مع تصاعد الحراك الثوري.. حماية المتظاهرين في مواجهة إجرام العسكر مسئولية من؟

- ‎فيتقارير

مع تواصل المظاهرات المطالبة برحيل قائد الانقلاب الدموى عبد الفتاح السيسي فى محافظات الجمهورية لليوم الرابع على التوالى وإسقاط حكم العسكر، صعّدت ميلشيات الانقلاب الدموى اعتداءاتها على المتظاهرين وانتهاك حقوق الإنسان، خاصة حق التظاهر واعتقلت المئات بدون وجه حق، بل لجأت فى بعض المناطق إلى اطلاق الرصاص الحى والخرطوش والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المظاهرات بالإضافة إلى مداهمة المنازل وانتهاك الحرمات.

مع كل هذه الانتهاكات يثور التساؤل من يحمى المتظاهرين من عنف وارهاب ميلشيات الانقلاب؟ وإذا كانت حرية التظاهر حقا قانونيا ودستوريا فلماذا تلقى قوات السيسي القبض على المتظاهرين؟ وأين المنظمات الأممية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع لها من هذه الانتهاكات؟ ولماذا لا تتحرك أم انها منحت السيسي تفويضا لقتل المتظاهرين واعتقالهم؟

كان رجل الأعمال والفنان "محمد علي" قد دعا إلى تنظيم تظاهرات بمناسبة ذكرى احتجاجات 20 سبتمبر 2019، وشهدت مدن وقرى الجمهورية مظاهرات واحتجاجات مطالبة بإسقاط النظام ورحيل السيسي وبدأت هذه المظاهرات في الذكرى السنوية الأولى لاحتجاجات 20 سبتمبر، لكن رجل الأعمال "محمد علي" سرعان ما طالب المحتجين بمواصلة مظاهراتهم وتوسيع رقعتها.

وشهدت محافظة الجيزة عدة مظاهرات في قريتي "كفر قنديل" و"الكداية" بمدينة أطفيح، وقرية "العطف" بمدينة العياط، وقرية دهشور بمدينة البدرشين، وحي الطالبية بمنطقة فيصل.
كما تم تسجيل مظاهرات في منطقة المطرية وقرية دار السلام بحافظة الفيوم ومدينة طهطا بمحافظة سوهاج ومحافظة الأقصر بجانب عدة قرى أخرى بأنحاء البلاد.

ودشن ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عددا من الوسوم لحث المتظاهرين على مواصلة الاحتجاج والتظاهر، من بينها "#الثورة_بدأت"، و"#ارحل_يا_سيسي"، وغيرها من الوسوم التي احتلت مواقع ضمن الوسوم الأكثر تداولا في البلاد.
وبث ناشطون مقاطع فيديو تظهر استمرار الاحتجاجات الليلية في القرى والمدن، والتي تنوعت بين مناطق اعتادت على التظاهر في الأيام الماضية، مثل كفر قنديل والكداية وأطفيح، ومناطق جديدة مثل الطالبية ودهشور.

تفويض بالقمع
من جانبها نفت الأمم المتحدة أن تكون قد منحا السيسي تفويضا بالقمع والقتل أو انتهاك حقوق الانسان واعتقال المتظاهرين السلميين، ودعت المنظمة الدولية إلى ضرورة أن يُسمح للناس بالتعبير عن أنفسهم، وأن تنصت حكومة الانقلاب للشعب.

وخلال مؤتمر صحفي للمتحدث باسم المنظمة ستيفان دوجاريك، قال أحد الصحفيين إن عدد "المعتقلين السياسيين" في دولة العسكر يتراوح بين 60 ألفا و100 ألف سجين، وتساءل إن كان الصمت الأممي إزاء هذا الوضع يمثل "تفويضا" بالمضي قدما في سياسات القمع.
وأجاب دوجاريك: لا نمنح تفويضا بالقمع أيا كان البلد الذي نتحدث عنه، لا ينبغي لأحد أن يحصل على تفويض مطلق لخنق حرية التعبير العام أو التعبير السياسي.

وتابع أعتقد، كما قال الأمين العام (للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش) بوضوح شديد إنه لا ينبغي أن يكون أي شخص في القرن الـ 21 في السجن بسبب ما يعتقده أو بسبب آرائه السياسية. وشدد على ضرورة السماح للناس بالتعبير عن أنفسهم، وأن تنصت الحكومات للشعوب.

كما دعت منظمة العفو الدولية إلى إطلاق نشطاء مصريين تم توقيفهم العام الماضي، على خلفية دعوة للاحتجاج في 20 سبتمبر 2019. وقالت المنظمة الحقوقية إن يوم 20 من الشهر الجاري يوافق الذكرى السنوية لأكبر حملة ضد المحتجين في مصر منذ انقلاب السيسي.
وأضافت: اعتُقل ما لا يقل عن 4 آلاف شخص العام الماضي بينهم صحفيون ونشطاء لم يشاركوا حتى بالاحتجاجات.. يقبع العديد منهم في السجن بتهم لا أساس لها تتعلق بالإرهاب.

