“منع الصلاة في المساجد”.. هل حوّل العسكر تدابير كورونا من إجراء احترازي إلى قمع ديني؟

- ‎فيتقارير

وزير الأوقاف في حكومة الانقلاب العسكري، محمد مختار جمعة، وجهٌ مصغرٌ للطغيان والقمع ربما أراد أن يفوق سيده جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، وكان الأشد إثارة لغضب المصريين في الأسابيع الماضية بتصريحات وقرارات رآها المراقبون والسياسيون غير منطقية، وتوحي بنوع من التشدد والمغالاة، محذرين من تبعاتها على المجتمع المصري.

وأقرت حكومة الانقلاب مجموعة من القرارات من ضمنها إغلاق المدارس ودور العبادة والمراكز التجارية وغيرها من المنشآت، كما تطبق قواعد العزل المنزلي والتباعد الاجتماعي في الأماكن العامة، إلا أن صناعة الدراما التي يحتكرها جهاز المخابرات العامة، والذي يديره ذراع السفيه السيسي اللواء عباس كامل، لا تبدو مهتمة بهذا الوضع، حيث استمر تصوير مسلسلات رمضان دون توقف!.

فيما يبدو كأنه كوكب مختلف، واصل صناع الدراما في مصر عملهم بمباركة سلطات الانقلاب، وعقدت مدينة الإنتاج عموميتها وناقشت ميزانيتها، كذلك لجأ صناع المسلسلات إلى حيل خاصة بهم كي يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم تجاه القنوات في الشهر الكريم.

دراما المخابرات

واعتمدت شركتا الإنتاج “سينرجي” المخابراتية، و“العدل جروب”، عددا من الشروط الواهية خلال التصوير، منها عدم المصافحة وحفظ المسافة بين الأشخاص واتباع سبل نظافة وتعقيم اليدين.

وأعلنت مدينة الإنتاج الإعلامي التي تشهد تصوير عدد من المسلسلات عن تعقيمها أماكن التصوير يوميا، وإجراء فحوص قياس درجة الحرارة عن بُعد لكل من يدخل أو يخرج من المدينة، وتتابع الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تصوير 16 مسلسلا لديها، في ظل غياب أي قرار من سلطات الانقلاب بوقف التصوير!.

وكان نقيب المهن التمثيلية، أشرف زكي، قد أعلن في مداخلة هاتفية لبرنامج “مصر في القلب” على قناة المحور، عن أن تصوير المسلسلات مستمر، كما تحدث عن بعض الإجراءات الاحترازية التي نصت عليها النقابة مثل تأجيل مشاهد المجاميع وتقليل عدد العاملين، بالإضافة إلى تعقيم أماكن التصوير، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات تُنفذ بالفعل أو إذا ما كانت هناك رقابة على تنفيذها.

كما انتشر فيديو له يصف فيه الفنانين بـ”الجنود المحاربين” الذين يخاطرون بحياتهم من أجل إسعاد الناس، وهو الأمر الذي قوبل بسخرية من البعض.

وعلى نقيض جهاد الممثلين في دراما رمضان، أفادت دار الإفتاء في حكومة الانقلاب، على سؤال حكم ترك صلاة الجمعة والجماعة وغلق المساجد وقت انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19”، قائلة: “لا شك أن خطر الفيروسات والأوبئة الفتاكة المنتشرة وخوف الإصابة بها أشد، خاصة مع عدم توافر دواء طبى ناجع لها، لذا فالقول بجواز الترخيص بترك صلاة الجماعات فى المساجد عند حصول الوباء ووقوعه بل توقعه أمر مقبول من جهة الشرع والعقل”.

وعلى الرغم من أن معظم الدول العربية والإسلامية قاموا بإغلاق المساجد بسبب جائحة كورونا؛ إلا أن قرارات المخبر “جمعة” بإغلاق المساجد، والتحذير الدائم من فتحها، وعقاب من أدوا صلاة الجمعة أمام المساجد، ومنع صلاة التراويح، والتهديد بفصل الأئمة؛ أغضبت المصريين.

وجاء قراره السريع بإقالة المتحدث باسم الوزارة، بعد ساعات من إعلان الأخير عن دراسة الأوقاف فكرة صلاة التراويح بالمساجد للأئمة والعاملين فقط، ليزيد من حالة الغضب، خاصة أن السعودية أعلنت تطبيق الفكرة ذاتها بالحرمين الشريفين.

خطاب مضاد للدين

واستفز آخر تصريح لجمعة مشاعر المصريين عن منع قراءة القرآن بالمساجد قبيل أذان المغرب والفجر، وهي العادة المصرية الخالصة على مدار عقود، ما دفعهم لإطلاق هاشتاج “#اقاله_وزير_الاوقاف”، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهته، قال الباحث مصطفى خضري: إن “السيسي ومنذ اعتلائه سدة الحكم وهو يتبنى خطابا سياسيا وإعلاميا مضادا للدين الإسلامي، في توجه يعجب داعميه الإقليميين ابن سلمان وابن زايد”.

وأضاف: “سعى السيسي للبحث عمن يتماهى مع هذا التوجه ويشاركه فيه، خاصة بعد صدام الجنرال مع شيخ الأزهر ومسانديه من هيئة كبار العلماء بأكثر من موضع”.

وأكد رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام “تكامل مصر”، أن السيسي “وجد ضالته بوزير أوقافه مختار جمعة”، مشيرا إلى أن “الرجل ضعيف الشخصية قليل العلم، ويمثل الواجهة المثالية لمشروع الجنرال، حتى إنه يزايد على توجهات السيسي نفسه طمعا في البقاء بمنصبه”.

وتابع: “ولمنصب جمعة، وجه آخر يمكن أن يفسر لنا توجهاته؛ فالرجل يتحكم بوزارة الأوقاف التي تمتلك أكبر اقتصاد ريعي بمصر تزيد قيمة أصوله على نصف تريليون دولار تقريبا”، حسب تقديرات “تكامل مصر” في مطلع 2019.

ونفى خضري أن تكون تصرفات وتصريحات هؤلاء الوزراء سببا في تآكل شعبية السيسي، قائلا: “بالعكس، فوجود مثل هؤلاء يساعد على إعادة توجيه سخط الرأي العام بعيدا عن السيسي نفسه”.

ويعتقد أنهم “يمثلون منصات رماية مثالية لتفريغ الضغوط التي تولدها سياسات السيسي داخل المجتمع، وكلما زادت رعونتهم، زادت مساحة التغطية الإعلامية المضادة لهم”.

وأكد أن هذا “يقلل من مساحة التغطية الإعلامية السلبية للجنرال، وعندما يحين الوقت المناسب يتم التخلص منهم واستبدال آخرين بهم يكملون الدور، ويجددون دماء النظام”.