع المليون ونصف فدان الفنكوش الذي لن يتحقق بزمن سد النهضة، وتوالت مواقف القصير فيما يخص أزمات المياة وزرعة المحاصيل وأزمة زراعة الأرز التي حولت الآلاف المصريين من الفلاحين الكادحين إلى النيابة والحبس والغرامة، ولعله من دلائل قربه للسيسي، رفضه الاستجابة لمطالبات نواب برلمان السيسي لحضوره للبرلمان لمناقشة أزمة نقص الأسمدة وارتفاع أسعارها، ولكن حماية السيسي منعت توجيه أي إدانة للقصير.

داعم قوي للمنقلب
كما أسهم القصير في تبوير العديد من أراضي جزيرة الوراق مطمع السيسي والإمارات، حيث جرى تحويل 300 فدان من زراعية إلى تبوير تام لتسهيل استيلاء الجيش عليها، إضافة لذلك فإن فساد وزير الزراعة، يؤمن اللواءات المقربين من السيسي لاستيراد المحاصيل الاستراتيجية الفاسدة، حيث يتمتع القصير برئاسة لجان فحص الأقماح المستوردة من روسيا والمصابة بالإرجوت… ومن ثم تحتل مصر مراكز متقدمة في الفساد الكامل، وفق التصنيفات الدولية، رغم حلف السيسي أغلظ الأيمان بأنه أمين ونزيه، إلا أن الأيام تثبت أنه راعي الفساد والحرامية.