150 معتقلا
وحول الاعتقالات الآخيرة خلال اليومين الماضيين كشف المحامي الحقوقي خالد علي، أن عدد الذين وصلوا إلى نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق على هامش أحداث 20 سبتمبر 2020، حتى مساء أمس الثلاثاء، بلغ 150 شخصا.
وقال خالد علي فى تصريحات صحفية، إن جميع المعتقلين يتم التحقيق معهم على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.

وأشار إلى أن الاتهامات الموجهة لجميع المعتقلين، هي، الانضمام لجماعة إرهابية، بث ونشر إشاعات وأخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل. ولفت خالد علي إلى إضافة تهمة التمويل لبعض المعتقلين، بينما تم إضافة اتهامات بالتجمهر والتحريض والبعض الآخر وجهت له اتهامات بالتعدي.
وأضاف أن نيابة أمن الدولة العليا كانت قد قررت أمس حبس ٢٥ شخصا ١٥ يوما احتياطيا مشيرا إلى أن أغلبهم من منطقة البساتين وحدها، والتى شهدت تجمعات على مدار يومي 20 و21 سبتمبر.

حرية الفكر
وقالت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن نيابة أمن الدولة العليا، حققت مع 13 من المقبوض عليهم على هامش مظاهرات 20 و21 سبتمبر الجاري، وقررت حبسهم 15 يوما احتياطيا على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020 حصر أمن دولة.

وأضافت حرية الفكر والتعبير فى بيان لها، إن النيابة لفقت للمعتقلين تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، استخدام حساب على شبكات التواصل الاجتماعي بغرض نشر أخبار كاذبة، تمويل جماعة إرهابية، الاشتراك في تجمهر، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، التعدي على موظفين عموميين وفق تعبيرها.

حق مشروع
فى المقابل دعا علي محيي الدين القره داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى حماية المتظاهرين في مصر والاستجابة لمطالبهم، مشددا على أن الاعتداء عليهم محرم شرعا، مشيرا في تدوينة على "فيسبوك"، إلى "8 نقاط مهمة" تتعلق بما يجري في "مصر الحبيبة" من احتجاجات، أولها أن التظاهر السلمي حق مشروع في جميع الشرائع والمواثيق الأممية.

وفي ثاني وثالث هذه النقاط، قال: نطالب بحماية المتظاهرين في مصر وغيرها مؤكدا أن الاعتداء على المتظاهرين محرم شرعا.
وشدد "القره داغي" في النقطة الرابعة على أن من قتل نفسا بريئة واحدة "كمن قتل الناس جميعا)"، لافتا في الخامسة إلى إجماع المسلمين على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأوضح في النقطة السادسة أن من قُتل في سبيل إيصال الحق ومنع الظلم والطغيان يدخل في قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، ورجل قام إلى إمام فأمره ونهاه فقتله).

وتابع "القره داغي" في النقطة السابعة : هؤلاء المتظاهرون دفعهم الظلم والفقر والفشل السياسي الاقتصادي والغذائي والصحي وهدم البنيان والمساجد والتنازل عن أراض مصرية وعن حق مصر في النيل الذي هو كما يقال مصر هبة النيل، فينبغي حمايتهم لا قمعهم فهم في ألم.
واختتم تدوينته بالنقطة الثامنة، قائلا: نطالب بالاستجابة لمطالب الشعب، ونطالب شرفاء العسكر والشرطة في مصر بالقيام بواجبهم نحو شعبهم العظيم صاحب الحضارات المتعددة " ولا تهنوا ولا تحزنوا".

دفعة معنوية
وقال أحمد رامي الحوفي نقيب صيادة القليوبية السابق إن مظاهرات 20 سبتمبر تحمل رسالة تحدٍّ من الشعب إلى النظام تؤكد أنه رغم القبضة الأمنية ما زال قادرا على النزول إلى الشارع للاحتجاج.

وأضاف الحوفي فى تصريحات صحفية أن المظاهرات بعثت كذلك رسالة إلى المعارضة مفادها أن المحتجين يفتقدون إلى القيادة التي توجههم، وفي الوقت نفسه دللت الاحتجاجات على أن المعارضة من الخارج بإمكانها أن تكون فاعلة ومؤثرة.
ولفت إلى أن كثيرا ممن شاركوا في المظاهرات أعمارهم لا تتجاوز 15 عاما، أي أنهم لم يشهدوا ثورة يناير، موضحا أن صغر أعمار المحتجين يعني أن النظام في مأزق كبير لن يستطيع تجاوزه مهما طال الوقت.

واعتبر أن المظاهرات تقدم دفعة معنوية كبيرة للشعب وقوى المعارضة، فيما تخصم من رصيد نظام الانقلاب لدى القلة التي تؤيده وتهز ثقته بذاته.